” حوادث إطلاق النار تقوض مصداقية أمريكا بالخارج”.. هكذا عنون “تيم ديس” المحلل الجيوسياسي والصحفي المتخصص في الشؤون الأسيوية مقالة له بمجلة ” فوربس” الأمريكية والتي راح يسلط فيها الضوء على حادث مقتل 5 رجال شرطة بنيران قناص في دالاس بولاية تكساس الأمريكية الخميس الماضي، وما له من تداعيات تتمثل في تقويض مصداقية أمريكا بالخارج فيما يتعلق بالممارسات العنصرية التي بدأت تتفشى في المجتمع في وقت تتشدق واشنطن بكونها المدافع الأول عن حقوق الإنسان والحريات بحسب مصر العربية .
وفيما يلي نص المقالة:
إن الحادث المأسوي الذي أطلق فيه مسلحون النارعلى رجال شرطة الخميس الماضي خلال مسيرة احتجاج في دالاس بولاية تكساس الأمريكية على مقتل شخصين من أصول أفريقية على أيدي الشرطة والذي يجيء بعد حوادث إطلاق نار من جانب الشرطة على اثنين من الأشخاص السود: واحد في مينيسوتا والأخر في لويزيانا، لا يُظهر الانقسامات العرقية العميقة فحسب في البلاد بل يؤثر أيضاً على مصداقية الأمريكيين بالخارج.
فبالرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية تتمتع، في معظم فترات تاريخها، بروح معنوية عالية في العالم الخارجي، وأيضاً تحتفظ لنفسها بصفة المدافع الأول عن حقوق الإنسان وسيادة القانون، تبعث عمليات القتل العشوائية وانتشار الفوضي في البلاد برسالة قوية وباعثة على القلق إلى كل من معسكري الأصدقاء والأعداء لـ واشنطن في الخارج على حد سواء.
على سبيل المثال، رفعت الولايات المتحدة الحظر المفروض على مبيعات الأسلحة لـ فيتنام خلال زيارة الرئيس باراك أوباما للبلد الأسيوي في مايو الماضي. وطالب أوباما خلال تواجده في مدينتي “هانوي” و”هوتشي مينه” المسؤولين في فيتنام بضرورة تحسين سجل البلاد السيء في مجال حقوق الإنسان
وكما هو المعتاد، أنصت المسؤولون الفيتناميون بحرص واهتمام كبيرين إلى نصائح واشنطن فيما يتعلق بحقوق الإنسان وحرية التعبير، وشرعوا في تنفيذ ما أراده منهم الأمريكان.
ومع ذلك، فإنه وبينما ظهر نسيج المجتمع الأمريكي وهو يتمزق أمام العالم على شبكات التواصل الاجتماعي وشاشات التلفاز، تبدو الرسالة الأمريكية مخادعة. فكيف للروح المعنوية لأمريكا أن ترتفع في ضوء حوادث إطلاق النار المميتة التي تشهدها البلاد إسبوعياً تقريباً؟
ففي ” هوتشي مينه،” أكبر المدن الفيتنامية، كنت أتحدث عن بلد أخر في جنوب شرقي أسيا معروف بأعمال العنف وحياذة الأسلحة وحوادث القتل الجماعي، وسرعان ما بادرني أحد أصدقائي الفيتناميين بقوله:” ربما لا يزال هذا البلد أقل خطورة للعيش فيه، مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية.”
وسمعت تعبيرات مشابهة في كل أنحاء منطقة أسيا- المحيط الهادي لمدة تزيد عن عقد من الزمان، من بينهم طلاب صينيون مولعون بالدراسة في أمريكا، لكن يتخوف أولياء أمورهم من إرسالهم إلى ” الولايات المتحدة الخطيرة.”
وعلاوة على ذلك، فإنه وبينما يستمر مؤشر المعنويات الأمريكي في التراجع جراء ممارسات الظلم العالمي مثل اقتحام روسيا لــ أوكرانيا وقيامها في العام 2015م بضم شبه جزيرة القرم وما يمثله ذلك من خرق للقانون الدولي وحقوق الإنسان، فإنها تفقد مصداقيتها أيضاً.
تراجع مصداقية الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الراهن يُلحظ أثره في الصين على وجه خاص، فواشنطن هي أشد منتقد لـ لبكين على زعم الثانية أحقية ملكيتها لأكثر من 80% من بحر الصين الجنوبي، واستصلاح الأراضي وكذا بناء جزيرة صناعية في المنطقة.
الصين: ثقافة السلاح الأمريكية الخطيرة
ومع ذلك، فإنه وبالرغم من أن أمريكا تدين قيام الصين بانتهاك القانون الدولي في بحر الصين الجنوبي، لا تستطيع أن تفرض سيادة القانون لديها في الداخل.
وفي أعقاب حادث إطلاق النار المميت في فيرجسون في العام 2014م، صرح عدد من المحللين الصينيين على شبكة ” ويبو” الصينية للتواصل الاجتماعي بـأن ” الأمريكيين يعشقون أسلحتهم”، بحسب ما نشرته صحيفة ” ساوث تشاينا مورنينج بوست” الصينية آنذاك.
وكتب مستخدم على ” ويبو”:” حيازة الأسلحة واستخدامها لا يزال [ أمرا طبيعيا] في الولايات المتحدة، لأنها وببساطة دولة ديمقراطية”.
وكرست الصين أيضاً موقعاً إليكترونياً إخبارياً لمتابعة حوادث إطلاق النار في الولايات المتحدة. وذكر أحد قراء الموقع أن ” الأمريكيين لا يزالون يشعرون بالإحباط في بحر الصين الجنوبي، لكنهم لا يستطيعون الاعتناء بأنفسهم في الداخل.”
كانت وكالة أنباء ” شينخوا” الصينية الرسمية، الناطق الرسمي للحزب الشيوعي الحاكم، قد ذكرت في أواخر العام 2014م أن ” حادث فيرجسون يبرهن مجدداً على أنه حتى في بلد حاولت على مدار سنوات أن تلعب دور القاضي والمدافع عن حقوق الإنسان الدولية، لا يزال أمامها الكثير لإدخال تحسينات على الصعيد المحلي.”