نقابة الموظفين أعلنت إضراباً شاملاً بسبب تجاهل الحكومة لموظفي غزة
البرعاوي: استمرار أزمة التعليم يؤثر على جيل بأكمله ويترك انعكاسات خطيرة
في 24 من شهر أغسطس الماضي عاد طلبة المدارس في قطاع غزة إلى مقاعدهم الدراسية لبدء العام الدراسي الجديد, وذلك بعد قضاء مدة الإجازة السنوية التي استمرت ثلاثة أشهر, واستأنف المدرسون دوامهم ليواصلوا العمل في سلك التعليم.
لكن الإعلان عن موعد بدء العام الدراسي الجديد صاحبه إعلان وزارة التربية والتعليم عن تحذيرها من الأخطار التي تهدد العملية التعليمية, نظراً للواقع السيئ الذي يعيشه قطاع التعليم, وهو جزء من القطاعات المختلفة التي تأثرت كثيراً خلال السنوات الماضية جراء تشديد الحصار, وإغلاق المعابر, وغياب الدور الحكومي تجاه احتياجات ومطالب قطاع غزة, لكن الأزمة التي يعيشها قطاع التعليم في غزة تعد هي الأخطر على الإطلاق من جملة الأزمات التي تخيم على واقع الحياة في القطاع المحاصر, وذلك لما للتعليم من أهمية بالغة في حياة أفراد المجتمع؛ وبالتالي فإن أي خطر يواجه العملية التعليمية يؤثر على جيل بأكمله.
دمار واسع
وإلى جانب الأسباب التي أدت بواقع القطاع التعليمي إلى هذا الحال السيئ والمتمثلة في تشديد الحصار, والتهميش الحكومي, فإن العدوان الصهيوني الذي اجتاح قطاع غزة العام الماضي 2014م ساهم في تفاقم الأزمة وتعميقها, وأصبحت الأعباء الملقاة على كاهل القائمين على الوزارة في غزة لا تحتمل.
وبحسب تقرير نشرته لجنة متابعة وحصر الدمار التي شُكّلت بعد انتهاء العدوان على غزة 2014م، فقد طال الدمار الذي خلفه القصف الصهيوني العنيف أثناء العدوان 142 مدرسة حكومية، منها 23 مدرسة تضررت بشكل بالغ، بحيث لم تعد تصلح للاستخدام خلال العام الدراسي 2014 – 2015م، مقدار تكلفة إعادة إعمارها بثمانية ملايين دولار.
وبين التقرير أن حوالي 119 مدرسة أخرى تضررت جزئياً ويمكن استخدامها خلال العام الدراسي الحالي في حال تم ترميمها بأسرع وقت ممكن، وقد قُدرت قيمة إعادة إعمارها بأربعة ملايين دولار.
وبلغ حجم الخسائر في قطاع التعليم الحكومي “العام والجامعي”، بحسب تقرير فلسطيني تنموي جراء العدوان “الإسرائيلي” على قطاع غزة، بأكثر من 22 مليون دولار، حيث كانت حصيلة المدارس الحكومية من الخسائر ما يقدر بــ12 مليون دولار، والجامعات بما يقدر بــ10 ملايين دولار.
التحديات والأخطار
ويبين الوكيل المساعد في وزارة التربية والتعليم في غزة أنور البرعاوي لـ”المجتمع” طبيعة المعوقات التي تعترض العملية التعليمية في غزة وأشكالها قائلاً: هناك الكثير من الأخطار وأبرزها ما يتمثل بالمعلم, فهناك أكثر من 10 آلاف معلم لا يتقاضون رواتب, ويعيشون على الكفاف, ويتحملون مسؤوليات أسرية مثقلة في ظل استمرار الحصار, فالموظف يعيش في وضع اقتصادي صعب, وهو ما ينعكس على أدائه في المواقف التعليمية.
وأشار إلى أن هناك أكثر من 700 معلم ينتقلون في طريقهم إلى مدارسهم من جنوب غزة إلى الشمال؛ الأمر الذي يتطلب دفع مبالغ مالية مكلفة لوصولهم لعملهم, وهم لا يملكون المال الكافي لسد تكاليف المواصلات، لافتاً إلى أن الوزارة تبحث عن وسائل لتدبير نقلهم من أماكن سكنهم إلى أماكن عملهم.
ومنذ الإعلان عن تشكيل حكومة التوافق الفلسطينية في يونيو 2014م، بدأت أزمة نحو 40 ألف موظف عينتهم حركة “حماس” في حكومتها السابقة بغزة حيث ترفض حكومة التوافق الاعتراف بهم وصرف رواتبهم.
ويضيف البرعاوي في سرده للعوامل التي تشكل خطراً على التعليم في غزة، أن استمرار الحصار وعدم توافر الموازنات اللازمة لتشغيل العملية التعليمية يؤديان دوراً كبيراً في تعميق الأزمة, مشيراً إلى أن مختبرات العلوم في المدارس مهترئة ولا يستطيع المعلمون إجراء التجارب العلمية بشكل يسهل على الطلاب إدراك المفاهيم المعقدة وفهمها.
ومن الإشكاليات أيضاً، يوضح الوكيل المساعد في حديثه لـ”المجتمع” أن الوزارة تعاني من نقص في عدد المعلمين، حيث نحتاج إلى ما لا يقل عن 200 معلم في كل عام, ولكن لا يمكن الآن توظيف أي معلم, فنلجأ إلى سد الثغرات من خلال العقود المؤقتة التي نوفرها لبعض الخريجين.
تأثير الأزمة
وعن تأثير تلك العوامل والإشكاليات على الطلبة وهم العنصر الأهم في العملية التعليمية، بين البرعاوي أن ذلك يترك انعكاسات ليست هينة على المتعلمين, ويثير لديهم الإحباط واليأس وخاصة عندما تكون بعض الإشكاليات متعلقة بالمعلم نفسه، وحينها يكون صداها أقوى على المتعلمين, لافتاً إلى أن مستوى جودة أداء المعلم مرتبط بمدى ما تتوافر له حقوقه الأساسية.
تجاهل حكومي
وبخصوص العلاقة مع الوزارة برام الله، أكد د. البرعاوي عدم وجود تواصل فعال مع الوزارة, داعياً الوزارة وحكومة التوافق لتحمل مسؤولياتها تجاه التعليم بغزة من حيث صرف رواتب المعلمين والموازنات التشغيلية, إضافة إلى القيام بالضغط على الاحتلال من أجل السماح بإدخال مواد البناء لإعادة إعمار المدارس في غزة.
وعبر عن استغرابه من موقف الوزير في تعامله مع الأزمة وعدم تحمله المسؤولية الملقاة على عاتقه, مشيراً إلى أن الوزير هو وزير لغزة والضفة وليس للضفة وحدها.
ودفع التهميش الحكومي لمتطلبات التعليم في غزة واحتياجاته إعلان نقابة الموظفين في القطاع عن إضراب شامل يوم الخميس الماضي شل عمل الوزارات والمدارس الحكومية في قطاع غزة؛ احتجاجاً على ما اعتبر تنكراً من الحكومة الفلسطينية لحقوق الموظفين، وفق ما أعلنته النقابة.
إدارة الأزمة
وأوضح البرعاوي أن الوزارة في غزة تعتمد في تسيير العملية التعليمية على أمرين؛ الأول معنوي وهو المراهنة على انتماء المعلم الفلسطيني لوطنه ودينه وما يمتلك من مهارات فذة, أما الأمر الثاني فهو من الناحية المادية نعتمد على عوائد المقاصف المدرسية وهذه حال الوزارة.