فشلت جهود المصالحة بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والقيادي المفصول من حركة “فتح” محمد دحلان، رغم تدخل أربع دول عربية هي مصر والسعودية والإمارات والأردن، وقرر كل منهما عقد مؤتمره الخاص لضرب شرعية الآخر وإقصائه وسحب البساط من تحته.
ورفض عباس أي شكل من أشكال المصالحة مع دحلان، واتهم دولاً عربية بالتدخل في الشأن الفتحاوي، ووافق على إعادة قيادات محسوبة على دحلان إلى حركة “فتح”، لكن دون عودة دحلان.
الأمر الذي دفع الأخير إلى مهاجمة عباس بشدة، ونزل أنصاره إلى شوارع غزة، وأحرقوا صور عباس، بينما وصف العقيد محمود عيسى (اللينو) في لبنان عباس بأنه “طاغية”.
وقرر عباس تنظيم المؤتمر السابع لحركة “فتح” في أواخر شهر نوفمبر المقبل، في رام الله، لكن دحلان سارع إلى الإعلان عن تنظيم مؤتمره في 26 أكتوبر الحالي في الضفة الغربية وغزة ولبنان والأردن ودول أخرى، ويهدد كل طرف الآخر بالطرد من حركة “فتح” ونزع الشرعية عن خصمه.
لكن المفارقة أن هذا الانقسام يحظى بتأييد عربي واسع، لذلك من المتوقع أن يزداد الصراع وتتسع الهوة، وتخشى جهات كثيرة من حصول صراعات دموية أو عمليات اغتيال متبادلة.
ويهدف عباس من المؤتمر إلى إعادة هيكلة حركة “فتح” والتحضير لانتخاب لجنة مركزية تستطيع أن تؤسس لانتخاب رئيس جديد للسلطة مكانه.
بينما يسعى دحلان إلى اختيار رئيس جديد للسلطة يكون مقبولاً منه، ومن الجهات الإقليمية والدولية المؤثرة، بينما يمارس دحلان دور الرجل القوي في النظام، ويتفرغ لاحقاً للمواجهة مع “حماس” وقوى المقاومة وقطاع غزة.
ويحاول عباس ترشيح ماجد فرج، رئيس جهاز المخابرات، أو صائب عريقات، بينما يقترح دحلان ناصر القدوة أو أحمد قريع.
اللافت في هذا الصراع الفتحاوي أنه يحصل بدعم دول عربية كانت تصر على بقاء حركة “فتح” موحدة، وتدعم ياسر عرفات وترفض أي تدخل لإضعاف “فتح”.
وفيما ترفض معظم القوى الفلسطينية هذا الصراع، وتعتبره خطراً على الأوضاع الفلسطينية، ينقسم الموقف الصهيوني إلى متحفظ كما هو الجيش “الإسرائيلي” وأجهزة الأمن، وداعم كما هي حال اليمين ووزارة الخارجية ورئاسة حكومة الاحتلال.
ولا شك أن هذا الصراع له مفاعيل سلبية جداً على الأوضاع الفلسطينية الداخلية، فهو يضعف الموقف ويعزز التدخل الخارجي ويبعد المصالحة ويوجه الأنظار بعيداً عن ممارسات الاحتلال.