مع الإعلان عن وفاة رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي الأسبق وأحد مهندسي سياساتها العنصرية، على مدار عشرات السنوات، شمعون بيريز، عن عمر يناهز ثلاثة وتسعين عاماً، تُطوى صفحة من صفحات “إسرائيل” المليئة بالجرائم والمجازر.
شغل بيريز على مدى خمسة عقود مناصب قيادية ووزارية، مدنية وعسكرية. وكان الوحيد الذي تولى منصبي رئاسة الدولة ورئاسة الوزراء. وطيلة تلك العقود، كان شاهداً ومشاركاً ومهندساً للعديد من الجرائم.
وُلد بيريز عام 1923م في بولندا. هاجر عام 1934م إلى فلسطين. وكان عضواً ضمن العصابات الصهيونية التي نفذت مجازر ومذابح بحق الفلسطينيين. خلال تقلّده حقيبة وزير الدفاع في حكومة إسحاق رابين عام 1974م، كان بيريز المسؤول عن إصدار التصاريح لبناء أوائل المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة.
فيما يشيّع قادة العالم شمعون بيريز، اليوم، يستعرض “العربي الجديد” 4 جرائم بحق الإنسانية لبيريز، الذي نال جائزة “نوبل للسلام”!
1 – جندي “الهاجاناه” الإرهابية
تجنّد بيريز في سن الـ24 في قيادة “الهاجاناه”، المسؤولة عن تنفيذ الكثير من المجازر ضد الفلسطينيين خلال فترة الانتداب البريطاني لفلسطين قبل عام 1948م. أوكلت له عدّة مهمات خاصة، لاسيما في مجال القوة البشرية، والمقتنيات العسكرية، والبحوث الأمنية.
تأسست منظمة الهاجاناه الصهيونية في العام 1921م في مدينة القدس المحتلة، وهي تكتّل عسكري في الانتداب البريطاني على فلسطين في الفترة السّابقة لإعلان دولة الاحتلال، وكان الهدف المعلن من تأسيسها هو “الدفاع عن أرواح وممتلكات المستوطنات اليهودية في فلسطين خارج نطاق الانتداب البريطاني”، غير أنها اقترفت أعمالاً وحشية بحق الفلسطينيين.
وبلغت المنظمة درجةً من التنظيم مما أهّلها لتكون حجر الأساس لجيش الاحتلال الحالي. وقد بلغت قسوة أفرادها، وضمنهم بيريز، إلى قتل 360 فلسطينياً في دير ياسين.
2 – مجزرة قانا
تبقى المسؤولية عن “مجزرة قانا” التي وقعت في جنوب لبنان عام 1996م في عنق شمعون بيريز، ليستحق بعدها لقب “قاتل الأطفال”. أجبر العدوان “الإسرائيلي” بقيادته في ذلك الحين، أهالي من بلدات قانا، وجبال البطم، وصديقين، ورشكنانيه، وحاريص، والقليلة اللجوء إلى معسكر للأمم المتحدة في بلدة قانا، وهي إحدى أكبر البلدات الجنوبية في صور، لحماية حياة الأطفال والنساء والشيوخ، لاعتقادهم أن قوات الاحتلال الإسرائيلي لا تقصف مراكز قوات الطوارئ الدولية.
لكن عند الساعة الثانية بعد ظهر 18 إبريل/نيسان 1996م، أطلقت المدفعية “الإسرائيلية”، في إطار عملية عناقيد الغضب، 17 قذيفة على قاعدة قوة حفظ السلام الدولية في قانا الكبيرة. انفجرت بعض القذائف قبل ارتطامها بالأرض، وعلى ارتفاع حوالى سبعة أمتار منها في الجو فوق الهدف، فيما انفجر الباقي مع ارتطامه بالأرض، ما أدى إلى قتل أكثر من 100 من الأطفال والنساء والرجال. ووصل بعض الناجين إلى المستشفيات المحلية بأجساد مشوهة ومحروقة ومصابة بشظايا.
وبعد المجزرة، زعم بيريز، رئيس وزراء حينها، أن الجيش الاحتلال لم يكن على علم بوجود مدنيين في مقر الأمم المتحدة، غير أن رئيس الاستخبارات العسكرية آنذاك، الجنرال موشيه إيلون، كذب ادعاءاته حين قال إن ضباط جيش الاحتلال علموا بوجود لاجئين مدنيين في مركز الأمم المتحدة.
3 – مجزرة جنين
حين كان بيريز وزيراً للخارجية “الإسرائيلية”، وقعت مجزرة جنين. هو الاسم الذي يطلق على عملية الاقتحام الذي قام به جيش الاحتلال في جنين في الفترة من 1 إلى 12 إبريل/نيسان 2002م.
ووقعت خلال عملية الاقتحام معركة شديدة مع المقاومة في جنين، فعمد جيش الاحتلال إلى القتال بين المنازل، وارتكب عمليات قتل عشوائي. كما استخدم المدنيين دروعاً بشرية، فضلاً عن الاعتقالات التعسفية والتعذيب، ومنع المساعدة الطبية.
وجاءت هذه العمليات ضمن اجتياح شامل للضفة الغربية، أعقب تنفيذ عملية تفجير فندق في مدينة نتانيا، وتسبب هذا العدوان في وقوع خسائر كبيرة بسقوط العشرات من الفلسطينيين. وقُتل في هذا العدوان الإسرائيلي، بحسب تقرير الأمم المتحدة، العشرات.
4 – العدوان على غزة
حين شن جيش الاحتلال عدوانه على غزة في 2008م، كان بيريز رئيساً لدولة الاحتلال. امتد العدوان حينها من 27 ديسمبر/كانون الأول 2008 إلى 18 يناير/كانون الثاني 2009م. اقترف خلاله الاحتلال مجازر عديدة استهدفت أساساً المدنيين.
جاءت العملية بعد انتهاء تهدئة دامت ستة أشهر كان قد تم التوصل إليها بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من جهة، والاحتلال من جهة أخرى، برعاية مصرية في يونيو/حزيران 2008م. خرق التهدئة الجانب الإسرائيلي من خلال عدم التزامه برفع الحصار الذي يفرضه على القطاع.
وقبل انتهاء التهدئة في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2008م، قامت “إسرائيل” بخرق جديد لاتفاقية التهدئة، وذلك بتنفيذ غارة على قطاع غزة نتج عنها قتل ستة مقاومين من “حماس”. أسفر العدوان عن استشهاد 1417 فلسطينياً على الأقل، من بينهم 926 مدنياً و412 طفلاً و111 امرأة، وإصابة 4336 آخرين.
كان اليوم الأول من العدوان الأكثر دموية من حيث عدد الضحايا الفلسطينيين في يوم واحد منذ عام 1948م؛ إذ تسبب القصف الجوي “الإسرائيلي” في مقتل أكثر من 200 فلسطيني وجرح أكثر من 700 آخرين، حتى سُمّيت أحداث ذلك اليوم الدامية بـ”مجزرة السبت الأسود”.