المدرسة الإسلامية الوحيدة في طوكيو التي تدرّس اللغة العربية حفاظاً على الهوية، بالإضافة إلى تدريس اللغة اليابانية والأخلاق اليابانية لضمان عدم انعزال الطالب عن المجتمع الياباني».. بهذه الكلمات، أوضح في تصريحات خاصة لـ «المجتمع» د. حسام زينة، مدير «المدرسة الإسلامية الدولية» (أوتسكا)، التي أسستها جمعية الوقف الإسلامي في اليابان، على أهمية المشروع التعليمي الجديد الذي يهدف لإيجاد جيل مسلم في اليابان مندمج مع مجتمعه المحيط، وفي الوقت ذاته محافظ على هويته الإسلامية، بالإضافة لتسلحه بالعلوم الحديثة مثله مثل باقي الطلاب اليابانيين بالمدارس الأخرى.
وحول أثر هذه الخطوة على العائلات المسلمة في اليابان في الحفاظ على هويتهم واستقرارهم في البلاد، قال د. زينة: لا يخفى على أحد هنا في اليابان أن الجالية الإسلامية بدأت تفقد الجيل الثاني، وبدأت بعض العائلات المسلمة تشتكي من صعوبة الحفاظ على هوية أبنائها الإسلامية.
وقد بدأت في 14 نوفمبر 2016م عمليات تسجيل الطلاب بالمدرسة، والمقرر أن تبدأ الدراسة بها اعتباراً من شهر أبريل 2017م.
تحديات الهوية أمام الأجيال الناشئة في اليابان للعائلات المسلمة دفعت د. زينة إلى التشديد على أنه أصبح تأسيس المؤسسات التعليمية الإسلامية يمثل أولوية للجالية الإسلامية في اليابان؛ بل أضحت له الأولوية الآن عن الاستمرار في بناء المزيد من المصليات والمساجد.
خطوة نحو الاستقرار
من جانبه، شدد د. أحمد المنصور، أستاذ مساعد زائر في جامعة كيؤو اليابانية، عضو في الهيئة الاستشارية للمدرسة، في تصريحات خاصة لـ «المجتمع»، على أهمية هذه الخطوة على استقرار العائلات المسلمة في اليابان، موضحاً أنني شخصياً كنت أحد الذين عانوا من أجل أولادهم، ولم يكن بالإمكان لي الاستمرار في اليابان لعدم وجود مدارس إسلامية تحفظ هوية أبنائي؛ وهو ما دفعني للرجوع إلى بلدي سورية، بينما الآن عدت مجدداً لليابان مرة أخرى ولكن بعد أن كبر أولادي وأصبحوا في سن الجامعة.
وأرجع د. المنصور أسباب تأخر هذه الخطوة كثيراً إلى الظروف المادية، فاليابان بلد تكاليف المعيشة به مرتفعة جداً وخاصة بالعاصمة طوكيو.
ولفت إلى أنه في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي حدثت طفرة في هجرة المسلمين إلى اليابان، ومنذ ذلك الحين أضحت مشكلة المهاجرين الرئيسة تتمثل في غياب المدارس الإسلامية، موضحاً أنه في السابق كان التعليم الإسلامي مقتصراً على أيام العطل ونهاية الأسبوع، حيث كان عدد الأولاد قليلاً، وكان المسجد أو المصلى يكفي لإعطاء دروس اللغة العربية والمواد الدينية.
وتابع: ولكن مع زيادة العدد وتوسع المجتمع الإسلامي تدريجياً في اليابان، والخشية على الأولاد من التأثر بالمحيط وعاداته غير الإسلامية، بات لزاماً أن تكون هناك مدارس إسلامية خاصة بالجالية المسلمة.
ثلاثة مناهج
وبشأن رؤيتهم المستقبلية لأول مشروع تعليمي إسلامي في اليابان، أكد د. زينة، مدير المدرسة، أنهم يسعون إلى إنشاء مؤسسة تعليمية إسلامية رائدة على مستوى العالم، تقوم بتخريج جيل مسلم مؤهل جيداً بالعلوم الحياتية والإسلامية، ومحافظ على هويته وأخلاقه الإسلامية، ويجيد فن التواصل مع المجتمع الياباني المحيط به؛ مما يؤهله ليكون داعياً ناجحاً وقائداً لهذا المجتمع.
