تعد مشكلة موظفي الحكومة السابقة في غزة الذين يبلغ عددهم أكثر من 45 ألف موظف من أبرز المشكلات التي تعرقل سير عمل حكومة التوافق الفلسطينية، التي شُكلت قبل ما يزيد على عام؛ حيث لا تعترف بهم، وتتجاهل مطالبهم وحقوقهم الوظيفية، وهو ما يقابله هؤلاء الموظفون بإضرابات جزئية وكلية على فترات متباعدة؛ في محاولة لدفع “حكومة الوفاق” لدمجهم بشكل رسمي، ضمن قطاع الموظفين التابع لها، ودفع رواتبهم.
وأمام هذا التعنت الذي تبديه حكومة التوافق، والتجاهل الواضح لحقوق الموظفين في قطاع غزة الذين يعملون منذ أكثر من عامين دون تلقي الرواتب، يدور حديث اليوم عن تقديم مقترح يتمثل في توزيع أراض حكومية على الموظفين الذين لا يتقاضون رواتب من حكومة التوافق الوطني، بحيث يتم توزيع قطعة الأرض للموظف بحسب قيمة المستحقات المالية المتراكمة له.
وكان زياد الظاظا، نائب رئيس حكومة غزة السابقة، قد أعلن عن هذا المشروع في ندوة عقدت مؤخراً في غزة، وقال: إن الأسابيع القادمة ستشهد توزيع مستحقات الموظفين، عن طريق توزيع الأراضي وتصفير حسابات الموظفين من ديون البلديات والكهرباء.
وأشار الظاظا إلى أنه سيتم البدء في توزيع أراض لجمعيات الإسكان للموظفين ذوي الدخل المحدود العاملين في الحكومة وخارجها خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وقال: إن “حماس” ما زالت ملتزمة بدفع جزء من ميزانيتها لدعم الحكومة في غزة حتى تحفظ كرامة أبنائها وشعبها.
شد وجذب
وفور الإعلان عن هذا المشروع، شهدت الساحة الفلسطينية موجة جديدة من المناكفات السياسية والخلافات الحادة بين مؤيد للمشروع كونه يرد الحقوق لأصحابها، ورافض له باعتباره يمثل تعدياً خطيراً على الأراضي التي هي ملك للدولة.
حيث انتقد المتحدث باسم حركة “فتح” أسامة القواسمي القرار, معتبراً إياه “جريمة” جديدة ترتكبها “حماس” بحق ممتلكات الشعب، وإصراراً من جانبها على تكريس انقلابها، واستدامة الانقسام.
وأضاف أن “حماس” لا تمتلك من الناحية القانونية أي صفة تخولها منح أي أحد قطعة أرض حكومية، موضحاً أن ما تقوم به “حماس” الآن من قرارات بتوزيع أراضي الشعب الفلسطيني على قياداتها باطلة.
لكن صلاح البردويل، النائب في المجلس التشريعي، أكد أن هذه المشروعات ستخصص لجميع المواطنين وليس للموظفين فقط، غير أن الدفعة التي سيقدمها الموظف ستدفعها الحكومة بناء على مستحقاته الموجودة عندها, رافضاً الحملة التي شنت على الحكومة بعد هذا القرار، ومؤكداً أن الهدف منها هو تشويه حركة “حماس”.
وأكدّ البردويل أن المجلس التشريعي صادق بالموافقة على مشروع الجمعيات الإسكانية في قطاع غزة الذي قدمته سلطة الأراضي، وذلك بعد أخذ كل الضمانات المتعلقة بالتقرير, مشيراً إلى أنه سيتم البدء فيه مطلع العام القادم.
مشاريع سابقة
وأكدّ إبراهيم رضوان رئيس سلطة الأراضي في قطاع غزة أن ما يتم الإعلان عنه هو جمعيات إسكانية يشترك فيها نحو 20 – 40 مواطناً، مشيراً إلى أنه سيعلن عنها من قبل الوزارات المعنية خلال الأيام القادمة.
ونبه رضوان إلى أن هذه المشاريع الإسكانية هي قديمة ومعمول فيها منذ عهد الانتداب البريطاني، وما تلاه إلى عهد السلطة الفلسطينية التي بنت الآلاف من المشروعات الإسكانية.
تسوية للمستحقات
وتأتي تلك المقترحات في محاولة لتسوية المستحقات المالية المتراكمة على حكومة التوافق، والتي تقدر بـ350 مليون دينار أردني (نصف مليار دولار)، وذلك في ظل تعثر التوصل إلى حل بين حكومة التوافق وحركة “حماس”، والتي كان آخرها الاتفاق على تشكيل لجان خاصة لتسوية الملف ضمن ما عُرف بـ”الورقة السويسرية” والتي انتهت بالفشل بسبب الخلافات التي طرأت على عملية التطبيق.
الملف الأصعب
يعد هذا الملف بمثابة حجر عثرة أمام إتمام ملفات المصالحة التي اتفق عليها بين الأطراف المختلفة وخاصة “فتح” و”حماس”.
وتحمل حركة “حماس” حكومة التوافق الفلسطيني المسؤولية عما يترتب من نتائج بسبب تجاهل موظفي غزة، وعدم إعطائهم رواتبهم وحقوقهم الوظيفية بالرغم من أنهم ما زالوا في أماكن عملهم، ويخدمون مجتمعهم في مختلف القطاعات التي يعملون فيها.
وفي محاولات عدة للتخفيف من حجم المستحقات المالية للموظفين تسعى وزارة المالية في غزة للتخفيف من تلك المستحقات بوسائل مختلفة منها التواصل والتنسيق مع شركة توزيع الكهرباء لقيام الأخيرة بالخصم من مستحقات الموظفين الذين لا يتقاضون رواتب منتظمة، وعليهم فواتير كهرباء متراكمة مطلوب سدادها، وذلك بناء على رغبة من يريد من الموظفين وليس إلزامياً.