أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا صباح اليوم الخميس تقريراً حول معتقلين فلسطينيين في السجون العراقية من اللاجئين إلى العراق عام 1948 م ويصادف صدور التقرير الذكرى 68 للنكبة الفلسطينية.
وبين التقرير أنه في أعقاب الإحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، تعرض اللاجئون الفلسطينيون في العراق لعملية اجتثاث منظمة من قبل أمريكا والحكومات العراقية المتعاقبة والميليشيات الطائفية التابعة لها، وكانت أبرز مظاهر الاجتثاث القتل والتهجير والأعتقال التعسفي والتعذيب والأحكام الجائرة بموجب ملفات حوت تهما ملفقة.
وأسفرت تلك الإنتهاكات إلى تقليص عدد الفلسطينيين المقيمين في العراق خلال تلك الفترة بنسبة 90% حيث لم يتبق من مجموع اللاجئين الفلسطينيين الذي وصل تعدادهم إلى أكثر من 40 ألف إبان الغزو سوى 3500 يعيشون في مناطق مختلفة من العراق أغلبهم في العاصمة العراقية بغداد لا زالوا يتعرضون لمختلف صنوف التمييز والملاحقة.
أعداد المعتقلين
وأوضح التقرير أنه لم تتوافر أية بيانات رسمية دقيقة عن أعداد المعتقلين الفلسطينيين في السجون العراقية حاليا، لكن من خلال التواصل مع عدد من أسر المعتقلين إضافة إلى قائمة بأسماء معتقلين سلمتها السلطة الفلسطينية للحكومة العراقية برئاسة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي والتي تشمل 39 معتقلا فلسطينيا ليكون العدد الذي أمكن توثيقه في السجون العراقية 47 معتقلاً على الأقل، بينهم 5 لا زالوا قيد الإختفاء القسري، 5 آخرين محكوم عليهم بالإعدام، 8 معتقلين محكوم عليهم بالسجن المؤبد، ومعتقل واحد محكوم بالسجن عشرة سنوات، ومعتقل واحد قيد الحبس الاحتياطي، بينما 27 معتقلا غير محدد موقفهم القانوني.
تعذيب بشع
وبين التقرير أن الفلسطينيين المعتقلين في السجون العراقية تعرضوا لتعذيب بشع من جلد وكي وصعق بالكهرباء، لإجبارهم على الاعتراف بتهم وجرائم لم يقوموا بارتكابها، جميعها تتعلق بممارستهم الإرهاب، وبالفعل اتهم معظمهم بارتكاب أعمال إرهابية كالقيام بعمليات تفجير، أو التخطيط لتلك العمليات، واتهمت الغالبية العظمى منهم بالحث والتحريض على ممارسة الإرهاب، وبعض أولئك المعتقلين اعتقلوا من قبل الميلشيات بسبب عملهم في شركات استثمارية سعودية، أو شركات عراقية تسوق منتجات سعودية.
وأوضح التقرير أن معاناة المعتقلين لم تقتصر على تقييد حريتهم وتلفيق اتهامات مفبركة لهم، وحرمانهم من الحق في المحاكمة العادلة لمجرد انتمائهم إلى المذهب السني، بل قامت السلطات العراقية باحتجازهم في ظروف غير آدمية بعضهم في سجون سرية، حيث يتم تعريضهم للتجويع بمنع الطعام والشراب عنهم لفترات طويلة، وحرمانهم من الأدوية والعلاج اللازم لحالات مريضة منهم، بالإضافة إلى تعرضهم للتعذيب البشع بصورة مستمرة، ورفض إعطاء ذويهم تصاريح لزياراتهم.
كما ترفض السلطات العراقية تمكين ذوي المعتقلين من توكيل محامين للدفاع عنهم، بالإضافة إلى الحكم على بعضهم بالسجن والإعدام على الرغم من مطالبة بعض المعتقلين إعادة التحقيقات معهم نظراً لاعترافهم تحت الضغط والتعذيب.
وأضاف التقرير أن أسر أولئك المعتقلين أيضا لم يسلموا من الضرر فقد تعرض أغلبهم للملاحقات الأمنية والتهديدات من قبل الميليشيات العراقية، مما دفع بعضهم الى الهروب خارج العراق فرارا من ذات المصير الذي تعرض له ذويهم، وفي سبيلهم لإجلاء مصير ذويهم أو وقف معاناتهم وإطلاق سراحهم داخل السجون العراقية تعرض البعض منهم للنصب والإبتزاز من قبل أشخاص ومحامين وأفراد أمن عراقيين، حيث كان يتم إعطائهم وعودا زائفة لإنهاء معاناتهم مقابل مبالغ مالية كبيرة.
وذكر التقرير أن ملف هؤلاء المعتقلين ظل مهملا لسنين طويلة حيث لم تبدأ الجهود الرسمية الرامية لحل تلك الأزمة وإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين بالعراق بشكل فعلي إلا في عام 2012، حيث قام الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن بتسليم قائمة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تشتمل على أسماء 39 معتقلاً فلسطينياً في السجون العراقية أثناء حضوره مؤتمر القمة العربية في بغداد بتاريخ 29/3/2012، وفي ذلك الوقت وعدت السلطات العراقية بالإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين إلا أن أياً من تلك الوعود لم ينفذ، كما لم تعيد السفارة الفلسطينية بالعراق أو الرئيس الفلسطيني بمتابعة هذا الملف مجددا.
وذكر التقرير في هذا السياق أن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أجرت عدة محاولات للتواصل مع السفارة الفلسطينية في العراق للوصول إلى معلومات أكثر دقة حول أزمة الفلسطينيين بالعراق، ومعرفة أسماء المعتقلين وبياناتهم، والسؤال حول الإجراءات التي قامت بها السفارة لحل تلك الأزمة، إلا أن السفارة لم تقم بالرد على أي من المكالمات التليفونية أو رسائل البريد الإلكتروني التي قامت المنظمة بإرسالها.
وعرض التقرير لشهادات تفصيلية مدعمة بالمستندات لعدد 16 معتقلا من إجمالي المذكورين في الجدول، حيث كشفت تلك الشهادات إهدار حقوق أولئك المعتقلين تماما وتعرضهم لجملة من الانتهاكات الجسيمة أوصلت بعضهم إلى الحكم بالإعدام، أو السجن المؤبد، وبعض أولئك المعتقلين مازال قيد الإختفاء القسري حتى الآن.
وأكد التقرير أن قوات الإحتلال بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية تتحمل المسؤولية الكاملة عما حل باللاجئين الفلسطينيين حيث شاركت وشجعت الحكومات العراقية المتعاقبة والمليشيات التابعة لها في عملية اجتثاثهم من الأراضي العراقية.
وطالب التقرير أمين عام الأمم المتحدة تشكيل لجنة تحقيق للوصول إلى العدد الحقيقي للمعتقلين الفلسطينيين في السجون العراقية وإجلاء مصير المختفين قسريا والتحقيق فيما تعرضوا له من تعذيب والعمل على إطلاق سراحهم.
كما طالب التقرير الرئيس محمود عباس تفعيل الجهود الرامية لإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين في السجون العراقية على كافة الصعد فهناك خطر على حياتهم وخاصة أولئك المختفين قسريا، والمحكومين بالإعدام.