حتى يتطور الإنسان ويتقدم في الحياة عليه أن يلتزم بالإيجابيات، ويبتعد عن السلبيات التي تعوق عمله، وتضعف إنتاجه، وتصرفه عن خططه، وتختطف عقله وفكره!
وأعني بذلك مجموعة الرذائل البشرية التي تصرف الإنسان عما هو أهم، وتشغله عن نجاحه، وهي أمراض اجتماعية وعوائق ذهنية تحد من عبقرية الإنسان وتمنعه من اقتحام حواجز الإبداع والتألق.
من جملة هذه “الرذائل” الحسد.. الحسد يقول لك: لا تصلح نفسك واشتغل بمراقبة الناس، الحسد يوحي لك أن ملاحقتك للآخرين أهم بكثير من ملاحقة سلبياتك والسيطرة عليها، الحسد شعور داخلي يتمنى صاحبه زوال نعمة ما عن الناس سواء كانت قوة أو مالاً أو ميزة، وقد يتمنى الحصول عليها، أو الاكتفاء بزوالها عن المحسودين.
قيل الكثير والكثير عن الحسد، ومن ذلك ما يروى عن الأصمعي حيث رأى رجلاً بالبادية بلغ من العمر 120 عاماً، فسأله كيف النشاط في هذا العمر؟ فقال: تركت الحسد فبقي الجسد!
في تطوير الذات كل إنسان له شخصيته، وله طريقته وليس بالضرورة أن يكون نسخة من الناس، فعش وفق إمكاناتك، وما يتاح لك من فرص، فإرهاق النفس بالمقارنات مع الآخرين يوقعها تدريجياً في شراك الحسد.
الحسد ينشأ عن طغيان الإنسان، وكره الآخرين، وهو سوء ظن بالله تعالى وحكمته وتقديره، وفي ذات الوقت يدل على ضعف الشخصية، وفشل الإنسان في تحقيق الطموح والتميز.
عليك إن كنت من المحسودين أن تطمئن وتوطن نفسك، فالحسد موجود طالما كانت الحياة، وحتى على الموت قد لا تخلو من الحسد كما قال الشاعر:
هم يحسدونني على موتي فوا أسفي حتى على الموت لا أخلو من الحسد
إذا لم تجد حاقداً أو حاسداً في حياتك فاعلم أنك إنسان فاشل، فالحاسد قد لا يصحح مسارك، لكنه يزيد من إصرارك على المضي في طريقك، لذا فأول ما تؤذي به الحاسدين إصلاح نفسك واجتهادك فيما يرفعك، فالحاسد من جملة الأعداء الذين قد يمنحونك النجاح، كما قال الشافعي:
عداتي لهم فضل علي ومنة فلا أبعد الرحمن عني الأعاديا
هم بحثوا عن زلتي فاجتنبتها وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا
وفي النهاية يكفي أن تعلم أن الحسد حالة مرضية تفتك بصاحبها:
لله در الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله
لذا حرمه الإسلام؛ لما فيه من خطر على الذات، وإيذاء للآخرين، فقال عليه الصلاة والسلام: “لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً”.
كانت.. وصارت!
في الماضي كانت القاهرة تؤلف الكتب، وبيروت تطبع، وبغداد تقرأ! اليوم القاهرة ترقص، وبيروت تشتعل، وبغداد تحترق!
تغريدة مؤلمة، ماضينا كان أجمل، ويظل التفاؤل والأمل أن يكون مستقبل العرب أكثر جمالاً.