فشلت كل الجهود في إجراء مصالحة بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ومسؤول جهاز الأمن الوقائي سابقاً في قطاع غزة محمد دحلان، الذي فُصل من حركة “فتح”، وصدرت بحقّه أحكام قضائية.
وخلال السنتين الماضيتين، بذل عبدالفتاح السيسي وزعماء دولة الإمارات العربية جهوداً كبيرة لإجراء مصالحة بين عباس، ودحلان، تعيد الأخير إلى مواقعه في اللجنة المركزية والمجلس الثوري في حركة “فتح”، وتسقط عنه الأحكام القضائية.
ووعدت هذه الأطراف عباس بتقديم مساعدات مالية ضخمة، وتسهيلات سياسية، وبذل دحلان جهوداً كبيرة من أجل تلميع صورته محلياً، وقام بعدة خطوات تجاه عباس وحركة “فتح”، وتجاه الفلسطينيين بقطاع غزة، وحتى تجاه “حماس”، لكن كل هذه المحاولات فشلت أمام إصرار عباس على محاربة دحلان.
وفي الشهر الماضي، زار عباس القاهرة، فعرض عليه السيسي إجراء لقاء مع دحلان، الذي كان وصل إلى القاهرة لهذا الهدف، غير أن عباس أصرّ على رفض اللقاء، وهذا ما دفع دحلان وأنصاره إلى مهاجمة عباس بشدة، والترويج لإشاعة إصابة عباس بأزمة قلبية ونقله للمستشفى.
وظلّ عباس يدير حرباً ضدّ دحلان، وضدّ من يمكن أن يقف بجانبه دعماً لوصوله لرئاسة حركة “فتح” ورئاسة السلطة، فقد قام عباس بعزل ياسر عبد ربه من كل مواقعه في أمانه سرّ منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسسة محمود درويش، وقام بإغلاق مؤسسات تابعة لسلام فياض، رئيس الحكومة السابق، وصادر مئات ملايين الدولارات من حساباته.
ويخوض عباس حرباً وجودية أمام دحلان، ويدرك عباس أن هناك جهات عربية تخطط لإزاحته من السلطة والمجيء بدحلان، مكافأة له على دوره الأمني وخدماته الأخرى في مواجهة الثورات العربية والحركات الإسلامية.
وكان عباس ودحلان ثنائياً شريكاً في تجفيف مصادر قوى ياسر عرفات ومحاصرته، وهو الآن لا يريد أن يتكرر هذا الأمر معه.
لذلك سعى عباس إلى ترتيب اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني، ومؤتمر حركة “فتح”؛ بهدف إعادة بناء المؤسستين على معادلة قيادية جديدة، تسمح بوجود قيادات محسوبة أكثر على عباس.
وهنا، يحاول دحلان مجدداً العودة إلى المواجهة مع عباس، وتلميع صورته في الساحات الفلسطينية، وفي قطاع غزة تحديداً، وهو يحاول طرح مشاريع توافقية مع القوى الفلسطينية في القطاع، ويسعى أيضاً لتشكيل حزب سياسي يجمع أنصاره ومؤيديه، ويقدّم خدمات اجتماعية للمجتمعات الفلسطينية في الداخل والخارج.
لكن الصراع قوي جداً بين الطرفين، والمناخ لم يسمح لدحلان بالعودة، لكنه سيواصل مسعاه للإمساك بحركة “فتح” والسلطة، من أجل دور سياسي معروف.