الخرافات هي كل باطل وخطأ وكذب وزور، ينشر بين الناس. فالدعوات الباطلة، والشعارات الزائفة والرايات المنكرة التي ترتفع في سماء المسلمين والإشاعات والأغاليط والأباطيل، من أشكال هذه الخرافات، الموّجه غالباً للحياة السياسية أو الاجتماعية أو الأخلاقية أو الثقافية أو الاقتصادية.
وقد غزت الخرافات المجال الاقتصادي ونشرت فيه كثيراً من إشاعاتها وأباطيلها، وسمّمت الحياة الاقتصادية ولوثتها وأفسدتها.
يقول د. صلاح الخالدي في كتابه: “إسرائيليات معاصرة”: يريد اليهود من وراء ذلك استمرار تحكمهم في الاقتصاد العالمي، وفي الأموال والأرصدة للدول الأخرى.
وقد وجّه اليهود ومعهم مروجو الخرافات إشاعاتهم وأباطيلها للاقتصاد عند المسلمين.
شككوا في وجود نظام اقتصادي في الإسلام، وأنكروا أية صلة بين الإسلام والاقتصاد، وقرنوا الاقتصاد بالرِّبا، وجعلوا الرِّبا ضرورةً اقتصادية عالمية وجعلوا جمع المال غاية، أجازوا لها كل وسيلة واعتبروا التجارة شطارة، وأجازوا الرشوة والقمار والسرقة وأكل الأموال بالباطل.
وللأسف، فقد حققوا بخرافاتهم الاقتصادية المعاصرة إلى حد ما ما يريدون من استغلال وتحكّم وسيطرة.
وفيما يلي نعرض أبرز مظاهر الخرافات في المجال الاقتصادي في بلاد المسلمين:
أولاً: خرافة “انقطاع الصلة بين الإسلام والاقتصاد”: حيث يوهم مروجو الخرافات الاقتصادية المثقفين المسلمين بعدم وجود صلة بين الإسلام والاقتصاد.
إذ يتساءلون باستنكار وخبث: ما للإسلام والاقتصاد؟ الإسلام ينظِّم صلة المسلم بربه عن طريق العبادة والذكر، والاقتصاد يبحث في عمل وجهد وكسب المسلم في الحياة، فأية صلة بينهما؟!
وتقرِّر خرافاتهم أنه لا اقتصاد في الإسلام، وأن الإسلام قاصر عن سّن تشريعات اقتصادية، ويعتبرون تدخُّل الإسلام في الاقتصاد تعطيلاً له وإفساداً وتخريباً.
يقول مروجو الخرافات الاقتصادية لدعاة الإسلام ونظامه الاقتصادي: نحن ندع لكم المساجد لتمارسوا إسلامكم فيها وعليكم أن تدعوا لنا أموالنا وأسواقنا ومشاريعنا الاقتصادية لنفعل فيها ما نشاء.
وموقف مُروِّجي هذه الخرافات الاقتصادية، كموقف أهل مدين الذين استغربوا تدُّخل نبيهم شعيب عليه السلام في انحرافاتهم المالية وتجاوزاتهم التجارية الاقتصادية، وكأنهم يقولون له: ما لدينك واقتصادنا؟، وما دخل صلاتك وعبادتك في أموالنا وتجارتنا.
يقول تعالى في ذلك: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ {84} وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ {85} بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ {86} قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ {87}) (هود).
إن الخرافات الاقتصادية حول خلو الإسلام من التقريرات الاقتصادية، داحضة باطلة، ينقضها أيّ ناظر في آيات القرآن التي تقدِّم حقائق اقتصادية ثابتة، ومنها:
المال مال الله وليس مال الإنسان، والله هو الذي يرزق الإنسان هذا المال.
الإنسان مستخلف في مال الله، وليس مالكاً له، والمُسْتخلف مطالب أن يتصرف في المال كما حدّد له الله مال المالك.
الطرق المباحة للتصرف في المال حدّدها الله للمسلم وحذره من الطرق المحرمة في ذلك.
توزيع المال يريده الإسلام على أكبر قدر ممكن، ولا يريد تجميعه في يد فئة قليلة.
لذا، فقد استخلص المفكرون والباحثون من الإسلام نظاماً اقتصادياً متكاملاً، وبيّنوا أسسه وجوانبه، وعقدوا مقارنات موضوعية بينه وبين النظم الاقتصادية الأخرى.
وقد تبيّن لكل باحث ومفكر أسبقية الاقتصاد الإسلامي ورياديته وشموله وربانيته وأخلاقياته وأنه نسيج وحده.
ثانياً: خرافة “الحرية الاقتصادية: دعه يعمل دعه يمّر”: حيث يقوم الاقتصاد الرأسمالي الغربي على خرافة اقتصادية رفعها مروجو الخرافات المعاصرة شعاراً بارزاً لذلك الاقتصاد، وهو “دعه يعمل، دعه يمّر”.
أي لا تتدخل بالمال، بل دع هذا المال يعمل ويتحرك ودعه يمّر أينما شاء ويذهب كيف يشاء. لا تقيده. طالما يحقق لك الربح والفائدة.
ولذلك، وصف النظام الاقتصادي الغربي الرأسمالي بأنه اقتصاد حر، لأنه يقوم على الحرية الاقتصادية المنفلتة ويعمل بدون كوابح أو قيود أو ضوابط.
المال والاقتصاد عند مصدقي هذه الخرافة هو الأساس وهو غاية بحد ذاته، وهو عصب الحياة وهو الذي يتكلم ويقرِّر، وهو أساس تكريم الرجال، ولسان حالهم يقول: إن أكرمكم عندنا أغناكم وأقواكم عندنا أغناكم، هكذا يوزن الرجل بمقدار ما يملك من المال.
“دعه يعمل، دعه يمّر” خرافة اقتصادية وتضليل. فرغم اعترافنا بأهمية المال وضرورته للفرد والأمة، إلا أن إسلامنا يقرِّر بمنهاجه الاقتصادي المنضبط أن المال وسيلة لعبادة الله، وسيلة لإنشاء الحياة الكريمة.
الإسلام في مناهجه الاقتصادي، يقيِّد حركة المال بالقيود الضرورية ويضع له الضمانات اللازمة حتى يبقى عملاً نافعاً وليس طوفاناً مدمِّراً.
الإسلام لا يُقر إلا وسائل الكسب الحلال، والتجارة الأخلاقية المباحة، والتملك المشروع، وهو في المقابل يحرِّم وسائل الكسب غير المشروع والتملك الحرام.
الإسلام يرسم الطريق الصحيح لاستثمار المال وتشغيله ويمنع المسلم من تشغيل المال في طرق محرمة حتى لو درّت عليه فائدةً وربحاً وكسباً.
الإسلام لا يدعُ المال يعمل ولا يدعه يمّر، هكذا بلا ضوابط، لذلك يحارب هذا الخرافة الاقتصادية التي يتباهى بها الغربيون ومن حذا حذوهم ويعتبر الحرية الاقتصادية المنفلتة من كل قيد أو شرط أو ضابط جرثومة فتكٍ باقتصاد الفرد والأمة.
ثالثاً: خرافة “الرِّبا ضرورة اقتصادية”: حيث أطلق مروجو الخرافات الاقتصادية هذه الخرافة “الرِّبا ضرورة اقتصادية” وهي خرافة من أسوأ الخرافات الاقتصادية.
تقول هذه الخرافة الاقتصادية: إن الرِّبا ضرورة لأي نظام اقتصادي معاصر، وتصَّرف مالي بين الدول والبنوك والشعوب والأفراد، وإن المال والرِّبا أمران متلازمان لا ينفصلان وإنه يستحيل إنشاء نظام اقتصادي على غير الرِّبا، أو نجاح تبادل تجاري غير ربوي، أو تعامل مالي غير ربوي.
على أساس هذه الخرافة أقيمت أنظمة اقتصادية، وأنشئت بنوك، وأعطيت قروض وقررت خطط ووضعت مناهج دراسية في الكليات والجامعات، ودُرِّست فيها النظريات الاقتصادية، وأُلّفت لها كتب، ورُفعت لها شعارات ونُشرت لها دعايات، وقام أساتذة اقتصاديون بتدريسها للطلبة، وتخرّج عليها جموع من الخريجين.
وتكونت قناعة اقتصادية بهذه الخرافة الاقتصادية، وأصبحت عقيدة جازمة عند قطاعات واسعة من المفكرين والمنظرِّين والمخططين والمحللين.
ووصلت عدوى هذه الخرافة إلى بلاد المسلمين ومراكز التعليم ومحاضن التربية، وراجت على جموع من الدارسين والباحثين والخريجين، ممن يزعمون أنهم مسلمون.
وأقامت حكومات المسلمين أنظمتها وخططها ومشاريعها الاقتصادية على أساس هذه الخرافة الاقتصادية فأنشأت البنوك والشركات والمؤسسات الربوية وقررت التصرفات المالية الربوية، وعقدت الاتفاقيات المالية الربوية مع الدول الأخرى وأخذت القروض المالية الربوية.
وإذا وقف داعية مصلح وأنكر هذه الخرافات الاقتصادية، وبيّن خطورة وآثار وحرمة الرِّبا، وطالب المسلمين بالتخلي عنه وإعادة بناء المال والاقتصاد على أساس الاقتصاد الإسلامي، فإن مروجي الخرافات ومصدقيها، يستغربون دعوته وينكرون عليه تفكيره ويتهمون في فهمه وعقله وفكره، إذ كيف يتجرأ ويخالف أمراً أجمع عليه العالم المعاصر ويعتبرونه مدمراً للاقتصاد الوطني مخرباً للنشاط التجاري، لذلك فهو عدو للأمة واقتصادها ومالها وتقدمها وازدهارها.
أما إذا بشّر هذا المسلم الداعية بنظام اقتصادي إسلامي ناجح خالٍ من الرِّبا، وبيّن أسسه وقواعده فإن مصدّقي الخرافات الاقتصادية يجعلونه مادة للسخرية والاستهزاء، فهو – في نظرهم – غبي جاهل ضعيف العقل غير واقعي يقولون عنه هذا حتى لو كان من كبار المفكرين الاقتصاديين والمختصين في شؤون المال والتجارة.
علماً بأن الإسلام حرّم الرِّبا تحريماً جازماً صريحاً، وآيات القرآن واضحة في تحريمه وبيان خطورته المدمرة على الاقتصاد الوطني والعالمي، كما في سورة البقرة (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {275} يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ {276} إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {277} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {278} فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {279} وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {280} وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ {281}) (البقرة).
وقد ورد في تفسير هذه الآيات حقائق ثمانية، تبيِّن كذب الخرافة الاقتصادية في اعتبار الرِّبا ضرورة اقتصادية عالمية:
لا إسلام مع قيام نظام ربوي في بلاد المسلمين.
النظام الربوي بلاء على الإنسانية في إيمانها واقتصادها.
النظام الاقتصادي في الإسلام لا ينفصل عن النظام الأخلاقي.
التعامل الربوي يفسد ضمير الفرد المرابي وخلقه.
حين حرّم الإسلام التعامل الربوي أقام نظم حياة المسلمين على أساس الاستغناء عنه.
يستحيل أن يحرّم الله الرِّبا ويكون فيه خير أو منفعة للبشرية.
الإسلام لا يلغي المؤسسات المصرفية، ولكنه يطهرها من لوثة الرِّبا.
الزعم باستحالة قيام الاقتصاد العالمي على أساس غير الأساس الربوي، ما هو إلا خرافة وأكذوبة ضخمة.
ومما يُثبت كذب هذه الخرافة، نجاح المسلمين وبجهودهم المتواضعة في تأسيس مصارف إسلامية وشركات ومؤسسات إسلامية، وبيوت استثمار لمشاريع تجارية إسلامية، على أساس النظام الاقتصادي الإسلامي، خالية من التعامل الربوي.
وقد اعترف اقتصاديون وخبراء ماليون، حتى من الغربيين، بنجاح النشاط التجاري الإسلامي غير الربوي، واعترفوا بإمكانية إقامة نظام اقتصادي غير ربوي وبذلك تلاشت تلك المزاعم والخرافات الاقتصادية !!. وما الأزمة المالية العالمية الأخيرة ببعيدة ؟؟.
فكيف لو صاغت دول المسلمين أنظمتها الاقتصادية على غير الرِّبا؟!
رابعاً: خرافة “التجارة شطارة”: حيث دعا مروجو الخرافات الاقتصادية إلى الفصل التام بين النظام الأخلاقي والتعامل التجاري، وطالبوا بعدم إقحام العنصر الأخلاقي في العمل التجاري، ورأوا أن مكان مكارم الأخلاق ليس السوق والتجارة ولا الاقتصاد، وإنما المساجد وبيوت العبادة، واعتقدوا بوجود التناقص الشديد بين القيم الأخلاقية والمعاملات التجارية.
يروِّجون هذه الخرافات بين التجار والاقتصاديين ورجال الأعمال والمال. ويقولون لهم: اختاروا إحدى سبيلين:
إما طريق رجال الأعمال الناجحين والتجار الرابحين، وعندها لا تفكروا بالقيم والفضائل الأخلاقية.
وإما عن طريق الأخلاق والفضائل، وعندها عليكم أن تهجروا طريق التجارة والاقتصاد والمال.
ويرفع مروجو هذه الخرافات شعار “التجارة شطارة”؛ أي أن الأخلاق والتجارة نقيضان لا يجتمعان.
ومعنى كون التجارة شطارة عند هؤلاء: أنها تقوم على استغلال الظّرف واقتناص الفرص، واستخدام أية وسيلة تقود للربح، بغض النظر عن كون هذه الوسيلة مباحة أم محظورة، مقبولة أم مرفوضة، أليست هذه الوسيلة تحقق مالاً وربحاً؟! إنها مقبولة في العرف التجاري، لأن التجارة شطارة!
وراجت هذه الخرافات في السوق التجاري والتعامل المالي، وانتشرت بين كثير من التجار ورجال المال والأعمال.
إذا نهيت تاجراً عن التعامل بالرِّبا، قال لك: دعني أُتاجر وأربح وأكسب، لأن “التجارة شطارة”.
إذا دعوت تاجراً إلى الصدق التجاري وترك الغش والتزوير والخداع والمكر والتحايل، قال لك: دعني أستخدم من الوسائل ما يحقق الربح، لأن “التجارة شطارة”.
وإذا نهيت تاجراً عن المتاجرة بالرذائل والفواحش وبيع الأعراض وترويج الدعارة وترويج المخدرات وتنشيط السياحة الضارة وترغيب السائحين بهذه القاذورات، رفض ذلك، لأن “التجارة شطارة”.
وإذا دعوت تاجراً إلى رحمة الضعفاء، والصدقة على المساكين ومساعدة المحتاجين، وإنظار المعسرين، وتأخير مطالبة المدينين العاجزين، رفض هذه الفضائل الأخلاقية، لأن “التجارة شطارة”.
الحقيقة، فالإسلام يحارب هذه الخرافات التجارية والشعارات الاقتصادية، ويربط ربطاً وثيقاً بين النظام الأخلاقي والتعامل التجاري، ويدعو التاجر المسلم الناجح إلى اعتبار التجارة عبادة لله وليس شطارة، يراعى أحكام الإسلام فيها ويتقرب بها إلى الله سبحانه ويرجو منه الرِّزق والرِّبح والتوفيق.
والآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تدعو إلى ذلك كثيرة، نعرض بعضاً منها للتأكيد، والتدليل والبرهنة.
يقول تعالى: (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {280}) (البقرة).
ويقول عز وجل: (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ {1} الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ {2} وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ {3}) (المطففين).
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إياكم وكثرة الحلف في البيع، فإنه ينفق ثم يمحق” (رواه مسلم)، ويقول عليه الصلاة والسلام: “رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى” (رواه البخاري).
وهكذا، يتضح مما سبق من آيات وأحاديث الرباط الوثيق بين الأخلاق والاقتصاد.