كما أن هناك نساء على أبواب الجنة بخوفهن من الله ومراقبتهن له وبطيب أخلاقهن وطهارة سلوكياتهن وصدقهن وعفتهن، حافظات للغيب عفيفات قاصرات الطرف على أزواجهن لا ينظرن إلى غير رجالهن ولا ينتقلن بين قلوب الرجال هنا وهناك.
فإن هناك نساء أيضاً على أبواب جهنم بعدم مراقبتهن لله وخيانتهن لأزواجهن وتمردهن عليهن وكذبهن ونرجسية تعاملاتهن وانتقال عواطفهن تارة إلى رجل غير زوجها أعجبت بعلمه ودراساته فأوقعته في فخها بعد أن نصبت له شراكها، وتارة لغيره أعجبت بماله فأوقعته في فخها بعد أن نسجت حبالها لتسلبه ما أمامه وما خلفه من أموال، وتارة لآخر ذي منصب علمي رفيع غير زوجها لتكذب عليه وتوقعه في فخ نرجسيتها ومصلحتها حتى تنال منه الأضواء وما لم تستطع أن تناله من زوجها.
الحقيقة أنني أتعرض في هذه القضية إلى قضية نفسية مرضية اجتماعية خطيرة تواجدت بوضوح في مجتمعاتنا العربية بعد ثورة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي من – “فيسبوك” – وغيرها.
ما سأعرضه هو نموذج فعلي لكوارث حقيقية حدثت بالفعل وربما يتكرر حدوثها خاصة في ظل غياب بواعث الخوف من الله، ونرجسية شخصيات قد ترى أنها الأمثل وأنه لا يعادلها أحد في عالمها، معتبرة أنها الأصوب في كل شيء وغيرها على غير ذلك، وقد رأينا أنه من الأمانة التربوية أن نتعرض إليها لنلقي الضوء الأخضر سريعاً قبل أن يتحول إلى ضوء أحمر، فتنغلق إشارات المرور، وعندها لا يحصد أصحابها من وراء ذلك سوى الخسران المبين في الدنيا والآخرة، فانتبهوا أيها السادة وانتبهن أيتها النساء إلى خطورة الأمر، وكفى ضياعاً لبيوت المسلمين وهدماً لصروحها التي بنيت على كلمة الله وشريعته.
خيانة الزوجة
هذا المفهوم للأسف صار مقصوراً ومنذ زمان بعيد في مجتمعاتنا العربية على إتيان الفاحشة – الزنا – وفقط، في حين أنه مفهوم له أبعاد كثيرة تتشكل وتتنوع حسب التصرف والموقف.
فاتصال الزوجة برجل غريب وتواصلها معه على مواقع التواصل الاجتماعي دون علم زوجها وإخفائها الأمر عليه بحجة أنها ناضجة وليست صغيرة، ولن يجرؤ أحد أن يشغل قلبها غير زوجها، وأن الحرية وانفتاح التواصل والأفكار والحضارات وغير ذلك مسألة صارت واجبة وضرورة وغيرها من فلسفات في ظاهرها رحمة وفي باطنها عذاب.
هذا الاتصال هو أيضاً خيانة لزوجها، وباب من أبواب جهنم، قد أوقفت نفسها ذليلة صاغرة عنده تنتظر عقاب ربها.
هذا الاتصال هو أمر أيضاً يدخل تحت مظلة خيانة الزوجة وعدم حفظها لميثاق الزوجية، باعتبار أنه يجب أن تكون مع زوجها كتاباً مفتوحاً بعيدة عن الشبهات مهما كانت تدّعي الكمال في دينها وخلقها، فيجب أن تخبره بتواصلها مع فلان، وأن تطلعه على طبيعة التواصل حتى لا ينفرد بها الشيطان.
إنشاء الزوجة لأكثر من حساب على مواقع التواصل الاجتماعي، وإبراز أحد هذه الحسابات لزوجها وإخفاء الباقي عليه من الحسابات الأخرى التي أنشأتها بأسماء مستعارة, كذلك أن يكون للزوجة أكثر من رقم اتصال هاتفي تخبر زوجها عن رقم واحد منها وتخفي عنه باقي الأرقام هو أيضاً خيانة لزوجها، وباب من أبواب جهنم قد أوقفت نفسها ذليلة صاغرة عنده تنتظر عقاب ربها.
