أكد المحلل السياسي علي باكير أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تمثّل المشكلة الكبرى لتركيا والسعودية في سورية.
بين الضحية والجلاد
وأضاف في مقال بجريدة “العرب” القطرية تحت عنوان “هل سيتسبب أوباما في حرب عالمية قبل رحيله؟”: ففي حين تدفع الإدارة الأمريكية الرياض وأنقرة إلى حل سياسي تساوي فيه بين الضحية والجلاد، تغض النظر تماماً عن قيام النظام السوري وحلفائه بالتقدم عسكرياً على مساحة البلاد، ولا تكتفي بعدم فعل شيء، بل تساعد في بعض الأحيان في دعم هذا التقدم كما في حالة المليشيات الكردية، وتستغل التصعيد العسكري الروسي من أجل أن تضغط على المعارضة السورية وعلى تركيا والسعودية للالتزام بالأجندة السياسية التفاوضية.
وتابع: البعض يتجاهل أو لا ينتبه إلى أن إدارة أوباما كانت قد أمنت خلال المرحلة الماضية تفاهمات مع جميع الأطراف المعادية للثورة السورية ولمصالح تركيا والسعودية، فهي عقدت اتفاقها بشكل رسمي علني مع نظام الأسد منذ الهجوم الكيماوي في العام 2013م، ومع المليشيات الكردية منذ أحداث عين العرب في العام 2014م، ومع روسيا منذ التدخل العسكري المباشر في العام 2015م، وقبل كل هؤلاء كانت قد عقدت تفاهماً مع إيران في العام 2009م تحول فيما بعد إلى اتفاق رسمي علني في العام 2013م (الاتفاق النووي) تم إبرامه فيما بعد في العام 2015م.
ورأى باكير أنه أمام هذه الحقائق تتقلص الخيارات المتاحة أمام تركيا والسعودية، والدولتان تحاولان الآن بكافة الوسائل «المتاحة» أن تصمدا في التصدي لهذه التفاهمات دون الاضطرار إلى الدخول في معركة مباشرة مع إدارة أوباما.
قبل أيام هاجم الرئيس التركي مواقف واشنطن بشدة، محملاً إياها المسؤولية عن بحر من الدماء، وقد ترافق ذلك مع إعلان السعودية عن استعدادها إرسال قوات برية إلى سورية، ولا شك أن هذا المقترح هدفه بالدرجة الأولى إحراج إدارة أوباما، ودفعها إلى تغيير حساباتها، لكن في حسابات الأخيرة من الصعب قبول دخول قوات برية ضخمة أو المشاركة بدخول هذه القوات إلى سورية؛ لأن ذلك سيتطلب التزامات عسكرية ومالية وسياسية طويلة الأمد، وهذا يتناقض مع مبدئها الأساسي في رفض أي التزامات من هذا النوع، فضلاً عن حقيقة أنها سترحل خلال بضعة أشهر، ولذلك فهي لا تبحث عن حرب وإنما عن عمل رخيص وسريع ويأتي على حساب الطرف الأضعف من قبيل وقف إطلاق النار أو التقدم في المسار السياسي.
التفاف أمريكي
وأردف باكير: ولأن إدارة أوباما لا تستطيع أن ترفض المقترح السعودي بشكل علني، تقوم الآن بالالتفاف عليه من خلال مقترح إرسال «القوات الخاصة» محدودة العدد، فمثل هذا الخيار قد يكون مفيداً بالنسبة لها فيما يتعلق بأولوية محاربة «داعش»، لكن للآخرين أولوياتهم أيضاً، والرد التركي على المليشيات الكردية يوم السبت الماضي دليل على ذلك أيضاً.
وأشار إلى أن تركيا والسعودية تريدان أن تفهما إدارة أوباما بأنهما جادتان فيما تقولانه، وأنه لم يعد بالإمكان تحمل المزيد، لكن يبدو أن الأخيرة لا تريد أن تفهم ذلك، وهذا وضع خطير للغاية، فبالنسبة إلى تركيا والسعودية، فإن طبيعة الموقف الأمريكي في الملف السوري لا تترك لهما أي مجال لأي خيارات أخرى أقل خطورة وأكثر نجاعة، وهذا يعني أن أوباما يدفعهما بسياساته الحمقاء إلى إمكانية اتخاذ إجراءات قد تؤدي في نهاية المطاف إلى الدخول في صراع مباشر مع روسيا وإيران في سورية، وهذا ما قد يتسبب في اندلاع حرب عالمية.