في الأسابيع الأخيرة، شنت السلطات المصرية حملة أمنية غير مسبوقة في القاهرة تضمنت تفتيش الشقق بوسط القاهرة واعتقال طبيب ونشطاء من على مقهى، كما داهمت دار نشر، وأغلقت معرض فني.
جاء ذلك في تقرير لمجلة “التايم” الأمريكية عن الحالة التي تعيشها مصر قبل أيام من الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، وأسباب الحملة الشرسة التي تشنها السلطات ضد كل المعارضين والتي وصفت بأنها الأعنف”
وقالت المجلة في تقرير نشرته اليوم السبت:” موجة الاعتقالات تشير إلى أن الدولة تكثف حملتها على المعارضين السياسيين قبل أيام من الذكرى الخامسة لثورة يناير التي أنهت حكم الديكتاتور حسني مبارك الذي استمر حوالي 30 عاما تقريبا ، وهو ما دفع البعض للتأكيد أن تلك الحملة الأمنية دليل على أن النظام “الذي يقوده الرئيس عبد الفتاح السيسي، خائف بشدة من إندلاع اي احتجاجات جديدة” .
وأضافت:” إن جماعات حقوق الإنسان تقول إن العشرات من الشقق في وسط البلد وبخاصة قرب ميدان التحرير فتشتها السلطات ليلا أو نهارا، وقال مسؤولون أمنيون مصريون إن أكثر من 5000 شقه تم تفتيشها، ورغم أن هذا الرقم لا يمكن التحقق منها بشكل مستقل، إلا أن شراسة الحملة الأمنية دفعت العديد من النشطاء وأعضاء منظمات حقوق الإنسان إلى الإختباء لتجنب الاعتقال”.
ونقلت المجلة عن بعض النشطاء قولهم :” إنهم لا يخشون الاحتجاز فقط، ولكن الإختفاء، وقد وثقت جماعات حقوق الإنسان عشرات الحالات من المصريين الذين اختفوا على أيدي قوات الأمن.
وقال محمد لطفي مدير اللجنة المصرية للحقوق والحريات : “هناك شعور بأن الشرطة تتصرف تماما خارج القانون.. وإذا كنت صوت ينتقد الحكومة، فعليك التفكير بجدية أنك المعتقل القادم “.
ويقول منتقدون – بحسب المجلة – إن الاعتقالات الاخيرة دليل على عودة أمن الدولة في مصر بقوة خلال عامين ونصف منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي عام 2013، فبعد الاطاحة بمرسي، شنت قوات الأمن حملة أمنية خلفت أكثر من ألف قتيل وآلاف آخرين في السجون.
ووفقا لجماعات حقوق الإنسان، فإن الحملة الأمنية بعد 2013 اتسمت بالعنف واستخدام الشرطة للتعذيب المميت، تلك الوسائل التي كان المصريين يأملون أن تنتهي بعد ثورة 2011.
وبحسب المجلة، فأن هذه الحملة الأمنية استهدفت مجموعة واسعة من الجماعات التي ينظر إليها على أنها معارضة للدولة من بينها، العاملين في مجال حقوق الإنسان، أنصار مرسي، وغيرهم من النشطاء، ومن بين المعتقلين كان طاهر مختار، الطبيب الذي تم اعتقاله وآخرين عقب مداهمة الشرطة الاسبوع الماضي لشقتهم، كما تم اعتقال أحمد عبد الجواد، المدير الإداري لموقع مصر العربية الإخباري (قبل أن تتخذ النيابة قرارا بإخلا سبيله ).
وفي أواخر ديسمبر، ألقي القبض على أربعة من أعضاء حركة شباب 6 ابريل، وسط اتهامات بتظاهرهم بطريقة غير مشؤروعة، كما داهمت السلطات أيضا المؤسسات الثقافية، ففي أواخر ديسمبر، أغلقت السلطات جاليري تاون هاوس، وهي مؤسسة فنية مستقلة وسط القاهرة.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية المصرية، العميد حاتم فتحي، إن عمليات تفتيش الشقق الأخيرة مجرد إجراءات روتينية، وليس لها علاقة بذكرى 25 يناير، فتلك الشقق يتم استخدام بعضها لجرائم الدعارة مخازن مثالية للمخدرات. “.
لكن جماعات حقوق الإنسان تشكك في تصريحات الحكومة، وتقول إن هذه الحمة جزء من اتجاه يشير إلى حالة القلق المتزايد لدى الحكومة من الذكرى السنوية لثورة يناير .
وقال محمد المصري الذي يوثق حالات انتهاك حقوق الإنسان في مصر لصالح منظمة العفو الدولية:” إن تلك الحملة تشير لحالة الهلع التي تقلق الحكومة بسبب خوفها من الاحتجاجات.. وهذا يمكن أن يعطي رسالة عن كيف تنظر الحكومة للطريقة التي جاءت بها إلى السلطة بطريقة مثيرة للجدل”.
عبد الفتاح السيسي قائد القوات المسلحة الذي قاد الانقلاب العسكري عام 2013. قال في خطاب ألقاه ديسمبر الماضي :”لماذا أسمع دعوات لثورة أخرى؟ لماذا تريدون تدمير مصر؟لقد وصلت للحكم باختياركم وليس رغما عنكم”, بحسب رويترز.
ورغم الإجراءات التي تتخذها الحكومة، فن التوقعات بوقوع أي احتجاجات في ذكرى يناير ضئيلة جدا ، وبصرف النظر عن الحملات غير الرسمية على وسائل الاعلام الاجتماعية، دعت جماعات قليلة للتعبئة في الذكرى، ومع استخدام الشرطة للقوة المميتة يعني أن أي احتجاج ينطوي على مخاطر عالية.
ولكن بغض النظر، فأن استمرار الحملة يننشر حالة من الخوف بين المعارضين، أحد المدافيعن عن حقوق الإنسان أحمد عبد الله، يقول إن نجا من الاعتقال يوم 9 يناير، بعد قيام ثلاثة رجال مسلحين، يعتقد عبد الله أنهم رجال شرطة بملابس مدنية، حضروا للبحث عنه في مقهى يتردد عليه في حي العجوزة بالقاهرة.