إن الحياة في ظلال الإيمان تختلف طعماً وذوقاً، وجمالاً وطهراً، وقناعة وصبراً، ورضاً واحتساباً وشكراً، أخذاً وعطاء، ضعفاً وقوة غنى وفقراً عن حياة خالية من الإيمان.
فإيمان المسلم له طعم خاص، حيث يصبغ الحياة بالإيجابية، فيعمرها بالتفاؤل رغم الألم، رغم كل ما تفعله الحياة، فحياة المؤمن تسوغها القناعة مع الفقر، ويسوغها الرضا مع الهزات وابتلاءات.
هي هكذا شحنة الإيمان تفعل فعلتها إذا ما خالج صدق الإيمان قلب المسلم، حينها ينير الإيمان قلب المسلم فتصبح الحياة كلها بسمة مطلقة.
إننا حين نعود للهدى نستلهم المعاني الحقيقية لطعم الإيمان، فالمصائب بعيون المؤمن غيرها في حياة غير المؤمن. فالإيمان مثل المسكنات يخفف الألم. فالمصائب بعيون المؤمن تخفف الخطايا وتجبر الضعف والتقصير، فالنبي صلى الله عليه وسلم يصف حال المؤمن حين تلاقيه المصائب فيا سبحان الله يا لها من وصفة سحرية تفتت الهموم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب (مرض) ولا هم ولا حزن ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه”.
كما تطيب النفس بالإيمان حين المسرات وعند استقبال النعم فما أكثر النعم التي سيقت لنا دون عناء وهبت دون طلب فكانت منحا منه تعالى حتى لا نرى فضلا لسواه فهو صاحب الفضل والعطاء كلا منه سبحانه وتعالى خلق الخلق وأعطى السمع والبصر وأخرج الزرع وأسال الضرع وأنزل القطر وهب الجمال في الخلق والنفس والكون ووهب الزوج والولد حتى لا يطمع الإنسان في أحد سوى صاحب الفضل وصاحب الفضائل الكاملة وما وهب الله كل هذه النعم إلا لتستقر نفس العبد وتسكن أن في هذا الكون الفسيح إله واحد أحد فرد صمد تقر له الطاعة والولاء ونوجب العبادة بمفهومها الشامل مصداقاً لقوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات: 56).
إن الحياة في ظلال الإيمان لها مستلزمات حتى يكون للإيمان أثر في نفس المسلم، فلا إيمان بلا تصديق فكل ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه يكون محل تصديق، وان الوعد بنصر الله للمؤمنين صدق، وأن من مستلزمات الإيمان أيضاً الثبات على الحق الذي عرفناه، وفي الحديث عنه: «ثلاثٌ من كنَّ فيه وجد بهنَّ حلاوةَ الإيمانِ، من كان اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه ممَّا سواهُما، وأنْ يحبَّ المرءَ لا يحبُّه إلَّا للهِ، وأنْ يكرهَ أنْ يعودَ في الكفرِ بعد أنْ أنقذَه اللهُ منه، كما يكرهُ أنْ يُقذَفَ في النَّارِ» (صحيح مسلم: 43).
وإن من مستلزمات الإيمان التمسك بالأخلاق الفاضلة، فالخلق ثمرة الإيمان فلا إيمان بلا خلق وعن عائشة رضي الله عنها قالت: “ما كان أحد أحسن خلقاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال: لبيك، فلذلك أنزل الله عز وجل: (وإنك لعلى خلق عظيم)”، ومن مستلزمات الإيمان العمل المنتج، الذي يحقق الأرباح لأن الذي يصمد في استكمال المشوار هو صاحب النفس الطويل المتحمل للجهد والأعباء الشاقة وأن عناية الله تدلل الصعاب وتمهد العقبات.