الجواب عن هذا السؤال يختلف باختلاف أحوال المسلم، فالمسلم القارئ المتعلم غير المسلم الأمي.
فيستطيع المسلم أن يحصل هذا العلم المفروض عليه، إما بالتلقي والسماع مشافهة من علماء ثقات في علمهم وتقواهم وحسن فهمهم للدين وللواقع معا. وهذا ما يلزمه الأميين، وليس لهم خيار في غيره، واجتهاد المسلم هنا في اختيار العالم الذي يتلقى منه.
ويجب أن يفرق المسلم بين العالم الواعظ الذي يأخذ منه الموعظة والتذكير، والعالم الفقيه الذي يتلقى عنه الأحكام والشرائع، فليس كل واعظ مؤثر، أو خطيب مفوه، يكون ثقة في فقهه وفتواه، فإن الله وزع المواهب والقدرات، وقليل ما هم.
ومن وسائل التثقيف في عصرنا: الشريط المسموع (الكاسيت)، وهو وسيلة مهمة وسريعة التأثير، ويمكن للإنسان أن يستخدمه وهو في سيارته، أو في محل تجارته، أو المرأة في مطبخها، أو غير ذلك، دون أن يتكلف جهدا غير الاستماع والتفهم. ويضاف إلى ذلك في عصرنا ما يبثه “التلفاز” من برامج دينية، وإما بالقراءة والمطالعة لكتب ألفها علماء ثقات كذلك، وستظل للكلمة المكتوبة قيمتها وأثرها في التوجيه والتثقيف، وهي الأطول عمراً، والأبقى أثراً.
وينبغي للمسلم أن يتخير الكتب التي يقرؤها عامة، والتي يتعلم منها دينه خاصة، فإن المطابع تخرج كل يوم الثمين والغث، والجديد والرث، فكم فيها من أصيل نافع، وكم فيها من دخيل ضار، وعلى المرء أن يأخذ ما صفا، ويدع ما كدر. وقد قال أحد الحكماء: أخبرني ماذا تقرأ؟ أخبرك: من أنت!
هذا.. وقراءة الكتب القديمة لا يحسنها كل أحد، فهي تحتاج إلى أدوات ومفاتيح خاصة لفهمها، لما فيها من مصطلحات، وقضايا علمية متصلة بعلوم مختلفة، لغوية وشرعية، يستغلق فهمها على كثير من الناس، ولابد من تلقيها على شيوخها، ليفكوا رموزها، ويردوها إلى أصولها.
ومن هنا حذر الراسخون من علماء الأمة من أخذ العلم عن “الصحفيين”، ويعنون بهم الذين يكونون علمهم من “الصحف” وحدها، دون أن يعيشوا في مدارس العلم، ويعايشوا أهله، ويخالطوا شيوخه وتلاميذه، وقالوا في ذلك قولتهم المشهورة: لا تأخذ القرآن من مصحفي، ولا العلم من صحفي! فالقرآن لا يؤخذ ممن تعلمه من المصحف وحده، ولم يتلقه على أيدي شيوخه القراء المتقنين، وكذلك العلم.
وفرض على المسلم أن يسأل في كل ما يعترضه من مسائل أو مشكلات يجهل فيها حكم الشرع، ولا يجوز له أن يعمل فيها بهواه، أو حسب رأيه الخاص، أو رأي من ليس من أهل العلم والفتوى، ولا عذر له في ترك السؤال حياء، أو كبرا، أو كسلا، أو انشغالا بأمر الدنيا، قال تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، و(فاسألْ به خبيراً).
وقال صلى الله عليه وسلم في شأن قوم أهملوا السؤال في واقعة حدثت لهم، ترتب عليها قتل امرئ مسلم: “قتلوه قتلهم الله، هلا سألوا إذا لم يعلموا؟ فإنما شفاء العي السؤال”.
المصدر: موقع صحيفة “السبيل” الإلكتروني.