تسود أهالي قرية “رمية” في قلب الجليل الفلسطيني في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948م، حالة من الترقب والقلق بعد أن انتهت المهلة التي حددتها محكمة الاحتلال لسكان القرية لإخلائها أواخر نوفمبر الماضي، وسط مخاوف من شبح نكبة وتشريد جديدين لأهالي القرية التاريخية.
احتلتها “إسرائيل” عام 1948م، رغم مصادرة 90% منها، وتعرضهم لممارسة عنصرية عبر قوانين ما تزال تُقر بشكل رسمي حتى اليوم، لكنها بالقطع ليست كل الحكاية الفلسطينية في الداخل الفلسطيني.
ويقول رئيس اللجنة الشعبية في البلدة صلاح سواعد لـ”قدس برس”: إن أهالي “رمية” يعانون منذ النكبة عام 1948م من عدم الاعتراف بقريتهم وحق سكانها فيها وفي أراضيهم.
وأضاف أن قضية “رمية” تؤكد أن دولة الاحتلال تعتاش على مصادرة الأراضي والتضييق علينا في “رمية” بشكل خاص وعلى الفلسطينيين في الداخل بشكل عام.
وأوضح سواعد أنه منذ ذلك العام (1992م) وسكان “رمية” يخوضون معارك قضائية عن طريق المحاكم، وكان آخر قرار صدر من قبل ما تسمى المحكمة العليا “الإسرائيلية” في 28 أكتوبر الماضي، والذي أمهلنا مدة 30 يوماً لإخلاء القرية، وتسليم أراضيها لما يسمى “دائرة أراضي إسرائيل”.
وأكد سواعد أن سكان القرية يملكون إثباتات ملكية مؤكدة “طابو” رسمي مع كل شخص من سكان القرية يثبت أن الأرض أرضه.
تهويد بحجة التعمير
وتابع قائلاً: إنهم يبررون عملية طردنا ومصادرة أراضينا بهدف البناء والتعمير، ليس للعرب وإنما لصالح المستوطنين وإيقاع الضرر بفلسطينيي الداخل، واصفاً هذا القرار بأنه مجحف ويثبت أنه لا قيمة للمواطن العربي في دولة الاحتلال وإن كنا نملك هويتها وجنسيتها.
ولفت إلى أنه في الثمانينيات من القرن الماضي تعرض سكان القرية لعملية تهجير بهدف إقامة مستوطنة كرميئيل، ولم يتبقَّ في القرية حالياً إلا 173 مواطناً من سكان القرية يقيمون في 50 منزلاً على 41 دونماً من أصل 600 دونم تمت مصادرتها من قبل سلطات الاحتلال.
وتابع: بعد قرار المحكمة العليا لم يبقَ لنا أي خيار، فالمعركة القضائية انتهت وهناك توجه نحو المؤسسات الدولية للضغط على الاحتلال، وهناك برنامج فعاليات نضالية شعبية أقرته لجنة المتابعة العليا للجماهير الفلسطينية في الداخل التي تبذل جهوداً مع سلطات الاحتلال لمنع إخلاء سكان القرية، منوهاً لأن المهلة المحددة انتهت، ونتوقع في أي لحظة أن يقتحموا القرية ويباشروا بطردنا.
المحكمة الدولية في لاهاي
وكشف سواعد عن أن سكان القرية حاولوا التوجه لدى المحكمة الدولية في لاهاي، لكنهم لم يتمكنوا بسبب تهديدات سلطات الاحتلال وسياساتها، وكون المحكمة تكلف أموالاً طائلة لا يقدر عليها سكان القرية.
فسكان القرية يعيشون منذ نكبة عام 1948م في منازل من الصفيح التي تجسد مخيمات اللجوء بسبب رفض سلطات الاحتلال الاعتراف بالقرية وحرمانها من كل الخدمات الأساسية، فلا بنية تحتية ولا شوارع ولا شبكة مياه ولا كهرباء ولا مدارس ولا عيادات صحية، ومع ذلك بقينا صامدين ونقول لسلطات الاحتلال: “إذا أردتم طردنا فعليكم قتلنا ودفننا”.
ويعيش “فلسطينيو 48” الآن، والذي يشكلون نحو 20% من تعداد الأراضي المحتلة عام 1948م، داخل “الخط الأخضر” أو ما يُعرف بـ “خط الهدنة” الذي اتخذه الاحتلال حدوداً لدولته المزعومة.
وتسعى الحكومات “الإسرائيلية” المتعاقبة، وفق تصريحات صادرة عن وزراء فيها، إلى ضمهم إلى أراضي السلطة الفلسطينية ضمن اتفاق الحل النهائي، حيث إنهم يعتبرون أن “فلسطينيي 48” يشكلون خطراً ديمجرافياً على الدولة العبرية.