لقد قيل: إنَّ الإبداع هو الذي سيقود التغيير الاجتماعي والاقتصادي خلال هذا القرن؛ لذا، يرى جون هوكنز، مؤلف كتاب “الاقتصاد الخلاّق”، أنَّ التفكير في مجتمع المعلومات غير كافٍ على الإطلاق، ويرى أن عصر المعلومات بدأ بالفعل يفسح الطريق أمام شيء أكثر تحديّاً.
يقول هوكنز: لو كنت معلومة بسيطة لفاخرت بالعيش في مجتمع معلومات، لكن بوصفي كائناً مفكراً ومبدعاً، فأنا أتطلع إلى شيء أفضل، إننا نحتاج إلى المعلومات، لكننا نحتاج أيضاً إلى أن نكون نشطين ومهرة ومثابرين لاختبار هذه المعلومات، نحتاج إلى أن نكون أصلاء في تفكيرنا بكلمة واحدة أن نكون مبدعين.
لقد أصبحت الصناعات الإبداعية عنصراً مهماً في تكوين الاقتصادات المتقدمة، ففي عام واحد قُدِّر صافي عائدات صناعات حقوق النشر الأمريكية بـ790 بليون دولار، وهو ما يعادل 8% من إجمالي الناتج القومي الإجمالي، وهذا يفوق إسهام الصناعات الكيميائية والسيارات والطائرات وقطاع الزراعة.
وفي بريطانيا قُدِّرت عائدات الصناعات الإبداعية في عام واحد بـ113 بليون جنيه إسترليني، شكَّلت 5% من الناتج القومي الإجمالي.
وبالإضافة إلى النسب المئوية والنمو، تعود أهمية الصناعات الإبداعية إلى دورها المتوقع كموِّجه للمعرفة الاقتصادية وميسِّر للصناعات والخدمات الأخرى، عبر تزويدها، على سبيل المثال، بالمحتوى الرقمي الذي يُترجم مباشر إلى ميزة تنافسية وطاقة إبداع لقطاعات الاقتصاد الأخرى، وكذلك عبر احتضان رأس المال الإبداعي والعاملين الإبداعيين عموماً.
ومن هنا يرى جون هارتلي أنَّ أثر الصناعات الإبداعية لا يقف عند حد اجتذاب أساتذة وعلماء تميّزوا فيما سبق بضعف أنشطتهم الاستثمارية وبالعديد من أشكال التبعية الاجتماعية، فهي تضم نسبة كبيرة من المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى جانب بعض من أكبر الماركات العالمية.
إنَّ الصناعات الإبداعية ليست مجرد شبّان طامحين وشركات رأسمالية عملاقة، إنها بحاجة إلى مزيج جديد من الشراكة العامة والخاصة.
وفي سياق كهذا، لا تقتصر قيمة الصناعات الإبداعية على النشاط الاقتصادي، وإنما تمتد كذلك إلى أرقى أشكال التنمية في العالم.