في دراسة بحثية للباحث ظافر محمد العجمي حملت عنوان: “دول الخليج والقوة العربية المشتركة بين التشكيل والتأجيل” تناولت بشيء من التحليل والتفسير مآلات الدعوة التي تبنتها مصر مؤخراً لتكوين قوة عسكرية مشتركة، وتفاعلت معها الدول العربية في البداية، ثم ما لبست الدعوة أن طويت صفحتها كسابق دعوات مثلها.
لم يعترض الباحث على توقيت الدعوة، واعترض أن له مصوغات منها:
– تعرُّض أكبر قوتين عربيتين لهجمات إرهابية من تنظيم داعش وهما السعودية ومصر.
– نجاح التعاون الخليجي العربي في حملة اليمن أثبت الحاجة للوحدة.
– فشل القوى الغربية على التخفيف من آثار الإرهاب.
– حالة الواقع العربي المتشرذم دفع بالدعوة للوحدة العسكرية لمعالجة مخاطر ذلك.
– لم تكن الجامعة العربية قادرة على التدخل العسكري لو طلبت حكومة عربية منها العون، لعدم وجود آلية لذلك، لأنه لم يتم إقرار “قوة عربية مشتركة” كذراع عسكرية قوية للجامعة العربية لمحاربة الإرهاب العابر للحدود.
الخليج يؤجل
اعتبر الباحث أن دول الخليج كانت الفيصل في الزخم الذي أخذه المقترح، وأيضاً في توقف العمل على تنفيذه، فمثلما أيَّدت دول الخليج العربية مقترح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في شرم الشيخ، قادت دول الخليج نفسها طلب الإرجاء؛ حيث تلقت الأمانة العامة للجامعة العربية مذكِّرة من المملكة العربية السعودية تطلب الإرجاء بتأييدٍ من البحرين وقطر والكويت والإمارات العربية المتحدة.
وعن أسباب التأجيل افترضت الورقة أنها قد تكون:
• المواقف الخليجية المتباينة من الأزمة الليبية.
• المواقف السيادية الخليجية.
• الضغوط الخارجية على دول الخليج.
وفي عمق التحليل، بحثت الورقة في المنظومة الأمنية الخليجية القائمة على نظام الدوائر الأمنية بين دول المنطقةالتي تبدأ بدائرة الدفاع الذاتي لكل دولة، ثم دائرة الأمن الجماعي مع دول الخليج، ثم الدائرة العربية، تليها دائرة الحلفاء، وأخيرًا دائرة الأصدقاء.
معوقات مشروع “القوة العربية المشتركة” ومآلاتها المستقبلية
وقد تناولت الورقة موضوع المآلات والمستقبل بشأن تشكيل القوة العسكرية العربية المشتركة.
مبينة أن السعي لإنشاء قوة عربية مشتركة لمحاربة الإرهاب ومواجهة الأخطار الخارجية على الأمة العربية أظهر حالة تمرد على الجمود العربي. وتَظهر التحفظات التي ظهرت حتى الآن على مشروع القوة العسكرية العربية المشتركة كبذور خصومة للمشروع قد تتحول مستقبلًا إلى غابة من المعوِّقات إذا لم يتم تداركها في مراحل المشروع الأولى. أضف إلى ذلك الضغوط الخارجية المحتملة على دول الخليج وعلى بقية الدول العربية الأخرى؛ فتشكيل القوة العربية المشتركة هو انتفاء للحاجة للأنظمة الأمنية الخليجية الفرعية عبر الاتفاقيات الأمنية، والتي هي مصلحة غربية بدرجة كبيرة يشرعن لتواجدها بالقواعد والتسهيلات في المنطقة، كما أن ظهور “القوة العربية المشتركة” هو تفكيك للتحالف الإستراتيجي العراقي – الإيراني، وعودة محتَّمة لبغداد إلى أحضان أمتها العربية.
فإذا تشكَّلت القوة العسكرية العربية المشتركة ولم تتحول، كبقية الهياكل الأمنية العربية، إلى حزمة من الأماني مفرّغة من شحنتها التعبوية، وأظهرت عزمها على دخول جولات النزاع بتصميم وقوة، فسيتشكَّل مزاج وحدوي عربي سيدعم عملها خصوصًا أن ما ظهر من تفاصيل لملَكات القوة يُظهر قوة ضاربة قوامها40ألف جندي، إضافة إلى 1000 طيار حربي، و3000 عنصر من القوات البحرية، محكومة ببروتوكول، ويسري مفعوله لمدة 5 سنوات، ويحتوي 12 بندًا تتحدث عن مرتكزات نبيلة كحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للأعضاء، وعدم الانحياز لأي اعتبارات مذهبية، بالطبع، لن تكون القوة العربية المشتركة بحجم وفعالية قوة حلف شمال الأطلسي “الناتو”، لكنها ستجعل مصدر التهديد يعيد حساباته ويقدِّر أن مغامراته لن تكون نزهة يسيرة كما هي الحال مع التحديات التي واجهتها بعض الدول العربية من دول تشنُّ حربًا لا متماثلة.
للإطلاع على الدراسة كاملة: