تضمنت بعض المشاريع التي شاركتُ بتنفيذها لصالح جهات متنوعة استخراج نتائج توجهات الرأي العام الإعلامية، ومنها درجة المتابعة والمشاهدة والاستماع لمختلف القنوات التلفزيونية والإذاعية والصحف وغيرها.
ثمة نتيجة عامة يمكن استخلاصها بوجود تدافع ما بين القنوات الهادفة من دينية وثقافية وغيرها من القنوات – برغم الأدوات غير المتكافئة بينها – فمثلاً تتصدر كل من إذاعة القرآن الكريم والغناء العربي الإذاعات الأكثر استماعاً في الكويت حسب آخر تقرير بين يدي، وهكذا في أكثر من نتيجة في القنوات الفضائية التلفزيونية، ووسائل التواصل الاجتماعي ومجالات القراءة وغيرها.
من الجوانب المهمة التي ربما لا يشعر بها الكثير من الناس أن القنوات ذات الوفرة المالية والثرية – تحديداً – تصنع رأياً عاماً متابع لها (إن كان المقصود المتابعة من المشاهدة، فيكون متابعاً لها؛ وإن كان من التبعية فهو، تابعاً لها) ليس فقط بما توفره من جودة إنتاج في كثير من الأحيان، وتنفق عليه بسخاء في برامجها، ولكن بما تمارسه في الرأي العام أيضاً! فتصنع جمهورها، وتزيد من مشاهدتها عبر مختلف الطرق المهنية وغير المهنية، كوضع الجوائز السخية بمبالغ طائلة جداً، مقابل أخذ أضعافها من جيوب الناس بطرق ذكية برسائل قصيرة ومبالغ زهيدة كتلك التي ما زالت تصلني منذ شهور من قنوات “إم بي سي” للمشاركة في مسابقة الحلم، وكذلك تستخدم هذه القنوات التأثير من خلال نشر نتائج بعض شركات استطلاعات الرأي والبحوث بأنها القنوات المتصدرة للتأثير على الناس فيصبح ما يطلق عليه تأثير الأغلبية.
ومن هنا نجد تفسيراً بكيف أصبحت قنوات (MBC) تتصدر نتيجة سؤالنا المفتوح دون خيارات –بدون خيارات- عن القناة الأكثر مشاهدة، والذي كررناه أكثر من مرة على المستجيبين في مشاريع متنوعة في أكثر من دولة عربية.
للأسف، تزداد الحيل في شهر رمضان المبارك وتكثر البرامج والمسلسلات، وليس سراً أن الدعايات بشهر رمضان تتضاعف قيمتها، وتصل لحظات الإفطار بالملايين عند بعض القنوات! وسمعت من أحد قادة وزارة الإعلام بأن المردود المالي في شهر رمضان من الدعايات يضاهي طوال العام حتى عند القنوات الحكومية! وفي دراسة ننفذها بشكل سنوي، نلاحظ الاهتمام الكبير في تقرير شهر رمضان عن باقي تقارير العام وينتظره صانعو سياسات البرامج بفارغ الصبر!
وما قبل شهر رمضان تستنفر بعض شركات الدعاية والعلاقات العامة والحملات الإعلامية بمشاريع ودعايات، وكأننا سندخل معركة محددة الزمان والمكان عنوانها «رمضان»، وحتى لو كان الكثير منها بدافع الربح واستثمار الفرص بغير مجال الطعام والشراب كالسيارات والأثاث وغيرها أيضاً!
إننا من يساهم بصناعة هذه الهستيريا، وجلب القلق لأنفسنا، وإنجاح خطط من يسرقون جيوبنا وأوقاتنا بأفضل الأيام بركة ودعاءً وعملاً صالحاً! نعم، فقد وضعنا أيدينا بأيديهم بكثرة مشاهدتنا ومتابعتنا على حساب العبادة والأمور النافعة وأعمال الخير.
نحتاج وقفة جماعية، ومعاهدة مع النفس لمقاومة شياطين رمضان الإعلامية، والدعاء بأن لا نكون من أدواتهم غير المباشرة لزيادة أرباحهم وخسران أموالنا وأوقاتنا الذهبية.