سلط برنامج “ما وراء الخبر” على شبكة “الجزيرة” الضوء على أبعاد قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ببدء سحب القوات الروسية من سورية، وعلاقة هذا القرار ببدء مفاوضات تسوية الأزمة السورية في جنيف والتقارير التي تتحدث عن توافقات بين القوى الكبرى بهذا الشأن.
مدير مكتب “الجزيرة” في موسكو زاور شوج وصف قرار بوتين بالخطوة المفاجئة، باعتبار أن الروس وضعوا سقفا زمنيا مفتوحا لتدخلهم العسكري، يتراوح بين 12 و18 شهرا.
وأشار زاور إلى أنه لا تفاصيل أوردها بيان الكرملين بشأن قرار الانسحاب سوى أنه يبدأ الثلاثاء، وأن موسكو ستحتفظ ببعض التواجد العسكري في قاعدة حميميم والقاعدة البحرية في طرطوس.
وأثار زاور مجموعة من التساؤلات بشأن الخطوة الروسية، تتعلق بتوقيتها، والأهداف التي وضعها الروس عندما تدخلوا في سورية، وهي القضاء على ما أسموها التنظيمات الإرهابية.
وربط قرار الانسحاب من سورية بالتصعيد العسكري في شرق أوكرانيا خلال الفترة الأخيرة، وبخطر تنظيم “الدولة الإسلامية” والتنظيمات الجهادية في منطقة آسيا الوسطى، إضافة إلى الوضع الاقتصادي الصعب في البلاد، حيث يسعى بوتين إلى الخروج من اللعبة بأقل الخسائر.
غير أن التساؤل الكبير الذي طرحه يتعلق بمصير الأسد، وهل سيتركه بوتين وحيدا ويتخلى عنه، وهو الذي دعمه وأسهم إلى حد ما في تغيير موازين القوى على الأرض، وما مصير مفاوضات جنيف بين النظام والمعارضة السورية في ضوء قرار بوتين؟
توازنات جديدة
الكاتب والباحث السياسي محمد زاهد غل وصف من جهته الخطوة “بالشجاعة” التي ربما قد تكون مدخلا لإعادة تطبيع العلاقات بين موسكو وأنقرة بعد التوتر الذي شهدته في المدة الأخيرة، ورجح أن تسهم الخطوة أيضا في خلق توازنات جديدة في المنطقة تسهم في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية.
توافقات سرية
وأثار غل بدوره تساؤلات حول التوافقات التي تكون قد حصلت ودفعت بوتين إلى اتخاذ هذا القرار، وقال: إن الروس الذين دفعوا دفعا لدخول المستنقع السوري، يريدون تحقيق أهدافهم بالمفاوضات بعد أن فشلوا في تحقيقها على الأرض، حيث إنهم لم يتمكنوا من دحر المعارضة السورية وتقوية حليفهم الأسد.
ورأى أن الروس أدركوا أن بقاءهم العسكري في سورية لم يعد مهما، ولم يستبعد حصول توافق بينهم وبين الأمريكيين بهذا الشأن، وأن الإيرانيين أيضا أدركوا عجزهم عن تحقيق أي نصر على حساب المعارضة والشعب السوري، وحذر الكاتب والباحث السياسي السوريين من محاولات الالتفاف عليهم، وهذه المرة عن طريق المفاوضات.
أما الخبير في العلاقات الدولية جوشوا واكر فاستبعد أن يكون هناك أي تنسيق بين موسكو وواشنطن بشأن قرار الانسحاب الروسي من سورية، وقال إن الخطوة جاءت في توقيت مهم جدا، لكنه ربطها بحسابات روسية في القرم وأوكرانيا، إضافة إلى الوضع الاقتصادي في البلاد.
وبشأن مدى تأثير الخطوة الروسية على مفاوضات جنيف، أوضح واكر أن موسكو تأمل أن تكون لها توافقات حتى تظهر كأنها انتصرت في سورية، وأن حليفها الأسد انتصر، وأشار إلى أن الروس يدركون أن الأسد انتهى، وتساءل في السياق نفسه عن قدرة الإيرانيين على تأمين الأسد بعد انسحاب روسيا من سورية.
وشكك واكر -وهو مستشار سابق لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الأمريكية- في نوايا روسيا، وحذر واشنطن من أن موسكو ستواصل التنافس مع القوى الكبرى.