لم يكن أهل الزبداني السورية وما حولها من قرى وأحياء على علم بأن موقعهم الجغرافي الذي كان مقصداً للسياح ودرة لسورية أن يتسبب في موتهم جوعاً أو فتكاً، حكاية هذه المدينة من الكوابيس الإنسانية التي ربما لن نجد مستقبلاً وضع تبرير مناسب للأجيال التي ستلحق بنا لتسأل عن هذه المدينة، وحال أهلها تحت حكم الجلاد بشار الأسد ومعاونيه حزب الشيطان!
موقع جغرافي
تقع الزبداني ومضايا في خارطة طموحات “حزب الله” الإستراتيجية؛ حيث السيطرة على هذه المناطق تمثل عمقاً أمنياً للحزب القاتل، حيث تقع هذه المناطق على الحدود السورية اللبنانية، وهي بمثابة امتداد لمناطق لبنانية يسكنها موالون للحزب الذي يسعى من خلال سيطرته على هذه المدن إلى تأمين السيطرة الكاملة على منطقة القلمون المحاذية للحدود السورية اللبنانية.
وعن أهمية تلك البلدات، نقل موقع “العربي الجديد” عن الناشط السياسي ورئيس لجنة التحكيم في غوطة دمشق الشرقية نزار الصمادي قوله: إن ريف دمشق هو طوق للعاصمة، وامتداد لها، لذلك أعطى المجتمع الدولي لبشار الأسد الضوء الأخضر من أجل إذلال هذا الريف؛ حتى يقبل بالعودة إلى حضن الأسد وبشروط مذلة، مشيراً إلى أنه من أجل ذلك يتم الضغط على الحاضنة الشعبية للجيش للحر والفصائل لإجبارهم على قبول الحل الاستسلامي، وهو إفراغ الريف من المعارضة المسلحة، إما بضربها وقتلها، أو قبولها بالخروج إلى الشمال السوري.
أرقام وقصص مفزعة
ما يرد من أرقام عبر المواقع الإخبارية وقصص ينقلها النشطاء هي بمثابة شهادة وفاة حقيقية
لما يسمى “المجتمع الدولي”، فلا يمكن أن يتصور أن عام 2016م بكل ما يحمله من تطور وتقدم وحضارة ادعائية يأتي هناك بشر يموتون جوعاً وأصواتهم تملأ الأرض دون أن يتحرك أحد، ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان استشهاد 17 شخصاً بينهم أطفال بسبب الجوع وانفجار ألغام أو إصابتهم برصاص قناصة أثناء محاولات بعضهم تأمين الغذاء أو جمع حشائش عند أطراف المدينة، حيث أكد المرصد أن عناصر “حزب الله” وقوات نظام بشار الأسد زرعوا مئات الألغام في محيط مدينة مضايا، بالإضافة إلى الأسلاك الشائكة والشباك المرتفعة، لمنع أي عملية تسلل من وإلى المدينة.
وعن الوضع المأساوي لأهالي المدينة، قال المرصد: هناك ما يقرب من 1200 حالة مرضية مزمنة، وأكثر من 300 طفل يعانون من سوء تغذية وأمراض مختلفة، وسط نقص حاد في المواد الغذائية والمعيشية والطبية، بحيث وصل سعر كيلوغرام الأرز أو السكر إلى ما يقارب 36 ألف ليرة سورية؛ أي ما يعادل نحو 90 دولاراً.
مواقع إخبارية كـ”الجزيرة” وغيرها نقلت عن القيادي في حركة أحرار الشام أسامة أبو زيد شهادته عن الوضع في مضايا والزبداني، واصفاً إياهم بالكارثة، في ظل استمرار الحصار الذي يفرضه النظام منذ ما يقرب من سبعة أشهر.
وكشف أبو زيد من خلال صور التقطها بهاتفه المحمول كيف أجبرت المجاعة الشديدة سكان تلك المناطق على أكل القطط والحشائش والقمامة، وأضاف أنه شاهد حالات عديدة من الأطفال والنساء والمسنين وهم يموتون بعد أن تحولت أجسادهم إلى ما يشبه الهياكل البشرية بسبب الجوع.
الأسد يريد القتل وفقط
هكذا المشهد باختصار، فقد كانت هناك اتفاق تم توقيعه في تركيا بين بشار الأسد وجيش المعارضة بعد أشهر من القتال والحصار للزبداني ومضايا والذي قام على إثره الجيش الحر وبعض الفصائل المعارضة بضرب وحصار مدينتي كفريا والفوعة المواليتين لبشار و”حزب الله”؛ وهو ما جعل النظام يطلب هدنة ووقف القتال، وقد تم التوقيع في تركيا بحضور ممثل إيراني عن النظام السوري، إلا أن بشار نقض الاتفاق وعاد يقتل ويحاصر، بل قام “حزب الله” بوضع الألغام حول المدينتين لمنع دخول أو خروج أي مساعدة أو أحد من أبناء تلك المدن.