عدم إخبار الزوجة واستئذانها لزوجها في التواصل مع زملائها الرجال على المواقع تحت مسمى أنهم أصدقاء أو أصحاب فضيلة علماء أو أصحاب فكر، ولهم عليها فضل سابق في علم أو تعليم، أو أنه رجل مسن في عمر كبير لن يطمع فيها، وغير ذلك من تلبيسات إبليس وفلسفات الشياطين الملتوية، حتى لو كانت أموراً علمية أو ثقافية أو حضارية أو فكرية؛ هو أيضاً خيانة لزوجها وباب من أبواب جهنم قد أوقفت نفسها ذليلة صاغرة عنده تنتظر عقاب ربها.
إهداء الزوجة لرجل عرفته على “الفيسبوك” وغيره بهدايا مادية حتى لو كانت كتباً علمية أو ثقافية أو دينية أو إصلاحية أو غيرها من كلمات الإطراء والإعجاب، أو الصور الشخصية حتى لو كانت تظهر فيها باحتشام؛ هو أيضاً خيانة لزوجها وباب من أبواب جهنم قد أوقفت نفسها ذليلة صاغرة عنده تنتظر عقاب ربها.
حب الزوجة لثناء وإطراء أحد الرجال الأجانب بها أو بعلمها أو خبرتها أو تميزها أو حضورها أو غيره أو انجذابها وإعجابها برجل غير زوجها وتواجدها ليل نهار على صفحته في مواقع التواصل، تاركة اهتمامها بزوجها، تتابعه عن كثب على مواقع التواصل تشير إليه بالإعجاب وتعلق على كلماته بالثناء، وهو كذلك يفعل لها وعلى صفحتها؛ هو أيضاً خيانة لزوجها وباب من أبواب جهنم قد أوقفت نفسها ذليلة صاغرة عنده تنتظر عقاب ربها.
اشتراك الزوجة مع رجل غريب – مثقفاً كان أو حتى متديناً – في محافل ومنتديات وزيارات مرضى أو مصابين وتبادلهما التصوير والصور التذكارية دون علم زوجها واستئذانه؛ هو أيضاً خيانة لزوجها وباب من أبواب جهنم قد أوقفت نفسها ذليلة صاغرة عنده تنتظر عقاب ربها.
كذب الزوجة ونفيها وإنكارها زواجها لرجل على مواقع التواصل بعد أن أُعجب بها وبمنشوراتها نفيها له بأنها متزوجة هو أمر أيضاً يدخل تحت عباءة خيانة الزوجة، بل إن هذا النفي والإنكار فيه ما فيه من أقصى درجات التجرؤ الشديد على الله من الكذب والخيانة، فنفيها وإنكارها لزواجها هي لا تدري بأنها بذلك تكون قد حكمت على نفسها بفاحشة الزنا في حين أنها متزوجة برجل على سُنة الله ورسوله.
أَبَعْدَ هذا التجرؤ على الله من كارثة؟
أعتقد أنه من السهل على من تجرأت على ربها أن تتجرأ على زوجها بل وعلى الدنيا كلها.
نرجسية الزوجة واعتزازها بشخصها وسمتها وعلمها وغرورها وتعاليها على زوجها، وعدم اهتمامها بنصائحه وخوفه عليها بضرورة توقيف تواصلها مع الرجال على المواقع، ثم عزمها على المواصلة بحجة أنها ليست صغيرة، أو أن الزمان أصبح غير الزمان، أو أن تبادل الثقافات والمفاهيم والزيارات بين الرجال والنساء في المحافل والمناسبات لا شيء فيه طالما أنها تخدم قضية إنسانية؛ منكوبين، جرحى، محتاجين.. وغير ذلك من الفلسفات الكاذبة تحت زعم إصلاحي أو ديني أو ثقافي؛ هو أيضاً يدخل تحت عباءة خيانة الزوجة وعدم مراعاتها لطاعة زوجها ولميثاق الزوجية؛ وهو باب من أبواب جهنم قد فتحته بنفسها ووقفت برغبتها ونرجسيتها ذليلة صاغرة عنده تنتظر عقاب ربها.
