الفساد والخراب والدمار مفاهيم مذمومة في كل عصر وزمن وبكل ألوانها، وكل الأمم والمجتمعات تسعى إلى استئصالها والحيلولة دون وقوعها، وفي عصرنا الحالي يأتي الفساد والخراب من أنصاف الناس؛ لأن الناس ينخدعون في هؤلاء فيعتقدون بلوغهم سن “الكمال” – إن جاز التعبير- وأنهم على ظاهرهم فيما الحقيقة خلاف ذلك.
يفسد الناس اليوم في شؤون دينهم ويلبس عليهم في عقائدهم نصف فقيه، فيفتي “هذا النصف” بما عجز عنه الأوائل، ويقحم نفسه في مسائل لو عرضت على كبار العلماء لقالوا عنها لا ندري.. هذا النصف قرأ كتاباً أو كتابين، وأعتقد أنه حاز على علم الأولين والآخرين؛ فتجده يفتي مصححاً ومخطئاً وقاضياً، وقد ظهرت فتاوى استحلت الدماء المعصومة وزرعت الخراب وتدمير الوطن وتشتيت الناس!
ويفسد الناس اليوم نصف طبيب ليس لديه أدنى خبرة في التعامل مع المرضى، ووزارة الصحة كشفت في أوقات ماضية عن وجود أطباء يحملون شهادات مزورة ولا يمتون بصلة لمهنة الطب، ففي عصرنا طغى حب المال على الناس، فصارت المستشفيات لا تدقق في مهن من تتعاقد معهم، وقبل مدة قرأت عن مواطن أبلغ عن هروب خادمته ووجدها بعد فترة أنها تحولت بقدرة قادر إلى ممرضة تمارس مهنة التمريض بأحد المستشفيات الخاصة! وقائمة هؤلاء تطول، فهناك أخطاء طبية، وتشخيصات خاطئة، والضحية في النهاية هو المريض!
ويفسد الناس نصف مسؤول لم يقدر المجال الذي يعمل فيه، ولا الجهة التي ينتمي إليها، ولم يكن أهلاً للمسؤولية، فعاث يميناً وشمالاً ظاناً أنه مسؤول زمانه، في زمن إدارة النصف مسؤول يمكث المشروع عشرات السنين، ويظل هذا النصف يهدم مشروعاً، ويقيم على أنقاضه آخر؛ بسبب سوء التخطيط والتردي الذي تعانيه الإدارة القابعة تحت حكم النصف مسؤول.
النصف مسؤول لا يعبأ بما ينشره الإعلام، ولا بهدير مواقع التواصل، ولا يسمع للرأي الآخر؛ لأن الآخر متهم بالإثارة، ولا يعرف “الفساد” لأنه لم يُسأل: من أين لك هذا؟!
كل واحد من هؤلاء يشكل خطراً لا يستهان به على الناس، فالنصف فقيه يفسد على الناس دينهم ويلبس عليهم، والنصف طبيب خطره واضح على الأرواح، والنصف مسؤول يهدد التطور، ومستقبل مجتمع وتبديد أموال أمة.
فكان الله في عون من يرضخ لفتاوى النصف فقيه، وجبر الله مصاب من رماه الحظ بيد نصف طبيب، وأدعو الله ألا يسلط علينا نصف مسؤول في إداراتنا!
ثلاث عصافير!
توجه الدولة إلى فرض رسوم على الأراضي البيضاء، معناه أن الدولة بهذا النظام ستضرب احتكار الأراضي من قبل هوامير التراب، وسيشكل عائداً مادياً للدولة في ظل انخفاض البترول؛ فهو أفضل من رفع السلع والخدمات الأساسية، وسيجعل ملايين تجار التراب تتجه إلى الاستثمار بما يعود بالنفع على المجتمع بدلاً من ادخارها في التراب! ثلاث عصافير ستضرب بحجر واحد!