شهدت العاصمة الباكستانية يومي 8 و9 ديسمبر الحالي تحركات دولية وزيارات لمسؤولين غربيين، خلال فعاليات قمة أفغانستان، حرصوا على الاجتماع مع القادة العسكريين، أبرزهم قائد أركان الجيش الباكستاني الجنرال راحيل شريف، وكذلك مع القادة السياسيين في إسلام آباد وعلى رأسهم رئيس الوزراء نواز شريف.
كما أجرى ولي العهد السعودي وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف اتصالاً هاتفياً مع قائد أركان الجيش، وقررت السعودية إرسال قائد سلاحها للبحرية ليجتمع مع قائد أركان الجيش الباكستاني أيضاً.
فماذا جرى في كل هذه اللقاءات؟ وما أبرز الملفات التي طرحت على طاولة الحوار بين المسؤولين الباكستانيين ونظرائهم الدوليين؟
4 مطالب أمريكية هندية
من الاجتماعات المهمة في هذا السياق ذلك الاجتماع الذي حصل بين قائد أركان الجيش الباكستاني الجنرال راحيل شريف مع نائب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي كان قد عقد اجتماعات في الهند (التي زارها في 6 ديسمبر2015م) مع رئيس وزراء الهند ناريندا موذي، ووزيرة الخارجية الهندية ساشما سوراج، ومسؤولين عسكريين وأمنيين كبار.
وتشير التقارير إلى أن هذا الاجتماع حمل أجندة هندية ربطت فيها الهند نجاح الحوار الهندي الباكستاني بتحقيق 4 مطالب، وهي:
– عودة المتحاربين في أفغانستان إلى طاولة الحوار، والضغط على “طالبان” حتى توافق على تنظيم جولة جديدة من المفاوضات مع الحكومة الأفغانية تكون امتداداً لمفاوضات يوليو 2015م، ووقف جميع الهجمات التي تقوم بها “طالبان” ضد الأهداف الأمريكية والأجنبية في أفغانستان، ووقف استهدافها الحكومة الأفغانية، ويعني هذا الطلب وقف إمدادات السلاح عن المقاتلين الطالبانيين ومنعهم من استخدام الأراضي الباكستانية، وفي مقدمتهم “شبكة حقاني”.
– شن حملة تطهير واستئصال ضد جماعة “لشكر طيبة” الباكستانية والقبض على قادتها المفرج عنهم، وعلى رأسهم أميرها وكي الرحمان، ومحاكمتهم وعدم التساهل معهم، ومواصلة محاربة الجماعات التي تهدد أمن الهند والمنطقة برمتها.
– وقف محاكمة السياسيين المتهمين بقضايا فساد مالي، وعدم الزج بهم في محاكمات سياسية والإفراج عنهم فوراً من أجل أن تتحسن العلاقات (أغلب السياسيين الملاحقين بتهم الفساد اليوم ينتمون إلى حزب الشعب الباكستاني بقيادة آصف زردراي، وبينهم اثنان من رؤساء وزراء سابقين، وهما: يوسف كيلانيـ وبرويز أشرف).
– الانضمام الفوري إلى التحالف الدولي المناهض لـ”تنظيم الدولة” (داعش) ووضع القوات الباكستانية لخبراتها وتجاربها تحت تصرف القوات الدولية التي تحارب التنظيم.
ويرى الأمريكيون أن انضمام باكستان إلى التحالف الدولي ضد “داعش” بات مطلباً دولياً وأمنياً وإستراتيجياً مهماً حتى يمكن تطويق المنظمة الإرهابية ووقف انتشارها، خاصة مع التخوف الأمريكي من أن “تنظيم الدولة” قد ينتقل إلى أفغانستان وباكستان بعد الضربات التي يتلقاها اليوم، وقد ينتقل قادته وزعماؤه بمن فيهم أبو بكر البغدادي إلى أفغانستان.
مطالب ألمانية
وكان مسؤولون غربيون آخرون قد عقدوا اجتماعات أخرى مع قائد أركان الجيش الجنرال راحيل شريف كان من بينهم وزيرة الدفاع الألمانية التي قررت مواصلة إبقاء جنودها في أفغانستان لدعم عملية السلام ولمساعدة الحكومة الأفغانية ضد هجمات “طالبان”.
وتشير التقارير إلى أن المسؤولة الألمانية طلبت بدورها من قائد الجيش خلال اجتماعها معه (في 8 ديسمبر) ما يلي:
– استخدام نفوذ قواته في التسريع في إنجاح عملية السلام في أفغانستان، وممارسة الجيش دوراً في إقناع “طالبان” والفصائل الموالية لها بالجلوس على طاولة الحوار، والشروع في مفاوضات جادة لإنهاء النزاع المسلح في أفغانستان، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتعهدت المسؤولة الألمانية بتقديم أي دعم ضروري لإنجاح هذه المفاوضات.
– مطالبة ألمانية بضرورة ألا تبقى باكستان تغرد خارج السرب، وضرورة التحاقها بالجهود الدولية في محاربة الإرهاب؛ بحكم تجاربها من جهة في محاربة الإرهاب، وبسبب أنها قد تكون الهدف القادم لـ”تنظيم الدولة” الذي يعرف أنه بات مخنوقاً ومضيقاً عليه، ويخطط اليوم لإيجاد بديل له عن العراق وسورية، وفي رأي المسؤولة الألمانية سيكون هذا البديل هو أفغانستان.
وتناول الأمر نفسه مبعوث بريطانيا إلى باكستان وأفغانستان خلال اجتماعه في 9 ديسمبر مع رئيس أركان الجيش، وطلب منه عدم البقاء متفرجاً على “تنظيم الدولة”، وتناول اللقاء أيضاً قيام باكستان بمزيد من الجهود من أجل تحقيق المصالحة الوطنية في أفغانستان.
إيواء البغدادي
وكان قادة المخابرات الدولية التي شاركت في قمة أفغانستان أكدوا أن هناك تقارير استخبارية حصلوا عليها من مصادر مقربة من “داعش” أفادت أن أمير التنظيم أبو بكر البغدادي قد قرر ومعه عدد من قادة التنظيم البحث عن معقل آمن وبديل عن العراق وسورية، وجرى الحديث عن بلدين هما ليبيا وأفغانستان.
وحسب التقارير، فإن أقرب السيناريوهات سيكون أفغانستان؛ لأنها أثبتت في العقود الأخيرة أنها الحصن الحصين والملاذ الأكثر أماناً للجماعات المسلحة، وأنها وفرت حاضنة مهمة لهذه الجماعات مثل “القاعدة” و”طالبان”، التي قاومت التدخل الأمريكي والدولي في أفغانستان لمدة 13 سنة وفشل الغرب في الوصول إلى قادتها، وتوفي زعيمها الملا عمر بالمرض وليس على يد البنادق الأمريكية.