بعد توثيقه لعديد الجرائم التي ارتكبها النظام السوري وتنظيم الدولة، قُتل الصحفي المعارض ناجي الجرف في مدينة غازي عنتاب جنوب تركيا، يوم الأحد 27 ديسمبر، بعد حصوله على تأشيرة لدخول فرنسا لتلقي العلاج رفقة زوجته وابنتيه.
وبعد أن تبنى “تنظيم الدولة” مقتل الإعلامي ناجي جرف، تسبّب هذا في اضطرابات كبيرة بين صفوف زملائه من الصحفيين السوريين، الذين لجؤوا للمدينة التركية غازي عنتاب، والتي تبعد مائة كيلومتر فقط عن شمالي حلب.
حيث قالت زويا بستان، الصحفية بإذاعة سوريّة تبث من غازي عنتاب، بنبرة ملئها الخوف: كلنا نشعر بالرعب، العديد من زملائي وصلتهم تهديدات بالقتل، ولدينا شعور بأن تصفية الصحفيين المعارضين لتنظيم الدولة أصبحت أمراً ممنهجاً.
في أواخر أكتوبر، أعدم “تنظيم الدولة” ناشطين يعملون ضد التنظيم ضمن مجموعة “الرقة تذبح في صمت”، في مبنى بمدينة سانليورفا جنوب تركيا.
كما قتل في 15 ديسمبر ناشطين في نفس المنظمة على يد ملثمين في منطقة إدلب القريبة من حلب، وبالتالي فإن مقتل الصحفي ناجي جرف يعتبر الثالث من نوعه خلال شهرين، ما يدل على أن “تنظيم الدولة” يقوم بتصفية أعدائه واحداً تلو الآخر وبطريقة سرية.
وبالقدر الذي يتراجع فيه “تنظيم الدولة” في العراق وسورية، فهو يقوم بجملة من الاغتيالات في مناطق متفرقة، ليظهر لأنصاره أنه مازال صامداً، فهذه العملية تأتي في سياق انسحاب التنظيم في اليوم الموالي، وخسارته لموقع إستراتيجي في سد تشرين الواقع على نهر الفرات، يوم السبت 26 ديسمبر، من مدينة الرمادي.
وقد أوضح محمد صالح، وهو الاسم المستعار لأحد أعضاء الشبكة المعارضة لـ”تنظيم الدولة” بالرقة، في لقاء عبر “السكايب”، أنه كلما ظهرت على “تنظيم الدولة” علامات الضعف قام بعمليات استعراضية، من نوع أحداث باريس في نوفمبر، ليظهر لأعدائه أنه قوي وقادر على تسديد ضربات لخصومه.
كما أن عيون “تنظيم الدولة” تراقب ناجي الجرف وزملاءه في منظمة “الرقة تذبح في صمت”، منذ أن أنجزوا فيلماً وثّقوا فيه جرائم التنظيم في حلب.
وقد أبلغ ناجي الجرف، في رسالته لسفير فرنسا بتركيا في أواخر يوليو، ضمن الطلب التي تقدم به للحصول على تأشيرة دخول لفرنسا، بالتهديدات التي يتعرض لها هو وعائلته، خاصة وأن ناجي يحمل الفكر العلماني وينتمي للأقلية الإسماعيلية الشيعية، وقد تعاظم الخطر، حينما اكتشف ناجي الشهر الماضي أن قنبلة قد زرعت تحت سيّارته.
وقد عقّب البيان الذي نشرته منظمة “مراسلون بلا حدود” يوم 28 ديسمبر، بأن فرنسا أعلنت أنها ستقدم الحماية لناجي الجرف، غير أن يد القتل طالته قبل أن يسافر إليها.
فالإرهابيون نفذوا اغتيالهم في وضح النهار وفي شوارع مزدحمة في مدينة غازي عنتاب، إثر خروج الصحفي ناجي الجرف من لقاء جمعه بمديرة مدرسة للمسرح بالمكان.
حيث تقدم نحوه رجلان، كانا يترصدانه في سيارة رابضة بالمكان، فأطلق عليه أحدهما النار من مسدس مجهز بكاتم للصوت، لتصيب الرصاصة رأس ناجي الجلف، فكانت عملية سريعة ولا يمكن إيقافها.
كما قام التنظيم في نهاية شهر أكتوبر بقتل زميلين لناجي، وهما إبراهيم عبدالقادر، وفارس حمادي بطريقة بشعة، حيث قام صديق ثالث لهما وهو تلاس سرور، ابن مدينة الرقة، بطعنهما وذبحهما غدراً، بعد أن وثق إبراهيم وفارس في تلاس لكونه ابن مدينتهم الرقة، ولكونه ادعى أنه ينشط معهم ضد “تنظيم الدولة”، فرافقهما في سهراتهما ودخّن معهما الأرجيلا في محل إقامتهما، إلى أن جاءت اللحظة التي كشّر فيها تلاس سرور عن أنيابه، فقتلهما وعاد إلى سورية دون أن تلحظه الشرطة التركية.
وتعقيباً على هذا الوضع، قالت زويا بستان: نشعر أننا متروكون لنواجه مصيرنا، بغير حماية، فالتدابير التي وضعتها السلطات التركية ليست في مستوى التهديدات التي يتعرض لها الصحفيون السوريون.
وقال الناشط في منظمة “مراسلون بلا حدود” جوهان بيهر: إنه يتوجب على قيادات الدول الغربية أن تتجاوز الخطابات الرنانة، وأن تقوم بالضروريات لحماية المعارضين السوريين بالمهجر.
الرابط:
http://abonnes.lemonde.fr/proche-orient/article/2015/12/29/la-guerre-secrete-de-l-ei-en-turquie_4839095_3218.html