ومع مشاركة بريطانيا في الغارة الجوية الأمريكية والتي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 62 جندياً سورياً، وانهيار الهدنة الهشة لوقف إطلاق النار، أدى ذلك إلى زيادة التأكيد على ضرورة الحاجة لإنهاء الحرب نهائياً، والـتأكيد على مدى صعوبة تحقيق هذا الهدف في المستقبل القريب.
اعترف الأمريكيون والبريطانيون بالخطأ الذي ارتكبوه باستهداف الجيش السوري بدلاً من “داعش”، ولكنه الشك المزمن الذي يدور حول أي شيء له علاقة بالحرب السورية.
وصدفة وقوع خطأ فادح كانهيار وقف إطلاق النار المتفق عليه بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية في العاشر من سبتمبر الماضي يعتبر رمزاً خطراً يشير إلى أن العديد من القوى الأجنبية والمحلية مشاركة عسكرياً في سورية، وملزمة بالتصادمات بقصد أو بدون قصد.
وفي الواقع انبثقت حقيقة مثيرة للاهتمام من جراء ذلك الحادث بادعاء الولايات المتحدة أنها أخبرت روسيا بالضربة الجوية الموجهة لدير الزور قبل حدوثها، وبعد فترة وجيزة، رد الروس بأنهم أخطؤوا الهدف في حين استمرار القصف.
ومن الواضح أن هناك بالفعل درجة عالية من التعاون العسكري الأمريكي – الروسي، إلا أنها لا تزال غير كافية لمنع وقوع الحوادث في ساحة المعركة الفوضوية، أو لفرض وقف إطلاق النار الذي أخذ حيز التنفيذ بالكامل.
وقالت وزارة الدفاع الروسية: إن “وقف إطلاق النار” لا معنى له في ضوء انتهاكات المتمردين.
ويقول الثوار من جانبهم: إن القوات الجوية السورية قد استأنفت بالفعل القصف في شرق حلب ودرعا في الجنوب، ولا تزال قوافل الإغاثة الأمريكية لشرق حلب في تركيا، كما كانت منذ 6 أيام، ومن المستحيل معرفة المتسبب في كل تلك الأخطاء الفادحة.
وأدت شدة الكراهية بين الحكومة والثوار إلى الحاجة لوجود مراقبين لرصد وتنفيذ أي اتفاقية تتمم وإلا ستنهار، وتعد تلك المشكلة إحدى صعوبات إرساء وقف إطلاق النار المؤقت على الصعيد المحلي في سورية، وتعتبر المشكلة أسوأ بكثير في حالة وجود هدنة وطنية، فبدون هذه الآلية لا أحد سيتوانى في ضرب الزناد.
لقد كانت بعثة الأمم المتحدة لسورية عام 2012م أكثر نجاحاً من ذلك المنسوب إليها، ولكن القليل من حكومات اليوم على استعداد للمخاطرة بجنودها في مثل تلك البعثات الخطيرة لسورية مثلاً.
والسؤال الأهم الآن هو مدى الفشل الذي وصل إليه وقف إطلاق النار بعد الهدنة الفاشلة في فبراير الماضي، والذي تبعه تصعيد في القتال كما حدث في بعض مناطق سورية وليس كلها، وعلى الأرجح أن الجيش السوري سيمضي قدماً نحو حصار شرق حلب وتكثيف السيطرة على دمشق وحمص، في حين أن المعارضة المسلحة – التي لم تعرض أكثر من ذلك تحت الاتفاق الروسي الأمريكي – ستشن هجوماً في المناطق الريفية حول حلب والجنوب باتجاه منطقة حماة.
ولم تحسم درجة العنف في سورية أبداً بالمعارضين المحليين فقط، ولكن بمدى المساندة الإقليمية من المملكة العربية السعودية، وقطر، وتركيا، وإيران، واستعدادهم لتقديم العون، وكان ذلك هو النظام السائد في الماضي، ومن المرجح استمراره للآن، ولكن ما هو غير واضح كيف أن الولايات المتحدة وروسيا قادرتان على التعاون الحقيقي حتى الآن، ومدى محاولتهما خلال الأسبوع الماضي للحصول على حلفاء محليين لموافقتهم على الالتزام بالهدنة.
رابط المصدر: https://goo.gl/LOlbom