حذف الزوجة أو حظرها لزوجها من الصداقة على صفحات حسابها وتغيير مسميات حساباتها، وإبقاؤها على أصدقائها الرجال دون زوجها الشرعي؛ هو باب كبير أيضاً من أبواب خيانة الزوجة، وهو أيضاً باب من أبواب جهنم قد فتحته بنفسها ووقفت برغبتها ونرجسيتها ذليلة صاغرة عنده تنتظر عقاب ربها.
أيها السادة، انتبهوا قبل فوات الأوان.
فصحيح أن هناك من الرجال من يخون زوجته بمثل هذه التصرفات، إلا أن خيانة الزوجة أخطر من خيانة الزوج بكثير، فهي ألم نفسي يشعر به ليله ونهاره يحول دون طعامه وشرابه وحياته ونجاحاته، وقد يقف حائلاً نفسياً أمام كل طموحاته، بل هي في نهاية المطاف تعني طلاقاً وهدماً كاملاً لصرح الزوجية وضياع الأبناء.
إن خيانة الزوجة شعور ربما عجزت الكلمات عن وصف مدى ألمه وما يترتب عليه في نفسية الزوج وكذلك الأبناء.
أليس من المذهل والمستغرب أن يهب زوجاً لزوجته الدنيا على طبق من ذهب وربما من ماس ثم يفاجأ بأن هذا الطبق قد كان سبباً في صعقه حتى سقط مغشياً على وجهه يوماً ما تماماً كالصاعقة تنزل بدون وقت محدد ودون سابق إنذار.. فيموت من الصعق ومن بعده الأبناء.
فليس من الوفاء لعقد الزواج والميثاق والحياء والشرع وحفظ المعروف وضمان المواثيق أن يزرع الزوج قلبه ورود حب وعطف وبذل وسخاء وعطاء تتفجر من خلالها ينابيع وفاء لشريكة حياته، ويحيط بها أشجار العاطفة ويزينها قطرات حنان تماماً كما تزين قطرات ندى الصباح اللامعة الأزهار، ثم تضرب بذلك كله عرض الحائط وتذهب لرجل غريب على مواقع التواصل الشيطاني وغيره تتعرف عليه وتنشغل به، تعجب وتشاركه، تميل بعاطفتها له، تكذب علي زوجها من أجله، وهل هذه عادات المسلمين والعرب أم أنها موبوءات طبيعية اعتدنا كمسلمين وعرب أن نسمع عنها في غير بلاد المسلمين.
لا يعقل بأي حال أن تجعل زوجاً زوجته تعتلي هذه الحديقة الجميلة الطاهرة النقية من كل شبهه وسوء ويجلسها على عرش حديقتها ويأبى أن يعتليه سواها، ثم تأتي هي بمن تواصلت معه على “الفيسبوك” ومال قلبها له تحت زعم الدين أو الثقافة أو الفكر الحضاري أو غيرها من منطقيات التحليل الزائفة كي تقدمه بنفسها لدخول حديقة قلبها طاردة منها زوجها متمردة عليه، ليعتلي ذلك الذي أحبته وبه أعجبت قلبها ويسحب اهتمامها ووقتها وحياتها فتتسبب الزوجة في هدم صرح الزوجية وتشريد أبنائها بعدما تكون قد استوجبت كره الأبناء وبغضهم.
ألا تستوعب مثل هؤلاء الفاعلات أنها ربما تعيش وتموت وتحيا ألف مرة في عذاب يتلوه عذاب قبل موتها ورحيلها من الدنيا جزاء خيانتها لزوجها وإنكارها لزواجها منه وهدمها للصرح الذي بنته بقلبها ورغبتها وروحها وكيانها وقبل ذلك بكلمة الله وشريعته.
انتبهوا قبل أن تجف الينابيع وتتبخر وتنهدم المملكة ويسقط العرش.
انتبهوا قبل أن يخيم ظلام وحزن وسكون يعانق سحب السماء وتتحول القلوب إلى صحراء قفراء مظلمة، وقد انغلقت عليها كل منافذ الهواء النقية بعدما صارت تتنفس الهواء الذي أفسد حياتها.
فخيانة الزوجة من أخطر ما يكون وهي وجع مؤلم لا يوصف بكلمات.
