أثارت التقارير الإعلامية عن الوجود العسكري الروسي في سورية مخاوف لدى المعارضة السورية من تحول بلادهم إلى “أفغانستان ثانية”.
وقال ميشيل كيلو، رئيس اتحاد الديمقراطيين السوريين المعارض: إن أي تدخل عسكري روسي مباشر في سورية سيحولها إلى قوة احتلال أجنبية أتت لتدعم نظاماً يقتل شعبه، وعليه فمن واجب الشعب السوري أن يقاوم بكل ما يملك من أدوات ووسائل وأن يطرد جيشها من وطنه.
وأضاف: نستغرب من أن روسيا لم تتعلم من درس أفغانستان الذي كان أيضاً اعتداء على شعب، وخرجوا منه مهزومين بضربات قاضية، ومن الممكن أن يتكرر ذلك في سورية، وذلك لردع عملية تشبيحية تمارسها دولة عظمى ضد شعب مظلوم كل ذنبه أنه يطالب بالحرية.
وأدان كيلو، في حديث مع وكالة أنباء “الأناضول”، الموقف الروسي الداعم للنظام، مشيراً إلى أن موسكو لم تقدم الأسلحة لسورية قبل سبع سنوات لاحتمال استخدامها ضد “إسرائيل”، أما الآن فتقدمها من أجل أن يستخدمها النظام ضد الشعب.
من جهته، دعا الناشط الإعلامي السوري المعارض، هادي العبدالله، المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه هذا التطور الذي وصفه بـ”الخطير”.
وقال: المقاتلون الروس إنما هم قوة جديدة تضاف لنظام الأسد إلى جانب عناصر “حزب الله” اللبناني، والمليشيات العراقية والإيرانية والأفغانية، لتقتل السوريين وتهجرهم، وتقف في وجه حلمهم في الوصول إلى حريتهم.
ورأى العبدالله، الذي يعتبر من أبرز الناشطين الذين يرافقون قوات المعارضة في معاركها ضد النظام، أن مشاركة قوات روسية في القتال على الأرض السورية، يعبر عن عجز نظام الأسد، وإيران، ومليشيات “حزب الله”، والمليشيات العراقية، كما يعني أن التدخل الإيراني الأخير عسكرياً أثبت فشله الذريع في مواجهة ثوار سورية، والحد من تقدمهم، لاسيما جيش الفتح الذي تقدم مؤخراً وبشكل كبير في معارك إدلب وريف حماة شمالي البلاد.
بدوره، نفى الخبير الروسي المختص بالشأن العربي والسوري، فلاديمير أحمدوف، أن يكون هناك أي تدخل روسي عسكري مباشر في سورية.
وقال لوكالة أنباء “الأناضول”: إن موسكو تنظر إلى تلك التقارير، على أنها بالونات اختبار للداخل والخارج، وأداة تلويح بوجه الدول الغربية تريد من خلالها القول: إنها قادرة على فعل شيء في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق.
لكنه أوضح أنه بحسب دستور البلاد، لا يمكن لروسيا إعطاء الأوامر للقوات المسلحة بالقيام بأي عملية عسكرية خارج حدود البلاد دون أخذ موافقة غرفتي البرلمان (الدوما – المجلس الاتحادي).
ورأى أن التدخل العسكري خارج حدود روسيا، ولاسيما في المنطقة العربية والإسلامية له تبعات كبيرة، مشيراً إلى أن بلاده لا ترغب في التفريط في تاريخ كبير من العلاقات مع العرب والمسلمين، حيث لم يسجل التاريخ قيامها بالعدوان على أي بلد عربي أو إسلامي على عكس دول الغرب.
وتابع: كما أن لروسيا مصالح كبيرة في المنطقة مع الدول الإسلامية وفي مقدمتها العربية.
وأردف: لكن روسيا ستعمل على حماية مصالحها في المنطقة بكل تأكيد، فمركز الدعم والإمداد الموجود في طرطوس السورية مهم للغاية، وهو آخر موقع لروسيا في البحر المتوسط، بعد انتهاء تأجير قاعدة قبرص، ولذلك فهي ستواصل تقديم الدعم للحكومة السورية.
ومضى قائلاً: أنا لا أستبعد، وإن كنت لا أملك معلومات دقيقة، أن تكون تلك القوات الموجودة في سورية، إذا صحت المعلومات، من كازاخستان أو قرغيزستان، اللتين أبدت حكومتاهما استعداداً لإرسال قوات إلى دمشق، على عكس روسيا التي لم تأت على ذكر ذلك.
وكانت تقارير إعلامية، تحدثت الأسبوع الماضي، عن دعم روسي لنظام الأسد، بالجنود والطائرات، وتزامن ذلك مع صور تداولها ناشطون سوريون، على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر ما قالوا عنها: إنها طائرات حربية روسية وجنود في سورية، دون أن تحدد مكانها بالضبط.
وجاءت هذه التقارير والصور في الوقت الذي تحدث فيه ناشطون عن إدخال جنود روس إلى معسكرات النظام، وإسكانهم بمنازل في ريف دمشق ومنطقة الساحل.
وقال مسؤول عسكري أمريكي كبير لوكالة أنباء “رويترز” يوم السبت الماضي: إن السلطات الأمريكية رصدت تحركات تحضيرية مثيرة للقلق، شملت نقل وحدات سكنية مسبقة الصنع تكفي لمئات الأشخاص إلى قاعدة جوية سورية؛ الأمر الذي قد يكون مؤشراً على أن روسيا تستعد لنشر معدات عسكرية ثقيلة هناك.
وذكرت صحيفة لبنانية أخيراً أن خبراء من الجيش الروسي وصلوا إلى سورية منذ أسابيع ويتفقدون قواعد جوية ويعملون على توسعة بعض المدارج خاصة في الشمال، لكن موسكو لم تلبِّ طلباً سورياً بإرسال طائرات هليكوبتر هجومية.