محمد فتحي النادي
لا يمكن للمجتمعات البشرية أن تعيش فرادى دون اجتماع.
ولا يمكن الاجتماع إلا إذا كان هناك نظام جامع يتفق عليه الأفراد.
ولا بد لهذا النظام من قائمٍ عليه يحاول تطبيقه.
فوجود الأمراء الذين يديرون شؤون مجتمعاتهم أمر فطري، وحتمٌ لازم، وإلا كانت الفوضى.
والمجتمعات كالأجساد والأمراء كالرؤوس، ولا يعيش جسد بلا رأس، وكذا لا قيمة لرأسٍ بلا جسد.
فكلاهما يحتاج الآخر، ولا يمكن لأحدهما أن يستغني عن الآخر.
ووضّح الإسلام هذا الأمر ونبّه عليه، لذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “إذا كنتم ثلاثة في سفرٍ فأمروا عليكم أحدكم” (مصنف ابن أبي شيبة، 8/ 582).
وأي تجمع بشري سواء أكان دولة أم شركة أم جماعة أم منظمة لابد أن يكون فيها من يقوم بدور المسؤول يختاره الآخرون ويساندونه.
والمسؤولية تبعة وتكليف يعقبه حساب، حساب من الناس ومن الله، وكما قيل: المسؤولية يتبعها دائماً المحاسبة.
النجاح في تحمّل المسؤولية
المسؤولية ليست للوجاهة بين الناس، ولكنها تبعة ثقيلة تحتاج إلى جهد جهيد، وهي قدوة وقيادة، ولكي ينجح المسؤول، ويؤدي دوره المطلوب منه على أكمل وجه، عليه أن يتحلى ببعض الأمور:
1- الفهم والإخلاص:
فلا يؤدي المهمة بنجاح إلا من فهم طبيعتها ومقصدها وعلاقتها بغيرها من المهام، واستحضر العقبات التي يمكن أن تحول دون أدائها، وأعد نفسه لها إعداداً متكاملاً، وكان مقتنعاً تماماً بأحقية ما يقوم به، والصدق والإخلاص في تأدية الواجب حتى نهايته.
2- استشعار الأمانة:
استشعار المسؤول أن ما تم تكليفه به أمانة ثقيلة سيُسأل عنها، وأنه سيتركها في يوم من الأيام، وأنه سيؤديها إلى غيره لا محالة، إما تتركه أو يتركها.
3- وضوح الرؤية والتخطيط السليم:
فلابد للمسؤول أن يعلم تمام العلم أبعاد المسؤولية الملقاة على عاتقه، وما يتحتم عليه القيام به، فلا يمكن أن يتحمل المسؤولية جاهل بها، غير ملمٍّ بأبعادها، وهذا يستدعي التخطيط الجيد، وتحديد الأهداف، واستخدام الموارد المتاحة والإمكانات أفضل استخدام، وتحديد الأولويات بما يتفق مع الاحتياجات.
كل ذلك للسيطرة على المشكلات التي قد تعترض التنفيذ؛ لتقليل الأخطار المتوقعة. (موقع موسوعة النابلسي للعلوم الإسلامية).
ومن أجمل الوصايا للأمراء في ترك الكبر ما قاله عمر بن الخطاب لعتبة بن غزوان حينما وجهه إلى البصرة: إياك أن تنازعك نفسك إلى كبر يفسد عليك إخوتك. (الطبقات الكبرى، 3/ 255).