عندما أرى طفلاً يُغرق، وطفلاً يُحرق، وطفلاً يُسحق، وطفلاً يُصعق! .. سؤالان يحاصراني يُمنة ويُسرة:
• أين هذا الطفل.؟
• ولماذا هذا الطفل بالذات.؟
هذا الطفلُ يقطن كوكب الأرض الجميلة من حيث أقطنها أنا،.. ويؤمن بالسماء ونجوم الأسحار من حيث أؤمن بها أنا.. ويستسقي السماء رذاذات الرحمة والأمطار بالدموع، من حيث أستسقيها أنا بصلاة الإستسقاء.
وقبل ان تسألني عن اسم هذا الطفل، إن كنت أعرفه أم لا.؟.. أسألك عن اسم المدام (أونغ سانغ سوتشي) إن كنت تعرفها أم لآ؟ ..
ومدام (سوتشي) هى الأخرى نسألها معا، إن كانت تعرف هذه الأسماء الثلاثة:
• الجيش الأحمر الياباني.؟
• عصابات اليمين واليسار الإيطالي.؟
• وعصابات بادر ماينهوف الألماني.؟
فلنتركها (سوتشي) قليلاً هنا بهذه الأسئلة لتجيب عليها لاحقاً، ولنذهب معاً لنتعرف عليها من وراء الستار.. فياترى من هى (سوتشي)؟
هى السيدة أونغ سانغ سوتشي، الحائزة على جائزة نوبل، وهى الزعيمة السياسية الآن في (ميانمار)، وتتربع على عرشها منذ سنة تقريباً في هذا الجانب من الوادي، حيث في الجانب الآخر من واديها:
• يُسحق ذلك الطفل الضعيف.!
• يُغرق ذلك الطفل الضعيف.!
• يُحرق ذلك الطفل الضعيف.!
• ويُصعق ذلك الطفل الضعيف.!
نعم، و(سوتشي) هى العرش وبلقيس في تلك الوديان بميانمار، وبإعترافات وإدانات الأمم المتحدة، وقواتها المسلّحة هم الذين يسحقون المسلمين في “الروهينجا” بولاية رافين، يحرقون البيوت، يعتدون على الأطفال والنساء، ويشرّدون آلآف النازحين والنازحات في حملة تنظيف عرقي لا لذنبٍ إلاّ لأنهم مسلمون مسالمون.!
ولنعُد الآن الى صفوف المدرسة حيث أجلسنا فيها المدام سوتشي على كرسيٍّ بكراسة عليها ثلاث أسئلة: من هم الجيش الأحمر الياباني.؟.. وعصابات اليمين واليسار الإيطالي.؟.. وعصابات بادر ماينهوف الألماني.؟
ومدام سوتشي (المعتقدَة) أنها ستنام خلف الأسوار مرتاحة البال، طالما هى اشتغلت في السياسة، مهما إرتفع عدد الرصاص الأعمى على الشارع والرصيف. مخطئة الاعتقاد طالما الرصاص الأعمى أخذ طريقه في البلاد، لأنه أعمى لايميز بين الجالس والجليس والقاعد والقعيد، وحتى بين النائم على سرير زفاف وفراش مستشفى.!
العجيب في أمر المدام أنها فازت بجائزة نوبل للسلام، ولم تقرأ تاريخ العنف.. ولم تعرف أن أعنف عصابات العنف تم تفريخها من مخلفات تلك الأزقات والشوارع التي سُمحت عليها للرصاص الأعمى الإنجاب والإجهاض، فكانت تتفرّخُ من النفايات والمخلّفات، عصابات ومليشيات ومافيات.!
دكتاتورية اليابان التي عاشت قبل الحرب العالمية الأخيرة بالقمع والجبروت والبطش والإرهاب، ما أن سقطت تلك الدكتاتورية بهزيمة اليابان، رفع جنين الإرهاب رأسه رغم الإجهاض الرسمي للرصاص، فأغرق شوارعها بالدماء عصابةً سمّت نفسها (الجيش الأحمر الياباني.)
وفي إيطاليا دكتاتورية موسوليني، كمّمت وسحقت وألجمت وأحرقت، ثم سقطت تلك الدكتاتورية بهزيمة إيطاليا في الحرب العالمية الثانية، واعتقد الإيطاليون أنهم سيحتضون شوارع روما بالرومانس وبرلماناتها بالورود.. وإذا من بين الأنقاض بدأ تفريخ ذلك الجنين المجهَض (عصابات اليمين واليسار) التي كانت تقتل وتحرق وتسفك الدماء.. وأنا متأكد تمام التأكيد، أن (سوتشي) لم تقرأ عن عصابة (الألوية الحمراء الإيطالية).. وإلا لما أستهانت وسمحت لحضانة الألوية الصفراء البورمية هذه الإنطلاقة العمياء.!
وفي ألمانيا الهتلرية، نصب هتلر نفسه إلهاً نوريا للألمان وناريا لغير الألمان، وكانت الأفران تصعق وتحرق وتُفحم بدكتاتورية النازية، ثم سقطت تلك الدكتاتورية، فخرج من الأنقاض نفس الجنين بعصابات العنف والاغتيال (عصابة بادر ماينهوف) تقتل، تخطف، تشنق، تنحر وتغتال.!
مدام سوتشي تحتاج في هذه المرحلة بالذات للقراءة بين السطور في أرشيف مخلفات تاريخ العنف، أكثر من احتياجها لشهادة نوبل والسلام.. هذا العنف الذي أفسد طعم الحياة للناس الآمنين في ميانمار لن يذهب دون رجعة طالما فُتح له الباب على مصراعيه، سيبقى ذلك الجنين المجهَض كما عرف طريقه من الفتحات والشبابيك في ألمانيا وإيطاليا واليابان، كذلك سيشقّ طريقه سواءً في بورما والرهينجا، او الشام والعراق.
وفي المولد النبويّ الشريف، لن نزفّ التهاليل والأهازيج هذا العام، وإنما نستغيث عرش السماء بهذه المناجاة:(إلهى بحقّ يوم نبيّك الكريم، أغث الطفل الذي يُحرق في بورما لأنه مسلم، ويُنحر في الشام والعراق لأنه مسلم).