فاجأ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مؤيديه ومعارضيه الأسبوع الماضي بتقديم استقالته من رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
سبب المفاجأة أن كل التحليلات والمعطيات كانت تشير إلى أن عباس متمسك بالسلطة ولن يقدم استقالته.. فما الذي حصل، وهو قدم استقالة فعلية نهائية أم أنه يناور؟!
قبل أيام دعا محمود عباس المجلس الوطني الفلسطيني إلى الانعقاد في رام الله بهدف اتخاذ قرارات سياسية وتنظيمية مهمة وبهدف إجراء إصلاحات.
للتذكير فقط، فإن المجلس الوطني الفلسطيني هو أعلى سلطة في منظمة التحرير، ويضم حوالي 500 عضو من داخل فلسطين وخارجها، ويضم أيضاً أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني الذين انتخبوا عام 2006م، وفازت “حماس” في الأغلبية، وآخر مرة انعقد فيها المجلس كان عام 1996م في قطاع غزة حين ألغيت بعض المواد التي لا تعترف بـ”إسرائيل” وتؤيد المقاومة.
بعد قيام عباس بدعوة المجلس الوطني للانعقاد صدرت مواقف رافضة، ذلك أن الدعوة يجب أن تصدر عن اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير (وليس عباس شخصياً)، وأن يحدد جدول أعمال بالتوافق مع الفصائل وهيئة المجلس، وأن تعرض أمامها تقارير سياسية ومالية وتنظيمية، كما اعترض البعض على انعقاد المجلس في رام الله تحت الاحتلال.
بالتالي وجد عباس أنه سيصطدم بعقبات كثيرة إذا دعا لجلسة عادية للمجلس الوطني، خاصة في ظل الأوضاع التنظيمية الصعبة التي تعيشها حركة “فتح”, وعدم وجود تقارير سياسية ومالية، لذلك لجأ عباس إلى الاستقالة مع تسعة من أعضاء اللجنة التنفيذية بهدف عقد جلسة استثنائية بجدول أعمال محدد، بدون تقارير، بمن حضر من الأعضاء، أي أن تتحول اللجنة إلى جلسة لمحمود عباس وليس إلى جلسة تنظيمية للمجلس تكون ذات طابع سياسي تناقش كل القضايا وتعالج أولويات القضية الفلسطينية، وتصحح مسار المؤسسات الفلسطينية وتبحث الاعتداءات “الإسرائيلية” وأوضاع الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وتعيد انتخاب أعضاء المجلس الوطني المعينين منذ 40 عاماً، وصار معظمهم فوق السبعين عاماً.
يهدف محمود عباس من وراء استقالته إلى تغيير أعضاء في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، الإمساك بالسلطة أكثر، إعادة اختيار أعضاء في المجلس الوطني، مع احتمال اتخاذ قرارات سياسية ضد حركة “حماس”، وسينعقد المجلس الوطني قبل شهر نوفمبر موعد المؤتمر السابع لحركة “فتح”، ومن المتوقع أن يستغل عباس المجلس الوطني من أجل تثبيت سيطرته على حركة “فتح” أيضاً.
ردود الفعل الفلسطينية جاءت في معظمها رافضة لدعوة عباس، فـ”حماس” و”الجهاد” لن تشاركا في الأعمال، ومعظم فصائل منظمة التحرير لديها اعتراضات سياسية وتنظيمية، المهم أن محمود عباس يثبت مرة جديدة أنه يتجاهل الجميع ويحتكر القرارات ويعمل لخدمة مصالحه، ولا يأبه بالمصالح الفلسطينية العليا.