لا يزل مفتي مصر السابق د. علي جمعة يثير الجدل بآرائه وفتاواه التي زاد معدلها في الفترة الأخير؛ حيث يخرج الرجل بين الفينة والأخرى بفتوى أو رأي يثير الجدل وربما البلبلة في المجتمع؛ وهو ما يدعو إلى الشك في دوافع هذه الآراء التي يبدو أنها لا تخلو من دوافع سياسية، ربما يكون أقربها هو سياسية الإلهاء التي يتبعها النظام مع المجتمع لشغله عن التراجع الواضح والحاد في مختلف مناحي الحياة، خاصة أن كثيرا من هذه الفتاوى والآراء ربما تكون مبادرة وتطوعا من الرجل نفسه لا تقتضيها ضرورة ولا تستدعيها حاجة.
بنظرة سريعة على أبرز تلك الفتاوى والآراء للمفتي السابق ربما نجد آخرها ما أفتى به من أن الأفيون والحشيش طاهران لا ينقضان الوضوء وتصح الصلاة بهما. وبغض النظر عن الأسانيد الفقهية لهذا الرأي فإن مثار الجدل فيه ينبع مما قد يحدثه من تجرؤ بعض ضعاف النفوس على مثل هذه الأمور.
سيدنا إدريس وأبو الهول
وكان قد سبق هذا الرأي تصريح آخر له قبل نحو أسبوع تقريبا مفاده أن نبي الله إدريس هو أبو الهول (التمثال الموجود بجوار الأهرامات المصرية)، كما تطلق عليه كتب التوراة أخنوخ، وأن الله أوحى إليه وخصه بمفتاح باب النجوم، حيث إنه يعرف العلاقة بين مسارات الشمس والقمر والنجوم والأرض وحركات الكواكب.
طاعة السيسي طاعة للرسول
تجاوزت فتاوى وآراء السيسي مجال العلاقات والعبادات إلى الفتاوى ذات الصبغة السياسية الصريحة والفجة، من ذلك قوله في وقت سابق “من أطاع الرئيس عبدالفتاح السيسي فقد أطاع الرسول، ومن عصاه فقد عصى النبي”.
وأضاف مؤصلا لرأيه هذا: “الرسول قال: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني، والأمير هو رأس الدولة، اللي هو اسمه الوقتي الرئيس السيسي”.
والرجل معروف بمثل هذه الآراء السياسية المثيرة للغط والجدل؛ فقد كانت له آراء ضد ثورة الخامس والعشرين من يناير بحجة طاعة ولي الأمر، حتى وصل به الأمر إلى الإفتاء بجواز صلاة الجمعة في البيت؛ في محاولة لإثناء الناس عن الخروج في جمعة الغضب الشهيرة والتي كانت محطة فاصلة في ثورة يناير.
والعجيب أن هذه الآراء تغيرت وتبدلت تجاه أول رئيس منتخب انتخابا حرا بشهادة العالم؛ وهو الرئيس محمد مرسي.
وربما يكون من أغرب هذه الآراء التي تندرج في علام السياسية أن الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا من آل البيت، وأن جدها من أحفاد النبي صلى الله عليه وسلم.
فتاوى اجتماعية
من الفتاوى الاجتماعية المثيرة للجدل التي طل بها علي جمعة على المجتمع لا يأثم الرجل عند النظر إلى المرأة المتبرجة لأنها أسقطت الرخصة التي منحتها الشريعة الإسلامية لها”. مضيفا أن “المرأة المحجبة لها رخصة ولا يجوز النظر إليها إلا بإذنها”.
ومنها أيضا توسعه في إباحة ترقيع غشاء البكارة؛ حيث قال: “الدين الإسلامي يدعو إلى الستر، وإذا كان إجراء الفتاة التي فقدت عذريتها لأي سبب كان لعملية ترقيع غشاء البكارة سيؤدي إلى سترها فإن الإسلام يبيح ذلك”.
تاريخ من الجدل
والحقيقة أن للرجل تاريخا في الإثارة الدينية ربما تكون إرهاصاته مع ذلك التبدل والتغير الحاد والواضح في موقفه من فوائد البنوك؛ حيث كان يحرمها تحريما واضحا لا لبس فيه قبل توليه منصب الإفتاء، ثم تبدل هذا الموقف 180 درجة بعد توليه المنصب.
وقبل ذلك كان له رأيه في جواز التبرك ببول الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وهو ما أثار الجدل حول واقعية هذا الرأي وما ينبني عليه من عمل بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وما أثاره من استهجانات لدى الغرب ومناهضي الدعوة الإسلامية في كل مكان.
تاريخ طويل من الجدل والإثارة للرجل الذي كان وجهة الكثيرين من طلاب العلم والمريدين، سواء في جلساته العمودية في الجامع الأزهر، أم في مسجد السلطان حسن بالقاهرة، لكن تبدل الحال وتغير مع تغير مواقف الرجل وآرائه حتى انقلب عليه كثير من طلابه ومريديه وأصبحوا خصوما علميين له.