وحول المناهج التي سيتم تدريسها لطلاب المدرسة، أوضح د. زينة، أنه تم دمج ثلاثة مناهج معاً من أجل تحقيق هدف المدرسة المتمثل في الريادة، وفقاً للتالي:
1- مناهج كامبردج (Cambridge curriculum): لتأمين مستوى عالٍ من التعليم معترف به دولياً، واللغة الرسمية للتعليم في المدرسة هي اللغة الإنجليزية، وسيتم تدريس المقررات نفسها المعتمدة في مناهج كامبردج (الرياضيات، العلوم، اللغة الإنجليزية، دراسات الحاسوب، الفنون الأشغال اليدوية).
2- المناهج العالمية الإسلامية (ICO): وتهدف إلى تعليم الدراسات والأخلاق الإسلامية وتعليم اللغة العربية التي تساعد الطالب على فهم القرآن والتعاليم الإسلامية؛ مما يحافظ على هوية الطالب الإسلامية وتجعله فخوراً بها.
3- المناهج اليابانية: وتهدف إلى تعليم اللغة والثقافة اليابانية والأخلاق اليابانية (Dotoku), وبحيث يجيد الطالب فن التواصل مع مجتمعه المحيط به ويشعر بالانتماء إلى هذا المجتمع.
وبهذا ستصبح هناك ثلاث لغات يدرسها الطلاب بالمدرسة، وهي الإنجليزية وتعد اللغة الأولى بالمدرسة، ثم اليابانية، فالعربية.
أربعة مسارات للتميز
ورداً على سؤال لـ «المجتمع» بشأن الخطوات التي ستضمن تميز المدرسة على المدارس اليابانية الأخرى ومنافستها في جذب أبناء المسلمين إليها، أوضح د. زينة أن تميزهم يتمثل في أربعة أمور، هي:
1- ضمان جودة عالية من التعليم: من خلال مناهج ذات مستوى عالٍ دولياً، وأيضاً من خلال الاعتماد على طاقم تدريسي بمؤهلات عالية وخبرة ممتازة في التدريس ضمن بيئة تفاعلية إبداعية تعتمد التعلم النشط والتعلم من خلال الأنشطة الإبداعية واللعب.
2- تعليم ثلاث لغات: الإنجليزية واليابانية والعربية، وهذا غير متاح في المدارس اليابانية.
3- تعليم الدراسات والأخلاق الإسلامية ضمن بيئة إسلامية، وهذا غير متاح في المدارس اليابانية.
4- الرسوم المدرسية في الحدود الدنيا من خلال إطلاق المدرسة كمشروع غير ربحي خدمي للجالية الإسلامية.
مشروعات تعليمية
وحول المشروعات التعليمية الأخرى، أشار د. زينة إلى أن جمعية الوقف الإسلامي في اليابان قامت بإطلاق مشروع روضة أوتسكا الإسلامية منذ عام 2004م، التي تهدف إلى تعليم الأطفال للتعاليم والأخلاق الإسلامية منذ سن 3 – 6 سنوات، وذلك قبل دخولهم المدرسة الابتدائية اليابانية.
وتابع: أيضاً أطلقت جمعية الوقف الإسلامي في اليابان مشروع أطفال الأمل (AMAL BOY CLASS)، ويهدف إلى تعليم الأطفال الأخلاق والدراسات الإسلامية يوم السبت، بالإضافة إلى حلقات تحفيظ القرآن اليومية للأطفال في المسجد، بينما تستقبل مدرسة أوتسكا الصيفية الأطفال في عطلة الصيف لمدة أسبوعين، يتعلم فيها الأطفال التعاليم الإسلامية والنشاطات الإبداعية والتي تحببه في المسجد وتجعله فخوراً بهويته الإسلامية.
كما لفت إلى أن جمعية الوقف الإسلامي في اليابان تنظم بشكل سنوي مخيماً للتربية في منطقة جبلية جميلة جداً لمدة 3 أيام، يعيش فيها الأطفال مع أهاليهم أجواء التخييم والكشافة الإسلامية، مترافقة بالنشاطات والدورات الإسلامية من قبل دعاة من مختلف دول العالم، كذلك تنظم جمعية الوقف الإسلامي مسابقة القرآن السنوية للأطفال، وتهدف إلى تشجيع الأطفال على حفظ وتعلم القرآن الكريم.