السفر بين مدينة قلقيلية ونابلس شمال الضفة الغربية تتخلله مشاهد متناقضة زرعها الاستيطان في حياة الفلسطينيين، فمداخل المستوطنات لوحات فنية غاية في الجمال، بينما البلدات والقرى الفلسطينية عليها بوابات أمنية صفراء تشير إلى عنصرية قائمة على الأرض.
دلالات عنصرية
بلدة عزون 20 كم غرب نابلس من أكثر البلدات في المحافظة وضعت على مداخلها بوابات أمنية لإغلاقها في عدة دقائق.
مسؤول ملف الانتهاكات في البلدة الناشط حسن شبيطة تحدث لـ”المجتمع” عن وجع هذه البوابات قائلاً: لو يعلم العالم أن بلدة مثل عزون عليها عدة بوابات أمنية لتخنقهم حسب مزاجية الاحتلال، لضج الجميع، إلا أن الاحتلال يقتلنا بشكل صامت وناعم، فعلى المدخل الشمالي الرئيس بوابة أمنية، وعلى بعد عشرات الأمتار بوابة تحت الجسر على الطريق الموصل إلى مدينة طولكرم، والمدخل الغربي مع عزبة الطبيب زرعت بوابة، وعلى المدخل الشرقي القديم زرعت بوابة، وهناك بوابات زراعية، فعدد البوابات في بلدة عزون 6 بوابات عنصرية، والمستوطنات القريبة علينا تنعم بمداخل جميلة على حساب حياتنا وتحركنا اليومي، فهم يتحركون بحرية مع مناظر خلابة، ونحن نتحرك ببوابات عليها جنود ودوريات وكاميرات مراقبة.
رفض لتأهيل المدخل
وأضاف شبيطة: الاحتلال يرفض أن تكون مداخل بلداتنا وقرانا جميلة، ويحرص أن تكون ضمن قيود أمنية، فعلى سبيل المثال، عندما قررت البلدية تطوير مدخل عزون الشمالي، كانت الجرافات بالمرصاد، وهدمت كل البنية التحتية لهذه الغاية، فهم يحرصون على وجود بوابات أمنية، حتى يكون لها تأثير على الأرض وعلى نفسية السكان، فمن يدخل البلدة يتسلل بداخله شعور بالخنق وأنه داخل إلى سجن.
وعلى بعد عدة كيلومترات من مدخل عزون الشمالي، يظهر مدخل مستوطنة قرنيه شمرون ويقابله مدخل قرية كفر لاقف ببوابة صفراء تستخدم لإغلاق القرية حسب المزاج.
تنغيص على الحياة
حسام عساف، سكرتير المجلس المحلي لقرية كفر لاقف، الذي يصل تعداد سكانها قرابة الألف مواطن، يصف هذه البوابات بالعنصرية التي يتقنها الاحتلال للتنغيص على حياة الفلسطينيين.
ويقول عساف لـ”المجتمع”: نحن في كفر لاقف نعتبر هذه البوابة الصفراء جزءاً بسيطاً من خطر الاستيطان في المنطقة، فهذه التجمع الاستيطاني الكبير أقيم جزء منه على أراضينا ومن أراضي عزون ودير أستيا، فهو صادر حياتنا، والبوابة الصفراء الأمنية صادرت الجمال في نفوسنا، فعلى بعد أمتار من البوابة يقع مدخل مستوطنة جينات شمرون المرصوف بالعشب الصناعي الأخضر والإضاءة القوية في الليل والأرصفة الجميلة ومواقف المسافرين، وبالمقابل لا شيء لنا مما ذكر عندهم.
لا داعي للجمال
ليس بعيداً عن المكان، توجد بوابة أخرى للمستوطنة المجاورة لها، لدخول العمال ومنظرها ليس بمستوى الجمال الأول، لأن الفلسطينيين من العمال يمرون منها ولا داعي لإضفاء الجمال عليها، فالعرب هم من يستخدم هذه البوابة، ويجب أن تبقى غير مرتبة وغير نظيفة، يقول العامل خالد عساف من قرية كفر لاقف القريبة: كل شيء يستخدم للعرب لا يتم تأهيله من قبل المستوطنين، حتى البوابة العنصرية هذه لا يتم صيانة مدخلها، كون العرب يستخدمونها، فالعنصرية في كل شيء حتى في استخدام الشارع أو الطريق، ويحظر على أي فلسطيني الدخول من المدخل الرئيس الجميل بكل مقاييس الجمال.
نفايات سامة
وزيادة على وجود بوابة أمنية على قرية كفر لاقف، يعاني أهالي قرية كفر لاقف من مخلفات المصانع القريبة والتي تسمى مصانع أديرت والتابعة للكتلة الاستيطانية في المنطقة، حيث يتم التخلص من المخلفات في أراضي القرية المجاورة للمنطقة الصناعية، وأدى ذلك إلى إتلاف آلاف مئات الأشجار من الزيتون، إضافة إلى قرب خزان المياه الذي يزود القرية بالمياه بالقرب من هذه النفايات الخطيرة.
وأشار المهندس الزراعي رائد بغدادي في حديث لـ”المجتمع” إلى خطورة هذه المواد على التربة والأشجار والمياه الجوفية، وخصوصاً لوجود صعوبة في فحص تلك المواد الخطيرة.
مدخل مغلق بالتراب
وفي قرية كفر قدوم 5 كم غرب نابلس، لم يتم وضع بوابة أمنية للحد من الحركة، فكان القرار بإغلاقه بالكامل من قبل سلطات الاحتلال حماية للمستوطنين في مستوطنة قدوميم، وينظم أهالي قرية كفر قدوم مسيرة أسبوعية لفتح شريانهم المغلق منذ أكثر من 3 سنوات وارتقى في المسيرة شهداء وأصيب المئات بالرصاص، ولم تسمح لهم سلطات الاحتلال بفتح مدخلهم الرئيس المغلق بالأتربة والصخور.