كانت الأسرة ومازالت المرفأ الذي يرسو عليه قارب الإنسان ومنبع الدفء والأمان، والحضن الذي يأوي إليه المرء في الأفراح والنائبات، هي اللّبِنة الأساسية التي ترتكز عليها المجتمعات وهي الأصل الذي يعود إليه الفرد، وكلما كانت الأسرة مستقرة وسعيدة عاش الإنسان في كنفها حياة سويّة، كلُّ ما تحمله الحياة من متاعب ومشكلات قد تعكر صفو المرء ستتكسّر بمجرد أن يلج المرء بيته الأسريّ الهادئ، وكل ما يؤرق المرء يتبدد على أعتاب أسرة متماسكة ومترابطة.
هل يمكن أن يعيش المرء حياة سعيدةً ومستقرة مع أسرته وسط تقلبات العصر وصعوبات الحياة؟ الخطوات الأربع التالية ستسهّل الأمر:
خطّة الحياة الأسرية
إذا اخترت شريك حياتك يجب أن تكونا قد تحدثتما حول الأمور التي ستفعلانها والتي تحلمان بها قبل الزواج، ما الخطة التي وضعتماها كي يسير المركب بسلام ويُسر؟ كيف ستعيشان؟ وأين؟ ما طموحاتكما المشتركة؟ كيف ومتى ستحققانها؟ كيف ستساعدان بعضكما على تحمّل مشاق الحياة ومتاعبها وتحدياتها؟ كيف ستربيان أطفالكما؟ وما الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها بيتكما؟ وعندما تنجبان أطفالاً لا بد أن يكونوا ضمن الفريق الذي يضع الخطة حالما يبلغون سن الرشد وحالما يكون بإمكانهم أن يدركوا الأشياء والمفاهيم، لا بد أن يكونوا من مهندسي الخطة الأسرية؛ لأن أحلامهم وتطلعاتهم المستقبلية وأهدافهم في الحياة هي جزء لا يتجزأ من نجاح الأسرة، ولابد أن تكون الخطة مرنة بحيث يسهل تعديلها عندما تحدث أي متغيرات أو يطرأ أي جديد.
الحوار
يُعرّفه الباحثون بأنه أعلى المهارات الاجتماعية قيمة، ولا يمكن أن يعيش الإنسان داخل مجتمع مهما بلغت صفته دون أن يتقن أدنى مهارات الحوار، خصوصاً داخل الأسرة التي يعيش أفرادها في جغرافيا واحدة ويتقاربون أكثر من أي تجمّع إنساني آخر.
لكن إذا كنا لا نمتلك هذه المهارة فيجب أن نسعى جاهدين لامتلاكها، وليس الأمر بتلك السهولة، ولكنه بالمقابل ليس بالأمر المستحيل.
كما ينبغي أن يكون الحوار هو العمود الفقري الذي تقوم عليه حياتنا، فنتحاور مع أفراد الأسرة حول واقعنا، ونتناقش حول مشكلاتنا في محاولة لإيجاد حلول لها، ونتبادل الآراء حول أي مستجدات أو أحداث.
كما أن الفضفضة الأسرية هي أحد الأمور التي تساعد على تربية الأولاد تربية سليمة؛ لأن الحوار الحضاري داخل الأسرة عادةٌ صحيّةٌ تُعزز الروابط والعرى بين أفرادها وتنشر الدفء والثقة بينهم، لذلك يجب أن نكون على استعداد وعلى قدرٍ كبير من سعة الصدر لمناقشة كل الأمور مع أفراد الأسرة.
المشاركة
لا يعيش أفراد الأسرة في حدود مكانية واحدة فحسب، بل يجب أن يتشاركوا الحياة بما تحمله من تناقضات، يتشاركون الأحاسيس المختلفة، اللحظات السعيدة والحزن، ويساهم أفرادها في دعم بعضهم بعضاً، ولا بد أن يتفهموا اختلافاتهم البيولوجية والنفسية والعاطفية، واحتياجات كل واحد منهم.
إن الأسرة المتماسكة هي تلك الأسرة التي يفضي أفرادها إلى بعض بما يختلج في صدورهم، يتآزرون في المصائب ويقدمون العون لأي فرد يحتاج إلى ذلك، كما أن تشارك الواجبات والأعباء المنزلية يزيد من اللحمة والتماسك داخلها.
يوم الأسرة
من الرائع أن نخصص يومًا كل أسبوع أو كل أسبوعين للانفراد بالأسرة، قد نقضيه خارج البيت إن أمكننا ذلك أو داخله.
“ممنوع الدخول” هو المبدأ الذي يجب أن يترسخ لدى كافة أفرادها في ذلك اليوم، فبسبب المشاغل الكثيرة لم تعد الأسرة الواحدة تلتقي جميعها لقضاء وقت كافٍ معاً كما كانت تفعل الأسر والعائلات في السابق، يومٌ واحد للنزهة الأسرية في الخارج على الشاطئ أو في الحديقة سيجعل الجميع يتخلّص من الإجهاد والشحنات والقلق والاضطرابات.
لا شيء ينبغي أن يعكر صفو هذا الاجتماع العائلي الأسبوعي، لا اجتماعات طارئة ولا مشكلات عمل وترتيبات سفر ولا مواعيد أخرى، يجب أن يكون يوماً مقدساً نتفيأ فيه في ظلال الحنان الأسريّ.
المصدر: بصائر تربوية