تحت عنوان “مصر تسعى لنزع فتيل الغضب الإيطالي من مقتل ريجيني”، أفردت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية تقريراً حول قضية مقتل الطالب الإيطالي جيوليو ريجيني في مصر تزامناً مع بدء الوفد المصري تقديم نتائج تحقيق كان قد فتح قبل أكثر من شهرين حول قضية ريجيني، لنظرائهم في روما.
وذكر التقرير أن وفد المحققين المصري وصل إلى روما، أمس الأربعاء، ومعه ملف من ألفي صفحة حول التحقيقات التي تم فيها استجواب أكثر من 200 شخص، بحسب تقارير إعلامية إيطالية.
وأوضح التقرير أن الاجتماع يهدف إلى طمأنة الإيطاليين بأن السلطات المصرية لم تدخر جهداً في سبيل الوصول إلى قتلة الباحث الإيطالي وتقديمهم إلى العدالة.
وأكد التقرير أن قضية ريجيني تعد اختباراً حقيقياً لرئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي الذي تجمعه علاقة وثيقة – أمنية وتجارية – بنظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، لكنه بات الآن يواجه ضغوطاً مكثفة لاحتواء الغضب الشعبي من تلك الواقعة.
وقال ماتيا تولدا، الخبير في السياسة الخارجية الإيطالية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية بلندن: العلاقة صفقة كبيرة بالنسبة لإيطاليا، لكن مصر فقدت معظم رصيدها من الثقة في الشهرين الأخيرين بطريقة لم تكن ذكية أبداً.
وكان ريجيني (28 عاماً) قد وُجد مقتولاً وعلى جثته آثار تعذيب وجروح متعددة بطعنات وحروق سجائر وأثار تعذيب أخرى، وهي ملقاة على قارعة الطريق على مشارف القاهرة في الـ 3 من فبراير الجاري، بعد اختفائه في الـ 25 من يناير الماضي.
ويعتقد معظم الخبراء أن مقتل ريجيني يحمل بصمات أجهزة الأمن المصرية التي طالما تواجه اتهامات باعتقال وقتل مئات المعارضين، وهو ما تنفيه الأولى جملة وتفصيلاً.
وحذر مسؤولون إيطاليون القاهرة من نتائج وخيمة حال لم تقدم الأخيرة تقريراً مفصلاً حول واقعة ريجيني.
وأضاف تولدا أن الخيارات المطروحة أمام إيطاليا مقتصرة على استدعاء سفيرها، وتحذير رعاياها بالذهاب إلى مصر لداوعي أمنية أو حتى طلب الدعم من شركائها في الاتحاد الأوروبي عبر ممارسة الضغوط على القاهرة في تلك القضية.
وأشار تولدا إلى أن كافة تلك الخيارات حتى لا تتعدى كونها رمزية، موضحاً أن مخاطر استدعاء السفير الإيطالي شيء رمزي بحت، كما أن حظر السفر إلى القاهرة سيؤثر سلباً على السياحة المصرية المأزومة في الأصل ولكن على حساب تصاعد الخلاف مع حكومة السيسي.
وبخصوص طلب الدعم من الدول الأوروبي، والكلام لا يزال لـ تولدا، فإن الاتحاد الأوروبي ربما لا يظهر حرصاً على المخاطرة بعلاقته مع مصر لمساندة روما التي كانت تغازل النظام المصري في السابق.
وتابع: الأمر يتوقف على ما إذا كان فريق التحقيق المصري سيستطيع التوصل إلى شيء يمنح به رئيس الوزراء الإيطالي فرصة لتحسين صورته أمام الرأي العام المستشيط غضباً من تلك الحادثة.
واستطرد بقوله: وإذا لم يتوصلوا لشيء، فسيكون من المستحيل أن يقف رينزي مكتوف الأيدي.
وقال المحققون المصريون: إن ريجيني اختطف وقتل من قبل عصابة إجرامية، ربما تظاهروا بأنهم أفراد من الشرطة المصرية.
وذكرت الشرطة مؤخراً أن جميع أفراد العصابة المزعومة وعددهم خمسة، قتلوا في هجوم عليهم، وإنه عثر على متعلقات شخصية لريجيني، بما في ذلك جواز سفره، بحوزتهم.
لكن هذه الرواية كانت موضع تشكيك من قبل أسرة ريجيني، التي تصر على أن قوات الأمن المصرية وراء القتل، ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي الذي قال: إن بلاده لن تقبل إلا بـ “الحقيقة المريحة”.
وكانت إيطاليا هددت أمس الأول الثلاثاء، بأنها ستتخذ إجراءات “فورية وملائمة” لم تحددها ضد مصر إذا لم تتعاون الأخيرة بشكل كامل في الكشف عن الحقيقة وراء مقتل مواطنها الذي كان يجري بحثا علميا عن النقابات المستقلة في مصر.
وتسبب مقتل ريجيني في وصول العلاقات المصرية الإيطالية إلى أسوأ حالاتها، في الوقت الذي رفض فيه المسؤولون الإيطاليون مختلف الروايات التي ذكرها المحققون المصريون عن ملابسات مقتل ريجيني، ومن بينها أنه قتل في حادث مروري.
ويقوم الباحث الإيطالي في مصر منذ سبتمبر الماضي بإجراء أبحاث حول العمال والحقوق العمالية، وهو موضوع غاية في الحساسية بالنظر إلى كون الاضطرابات العمالية واحدة من العوامل الرئيسة في اندلاع ثورة يناير 2011م التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك بعد 30 عاماً قضاها في الحكم.