في شمال العراق أسست الحركة الديمقراطية الآشورية في سهل نينوى كتائب عسكرية قتالية ضمّت أربعة آلاف مقاتل مسيحي ويُعرفون بـ”وحدات حماية سهل نينوى”، تتلقى هذه القوات مساعدات ماليّة من منظمة “ما بين النهرين الأمريكية” منذ شهر نوفمبر من عام 2014م، بالإضافة إلى حصولها على تمويل خارجي منتظم من الشتات الآشوري في الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا والسويد.
كما يتلقون تدريباً عسكرياً محترفاً من قبل شركات أمن أمريكية خاصّة كان يعمل أفرادها في الجيش الأمريكي، وكذلك يتلقون تدريبات ميدانية من قبل جنود أمريكيين ما زالوا في الخدمة ضمن قوات الجيش الأمريكي في العراق، هذا بالإضافة إلى المتطوعين الأجانب في صفوف القوات الكردية في سورية والعراق الذين عبّروا عن رغبتهم للانضمام للقتال باسم المسيح، وقد تمّ تجنيدهم وإيواؤهم تحت مُسمّى وحدات حماية سهل نينوى.
في الأشهر الماضية القليلة بدأت وسائل الإعلام والصحافة الغربية بالالتفات إلى ظاهرة ازدياد أعداد المتطوعين الأجانب للقتال في صفوف المسيحيين العراقيين المقاتلين، خاصّة وأنّ الغالبية العظمى منهم قدموا من الولايات المتحدة الأمريكية، وقد سبق لهم أن خدموا في القوات الأمريكية في العراق أو في أفغانستان، ووفقاً لبعض التقارير الصحفية؛ فإنّ بعضاً من هؤلاء المتطوعين قد شاركوا في القتال الجاري داخل الأراضي السورية ضمن مجموعات أجنبية متطوعة يقومون هم بتنظيمها في أرض المعركة، فبحسب الناطق باسم وحدات حماية الشعب الكردية في سورية، فهناك ما يزيد على 100 مواطن أمريكي يقاتلون في سورية بدافع حماية الدين المسيحي هناك، في حين صرّحت القوات الكردية في العراق عن وجود ما يزيد على 10 مقاتلين أجانب مسيحيين في صفوف الأكراد، وأنّها لن تستقبل أكثر من هذا العدد خلال عام 2015م.
“أريد أن أساعد لتبقى أجراس الكنيسة تُقرع في العراق”.. بهذه الكلمات عبّر الجندي الأمريكي السابق بريت عن سبب تطوّعه للقتال في العراق ضمن صفوف العراقيين المسيحيين المقاتلين، بري) والذي لقّب نفسه بــ”جندي المسيح – ملك نينوى”، وقد فضّل عدم ذكر كنيته الأخيرة حماية لعائلته يبلغ من العمر 28 عاماً، سبق وأنْ خدم في الجيش الأمريكي في العراق ما بين عامي 2006 – 2007م، وفي شهر ديسمبر 2014م ارتحل إلى شمال العراق للانضمام إلى مجموعة نامية من المقاتلين الأجانب تقاتل في صفوف القوات الآشورية، ويقول بريت: إنّهم يتلقون مئات طلبات التطوّع للالتحاق بجنود المسيح من مختلف أنحاء العالم.
“دويخ نوشا”.. قبلة المهاجرين للقتال المقدّس
“دويخ نوشا” باللغة الآرامية تعني “الاستشهاد”، واختيرت الآرامية من قبل هذه الكتيبة لأنّه يُعتقد بأنّها اللغة التي كان يتكلم بها المسيح، وتتكون كتيبة “دويخ نوشا” من 200 مقاتل عراقي مسيحي، من بينهم 9 مقاتلين مسيحيين أجانب، وبحسب إيمانويل يوكاهانا، الأمين العام للحزب الآشوري المموّل لهذه الكتيبة، فإنّه يوجد على قائمة التطوّع أكثر من 900 طلب تطوّع أجنبي.
نساء أجنبيات يتطوّعن للقتال باسم المسيح
جيني السيدة المتطوعة في كتيبة “دويخ نوشا” والتي وافقت على لقائها عبر وسائل الإعلام، أبدت إعجابها بالنساء الكرديات اللواتي ألهمنها للتطوّع والهجرة من بلدها للقتال في العراق بجانب القوات المسيحية، وأوضحت جيني أنّها باتت على معرفة قوية بالتقاليد المسيحية الأصيلة من خلال القوات العراقية المسيحية العسكرية.
أمّا المجندة “الإسرائيلية” المتطوعة جيل روسنبرج والتي تحمل الجنسية الكندية فتطوّعت للقتال في كتيبة “دويخ نوشا” بعدما تدربت وخدمت في جيش الاحتلال “الإسرائيلي”، وكان تنظيم “الدولة الإسلامية” قد أعلن أسرها، إلّا أنّها نفت ذلك عبر صفحتها على “الفيسبوك”.
تنظيم “أبناء الحرية الدولي”.. لإنشاء الجيش المسيحي
في 19/ 2/ 2015م غرّد المخرج والصحفي الأمريكي ماثيو فانديك، على صفحته على “التويتر”: “لماذا لم أتواجد كثيراً على التويتر في الشهرين الماضيين: أنا في العراق أساعد في تنشئة الجيش المسيحي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية”.
فانديك هو مؤسس تنظيم “أبناء الحرية الدولي” العسكري وغير الربحي الذي يقدّم مهمّة التدريب والاستشارة للمسيحيين العراقيين لمحاربة “تنظيم الدولة الإسلامية” كما جاء في تعريف التنظيم المدوّن في الموقع الرسمي التابع له، وقد تمّ تأسيس التنظيم في نوفمبر 2014م بالتزامن مع إنشاء وحدات حماية سهل نينوى.
الدعوات لصالح جنود المسيح علناً
في حال رغبتَ بالتّبرع مالياً لدعم جنود المسيح في العراق وسورية فما عليك سوى الدفع ببطاقة الفيزا مباشرة عبر الإنترنت من خلال صفحة التبرّع للكتائب المسيحية المسلّحة من أي مكان في العالم، وفي حال رغبتَ بالتطوّع للانضمام إلى صفوف كتائب المسيح في الحرب الدائرة في العراق أو في سورية، فطريقك إلى ذلك هو التواصل المباشر عبر صفحات التواصل الاجتماعي سواء في “الفيسبوك” أو “التويتر” أو المواقع المُعدّة لذلك، بهذه السهولة يتم الترويج للقتال باسم المسيح.
الحقائق السابقة كافية لدفعنا إلى إعادة ضبط عدسة الرؤية، ورفض انتقائية زاوية التصوير في اختزال كل مشهد دموي وكل وجود ميليشي مسلّح تحت عنوان “الإسلام والإسلاميون”، وتعمّد تجاهل تكبير العدسة، بل السعي إلى الخروج من ثقب الشاشة نحو أفق الحقيقة، فيمكن لأجهزة الإعلام وآلات الصحافة أن تخلق مشهداً وتصهره لسنوات على الشاشات وسطوح الصحف حتى تصل في النهاية إلى إقناع المشاهد بأنّ هذا المصطنع هو الواقع.
نعم يمكن ذلك رغم أنّه لن يشمل جميع المشاهدين، لكن مع مرور الوقت فإنّ الهوة بين الواقع والحقيقة سوف تتسع حتى لا تعود حدود الشاشة قادرة على احتوائها وحصارها داخل الصندوق.
المصدر: موقع “إسلام أون لاين”.