أجرى موقع “دوتشيه فليه” الألماني حواراً مع البروفسور يوفه يون، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ترير، وذلك للتعرف على مدى قوة الأحزاب السياسية على الأرض بعد التغييرات التي وقعت في ألمانيا وظهور قضايا جديدة على الساحة في مقدمتها اللاجئين.
وفي رده على تساؤل حول نتائج استطلاعات الرأي التي أُجريت مؤخراً في ألمانيا والتي لا تحمل أخباراً سارة سوى لحزب البديل من أجل ألمانيا بداعي الاستفادة من سياسة ميركل تجاه اللاجئين، قال يون: التنبؤ بذلك في الوقت الحالي هو طبعاً ليس سهلاً؛ لأن ردود فعل الناخبين ظرفية، كما أنه لا يمكننا أن نتوقع بالضبط كيف سيكون عليه الوضع في 13 مارس القادم، لكن من المتوقع أن يكسب الحزب الكثير من القوة خلال تلك الانتخابات، والاحتمال كبير جداً بأن يدخل إلى مجالس الولايات الثلاث، والأكثر من ذلك يمكن أن تتضاعف أصواته في ولاية سكسونيا.
يعد حزب البديل من أجل ألمانيا حزباً للمواطنين الغاضبين، لكن هناك أقساماً كبيرة غاضبة أيضاً في صفوف حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، والحزب الاشتراكي الديمقراطي، فكم سيكون عدد الناخبين الذين سينتزعهم حزب “البديل من أجل ألمانيا” من الأحزاب الكبرى؟
لا أعتقد أن عددهم سيكون كبيراً، لكن الأمر سيشمل أصوات الناخبين الذين يشعرون بأن الأحزاب الكبرى لا تعبر عن انشغالاتهم، إضافة إلى أصوات مزيد من الناخبين المترددين، وأيضاً عدد من المقاطعين سابقاً للانتخابات، حيث يرجح أن يصوتوا لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا.
بينما كان رد بون على سؤال بشأن الدعوات القضائية الجديدة لحظر الحزب القومي الألماني (حزب النازيين)، وكون ذلك سيرفع من عدد ناخبي حزب البديل من أجل ألمانيا، فقد قال: أعتقد أنه من المرجح أن تأثير مساعي حظر الحزب النازي لن يكون كبيراً، لكن من المؤكد أن بعض أنصار الحزب النازي سيدلون بأصواتهم لحزب البديل من أجل ألمانيا، خصوصاً في ولاية سكسونيا أو مكلنبورغ فوربومرن، على سبيل المثال، وهما الولايتان اللتان يستطيع داخلهما الحزب النازي أن يحصل نسبياً على أعداد كثيرة من الناخبين.
كما تطرق “دوتشيه فليه” خلال الحوار بالسؤال عن سبب توقع تراجع الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وكان رد بون بأنه يمكن القول: إن الدور الصغير للحزب الاشتراكي الديمقراطي داخل الائتلاف الذي يجمعه بحزب الخضر في ولاية بادن فورتمبيرغ يؤدي دوراً في التراجع المستمر للحزب، فحكومة الولاية يطغى عليها رئيس الوزراء فينفريد كريتشمان، والعديد من الناخبين المحتملين للحزب الديمقراطي المسيحي يمكن أن يشعروا بأن كريتشمان وحزب الخضر أقرب إليهم، وأعتقد أن العوامل التي ذكرتها تؤدي أيضاً وبكل تأكيد دوراً في التراجع الحالي للحزب الاشتراكي.
وفيما يتعلق بالحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي يفقد أيضاً أصوات الناخبين، وعن فرص التحالفات الجديدة، فقد قال ليون: لا أتصور في المستقبل القريب أن يتحالف الاتحاد الديمقراطي المسيحي مع البديل من أجل ألمانيا، سواء على مستوى الحكومة الاتحادية أو في حكومات الولايات، وهناك قرارات داخلية في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي تقول: إنه لا يوجد في الوقت الحالي أي تطلعات للدخول مع حزب البديل من أجل ألمانيا في مفاوضات أو محادثات لتشكيل حكومة ائتلافية، لكن الأمر مختلف مع التحالفات بين الحزب الديمقراطي المسيحي وحزب الخضر.
ففي ولاية هيسن يوجد حالياً مثل هذا التحالف، رغم ذلك ففي الوقت الحالي نلاحظ وجود هوة عميقة بين حزبي الخضر والحزب الديمقراطي المسيحي بسبب سياسات اللاجئين لهذا الأخير، لدرجة أنه لا يمكن تصور أي تعاون بينهما في الوقت الراهن على مستوى الحكومة الاتحادية.
وكان آخر الأسئلة التي وجهت لبون هي حول إمكانية أن يعود الحزب اللبرالي، الذي خرج من البرلمان إلى الساحة السياسية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف؟
وكان رد بون واضحاً في كون ذلك لن يكون سهلاً على الليبراليين، ولكن نلاحظ أنهم يحاولون العودة، فزعيم الحزب كريستيان ليندنر حاضر بقوة في وسائل الإعلام، كما أنه حاول أيضاً على الصعيد الوطني إعادة حزبه إلى اللعبة السياسية، ومستقبلاً يمكن أن تحدث مفاجآت، ذلك يمكن أن يحدث في بادن فورتمبيرغ مثلاً، حين سيتم تشكيل الحكومة بعد انتخابات 13 مارس، ويفترض حينها التحالف بين الحزب المسيحي والاشتراكي والخضر نفسه، فهذا الاحتمال يمكن أن يكون موضوع تفكير؛ ما سيجعل مجدداً الحزب اللبيرالي أكثر انفتاحاً نحو الخارج.