رسائلي إلى أخواتنا الزوجات:
1- لست أكتب من واقع الخيال أو الاحتمال أو قصص أنسجها، بل هي حقائق ما زال أصحابها يبكون دماً قبل الدموع كلما قصّوها علينا، وباعتبارنا متخصصين في الاستشارات الأسرية والتربوية؛ فإن مثل هذه الحالات يأتينا أصحابها بها يقذفونها على أروقة مكاتبنا لنحاول مستعينين بالله مساعدتهم بدرجة أو أخرى في تخفيف محنة ما حدث لهم أو الوصول بهم إلى مرحلة من الأمان النفسي ولو بدرجة ما تساعدهم على الوقوف ثانية.
2- سيداتي الزوجات، اعلمن أن كلمة خيانة صارت في مجتمعاتنا سنين طويلة بل ومازالت مقصورة الفهم ومحصورة على إتيان فاحشة الزنا، وهذا سيداتي هو المفهوم الأخير للخيانة، أما الخيانة بمفهومها الواسع الشامل فقد تحدّث عنها علماء كثيرون ومتخصصون في الاستشارات الزوجية والنفسية والأسرية والتربوية، وذكروا بأنها تأخذ أشكالاً وألواناً عديدة؛ كأن تكون خيانة في ابتسامة، خيانة في إعجاب، خيانة حين ينشغل القلب برجل غير الزوج، خيانة حين تطرب وتسعد الزوجة بإطراء وثناء أحد الرجال على أسلوبها أو علمها أو حضورها، خيانة حين تقابل الزوجة رجلاً غير زوجها تعرفت عليه على “الفيسبوك”، وغيره دون إخبار زوجها وفي الخفاء، خيانة حين تمنح الزوجة أو يمنحها رجل هدايا أو تحدث بينهما دردشات على “الإنترنت” أو اتصالات هاتفية أو مقابلات أو غيرها وغيرها في الخفاء بعيداً عن زوجها.
3- سيداتي الزوجات، هل تقبلن وترضين وهل يطمئن ضميركن حين يعطي الزوج كل الحب والوفاء والإخلاص ويهب حياته في سبيل إسعادك، يخاف عليك يحبك يهتم بك يحميكِ من الأعداء لا يجعلك تعرفين للحاجة سبيلاً ثم تعطيه أنتِ في المقابل ألماً وخوفاً وحزناً لا ينتهي بعدما تعرفتِ على رجل أجنبي لا يحل لكِ.
4- سيدتي الزوجة، خيانتك أن يزرع لك زوجك طريقاً كله أمل، وأن يأخذك بيده لبر الأمان، وأن يفتح أبواب الدنيا أمامك، ويضيء المستقبل أمامك بأبهى الألوان، ثم يفاجأ بكِ تزرعين في طريقه الأشواك بل أشواك دامية وتسدين كل الدروب أمامه بمختلف الصخور والعناد والتمرد.
5- سيدتي الزوجة، خيانتك هي أن يرعاكِ زوجك كطفلٍ تماماً يسقيكِ الحب، وفي المقابل تسقيهِ أنتِ ألماً ودموعاً ووجعاً وحزناً.
6- سيدتي الزوجة، الخيانة دمار وتدمير، خلق سيئ وحرام يجعل من صاحبه أقبح الناس، الخيانة صفة دميمة لا يقبلها دين ولا شرع، الخيانة أن تقتلي زوجكِ بأبشع الطرق وهو عذاب نفسي لا يطاق.
أغلقوا أبواب جهنم..
فما أجمل أن تكون نياتنا وقلوبنا وأرواحنا صافية لا تعرف خيانة ولا ألماً كقلوب الأطفال!
فما أجمل أن نقدر المشاعر التي تقدم لنا ممن نحب، نرعاها ونحافظ عليها بحق الله لتبقى دوماً!
فما أجمل ألا نقطع اليد التي امتدت إلينا وساعدتنا وساندتنا وحفظتنا من الشبهات والحرام!
بل من الوفاء والدين أن نغمرها بالدفء والحنان ونتعهدها ونسقيها بالحب والاهتمام.
فما أجمل أن نبتعد عن الشبهات ونتقيد بالأخلاق الحميدة، وأن نزرع الوازع الديني أمام أعيننا، وأن نكون أمناء على عواطفنا ومشاعرنا فلا نمنحها إلا لمستحقيها على شرعة الله، وأن نكون أمناء على قلوبنا فلا يدخلها إلا لمن ملكها بحق الله على كتابه وسُنته، حينها والله سيعمّنا الخير وسينام الواحد منا مطمئناً حين يريد أن ينام.