في تواصل لمسلسل القتل في سياق القانون، قضت محكمة بنغلاديش العليا، الثلاثاء 30 أغسطس 2016، برفض طلب استئناف أخير قدمه أحد قادة أكبر حزب إسلامي في البلاد ضد حكم بالإعدام صدر عليه بعد إدانته بجرائم حرب، ما يمهّد لإعدامه ربما في الأيام المقبلة.
حلقة في حلقات مسلسل أُعدم فيه قادة كبار من قادات الفكر والحركة في بنغلاديش بادعاءات من حزب عوامي الحاكم، ربما من يعرف سيرة هؤلاء القادة ودورهم المجتمعي يتعجّب كيف لدولة تعاني أزمات اجتماعية وضعف اقتصادي وسياسي على المستوى الإقليمي والدولي وكوارث إنسانية داخلية، أن تقوم بالتخلص من كوادر مجتمعية كهؤلاء.
مير قاسم ذو الـ63 عاماً، رجل الاقتصاد والسياسة، ورئيس تجمعات الخير لدى المجتمع البنغلاديشي، وصاحب الخبرة الاقتصادية التي جعلت منه رمزاً مجتمعياً، ساهم في دعم وتنمية قدرات الكثير من الأسر في بنغلاديش، وكان له دور في بناء الدولة عبر مشروع البنك الإسلامي الذي حقق طفرة اقتصادية حقيقية ليصبح البنك على يده من أكبر 3 بنوك في جنوب آسيا.
هو مير قاسم علي، ولد في 31 ديسمبر عام 1952م بمنطقة مونشيدانجى سوتالورىوسط بنغلاديش، بدأت حياته الحركية مبكراً، حيث أنضم إلى رابطة الطلاب الإسلامية وهو في المرحلة الثانوية، ليعيّن بعدها رئيساً لرابطة الطلاب الإسلامية في جامعته إلى أن وصل لمنصب الأمين العام للرابطة الطلابية الإسلامية لباكستان الشرقية، في عام 1977م، وهي كانت التسمية التي تطلق على بنغلاديش قبل دعاوى الانفصال عن باكستان.
صاحب حياة حافلة بالنضال والعمل المجتمعي منذ أن انضم للجماعة الإسلامية في 1980م، ليصبح أحد قادة الحزب السياسي للجماعة، تولى منصب المسؤول الإداري للجماعة الإسلامية في مدينة شيتاغونغ بعد الانفصال، فيما أصبح أمين صندوق الجماعة الإسلامية في منتصف الثمانينيات، كما تولى أيضاً ممثل الجماعة لدى رابطة العالم الإسلامي بالسعودية، وكان آخر مناصبه أن شغل منصب عضو في المجلس التنفيذي المركزي للجماعة، أعلى هيئة لصنع القرارات السياسية في الحزب الإسلامي.
رجل دولة وقائد مجتمعي
تنوّعت مهارات الرجل وحياته العمليّة ليتقلّد المناصب الواحدة تلو الأخرى، وجميعها ذات بصمات اجتماعية على أبناء بنغلاديش، فهو عضو مؤسسة فؤاد الخطيب الخيرية، ورئيس منظمة اتحاد الوكالات متعددة الخصائص والأهداف لبنغلاديش، والتي تعتبر واحدة من أقوى المنظمات غير الحكومية.
أدار عدة مؤسسات باقتدار وتخصص أكثر في العمل التعليمي، فقد كان مديراً لـمؤسسة العلامة إقبال سانغساد، وشارك في إدارة الجامعة الإسلامية في شيتاجونج، وإدارة جامعة دار الإحساء ومركز الإستراتيجيات ودراسات السلام بجانب رئاسته لشركة زراعية من أكبر الشركات في تخصصها في آسيا وهي شركة “الثقة للصناعات الزراعية”
رجل الاقتصاد:
في دولة تعاني وضعاً اقتصادياً هزيلاً، كان لابد من تكريم الرجل وليس قتله، فقد كان له دور بارز في تأسيس بنك بنغلاديش الإسلامي عام 1975م“IBBL”، وهو بنك يملك مصرف الراجحي السعودي60% من أسهمه، والباقي موزع بين الكويت وقطر والإمارات، ولأن الرجل كان يحمل همّ مجتمعه، فقد استطاع عبر عمله الانتشار بين الطبقات والفئات الكادحة في بنغلاديش، فوصل نجاح البنك أن حقق عائدات تجاوزت 150 مليون دولار سنوياً عبر شبكة من المؤسسات التعليمية والخدمية والمالية والصحية، حيث شارك في دعم وتأسيس 30 جمعية خيرية.
ولعلاقات الرجل الواسعة وقدرته على التواصل الخارجي عيّن مديراً تسويقياً لشركة ابن سينا للصناعات الدوائية المعروفة، وساهم في فتح الأفق أمام أبناء شعبه في الكثير من الدول الخليجية، كما امتلك الرجل (شركة كياري(المحدودة العاملة في مجال العقار والسياحة.
محاكم ظالمة
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية في بيان لها: إن على السلطات البنغلاديشية إلغاء عقوبة الإعدام الصادرة ضد مير قاسم علي، العضو البارز في المجلس التنفيذي المركزي لحزب الجماعة الإسلامية، مطالبة الحكومة بإجراء محاكمة جديدة تفي بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
ويقول براد آدامز مدير قسم آسيا في هيومن رايتس ووتش: “إن المحكمة يمكن لها أن تؤيّد العقوبة إذا كانت هناك ثبوتاً وأدلة تثبت إدانته بما لا يدع مجالاً للشك، أما في هذه القضية فهناك شكوك كبيرة وخطيرة حول مصداقية الشهود والأدلة، بعد قيام المحكمة العليا بانتقاد سير عملية المحاكمة بأكملها، لافتاً إلى أنه في حال تثبيت عقوبة الإعدام فإن على السلطات أن تلتزم بأعلى المعايير القانونية.