الرضا:
• قناعة عقلية
• واطمئنان قلبي
• وسكينة نفسية
السعادة:
ابتهاج نفسي نتيجة إشباع:
• حاجة معنوية مثل الحصول على شهادة تقدير، أو
• حاجة مادية مثل الشفاء من مرض أو تلبية إحساس الجوع بأكلة شهية.
الرضا
فيض وتوفيق من الله للعبد المؤمن الذي أخلص وبذل في مرضاة الله فآمن به يقينًا، واتبع قواعد الإسلام على هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بقدر طاقته ، فيمنُّ الله عليه بثمرة الإيمان والإسلام وهي الرضا عن الله “رضي الله عنهم ورضوا عنه” ، بما قسم له في هذه الحياة الدنيا
لا يتمتع بنعيم الرضا إلا العبد المؤمن فقط، أما السعادة فكل كائن حي يشعر بها .. الهرة إذا ما حنوتَ عليها تُبدي سعادة وتهز ذيلها طربا، حتى الجمادات .
يأبى الرضا إلا أن يكون كاملا، فلا يقبل الله بما يقدر ويقضي لعبده إلا أن يكون الرضا عنه كليا، لأنه مرتبط بالإيمان بالله وأسمائه الحسنى وصفاته العلى والاعتقاد بكماله وتنزيهه سبحانه وتعالى عن أي نقص، فالرضا مطلق وعام شامل فإما العبد راضيا عن كل ما ابتلاه به المولى عز وجل أو نعوذ بالله ساخطا.
السعادة:
نسبية.. بل قد يخالج النفس شعور بالسعادة والحزن معا، كأن ينجح أحد الأبناء ويرسب الآخر.
الرضا:
لا يرتبط بهوى نفس ولا قبول أو رفض الحدث، ولكن مصدر الرضا مرتبط بالذي قدر وقضى سبحانه وتعالى، وأن كل شيء عنده بمقدار ، أما السعادة فهي شعور تلقائي فطري، نطاق عمل العقل فيها محدود ويختلف من فرد لآخر.
الرضا قرار العبد! أي أن العقل يتحكم كلية في اتخاذ القرار بالرضا؛ لذا فقد بدأنا تعريف الرضا بأنه قناعة عقلية تتلاشى أمامها الشهوات والهوى ونصيب النفس.
السعادة:
بوصفها تعبيرا عن أحاسيس ومشاعر تجيش في النفس فيستحيل التحكم على الإطلاق بها عقليا، ولكن عمل العقل فيها على محورين:
• الضبط لمستوى السعادة والحزن:
عندما يفقد أحدنا عزيزا، فيحزن لفقده، فقد حزن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم مثل كل والد فقد فلذة كبده، ولكنه رضي بقضاء الله .
وهنا يأتي دور العقل بضبط المشاعر فيقرر أن الإيمان بأن الموت والحياة من أقدار الله وتذكر الآيات الكريمة “وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ” النساء (145).
إن الإسلام دين الفطرة فلا يطمسها، ولكنه يهذبها، والخالق عز وجل أعلم بعبده وحب الأبناء غريزة حتى تستمر الحياة، ومن الفطرة الحزن لفقدانهم ولكن دون إفراط في الحزن أو السخط على قضاء الله. أيضا حب التملك غريزة تهواها النفس ولكن دون عُجب أو بطر أو استكبار، وعلى العبد أن يتذكر أنه سيسأل عن كل نعمة أنعم الله بها عليه . لذا فمن الفطرة أن يسعد ويحزن أي إنسان ولكن العبد المؤمن لا يبالغ في سعادته حد الطغيان البطر إن الله لا يحب الفرحين والأمان لدوام النعمة فتكون في قلبه، بل هي في يده يستخدمها في مرضاة الله، ولا يفرط في حزنه فييأس ويقنط من رحمة الله.
معيار السعادة والحزن
بالإضافة إلى السعادة المرتبطة بإشباع الحاجات الفطرية، هناك سعادة مرتبطة بإشباع حاجات يولدها الانسان في ذاته، مثل القراءة أو تشجيع فريق كرة قدم ما، هذه الاحتياجات ليست فطرية بل إن العبد بناء على قراره بتحديد اهتماماته يصيغ نموذج سعادته غير الفطري، فمن اهتم بتشجيع نادٍ ما وأطلق لنفسه العنان فيطير فرحا بفوزه ويموت كمدا بهزيمته، أو الذي من أجل اهتماماته جمع المال فمستوى سعادته وحزنه مرتبط بقيمة رصيده، وفي المقابل من جعل كل وجل همه مرضاة الله فمحور نموذج سعادته هو مرضاة الله وكل حركته تدور في نطاق محدد هو مراقبة الله، فهو يعلم كيف يقدر الله العلماء فيعود نفسه القراءة فيسعد باقتناء النفيس من الكتب ويحزن إن لم يستطع حضور محاضرة، ويعلم أن جسده أمانه فيعود نفسه على الرياضة ويسعد بممارستها، ويهذب نفسه فلا يسرف في الأكل ويحزن إن غلبته نفسه وملأ جوفه بأطايب الطعام.
هنا يدخل دور العقل في اختيار العناصر المؤثرة في مستوى السعادة، هذا قرار يملكه الانسان .. نعم هناك مشاعر فطرية لا نملك إلغاءها ولكن يمكن ضبطها وفي المقابل يمكن صياغة منظومة من الاهتمامات التي تتوافق مع ميولنا وقدراتنا. فمثلا يمكن توليد الدوافع الذاتية نحو التطور والتنمية وأن يكون المرء قيمة مضافة وحبس النفس على القراءة والتزود المعرفي واستثمار ذلك مهنيا واجتماعيا فيصبح أحد معايير السعادة هو قيمة المعرفة التي حصل عليها والحزن لتضيع الوقت دون التزود المعرفي.
إذن فنحن نملك – لحد ما وبقدرات متباينة – صياغة نموذج سعادتنا من محورين:
o محور العناصر المؤثرة في سعادتنا وحزننا.
o ومحور الحد من درجات التطرف في مستويات السعادة أو الحزن التي نشعر بها.