حذّر المجلس النرويجي للاجئين من أنّ اليمن سيشهد إضافة 2.5 مليون مواطن كمتضررين جدد من انعدام الأمن الغذائي في البلاد خلال العام الجديد 2017م، إذا ما استمر الوضع الأمني والإنساني الكارثي على ما هو عليه اليوم.
وقال الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين العامل في اليمن، يان إيغلاند: “إذا لم ينتهِ الصراع وتعالج الأزمة الاقتصادية العميقة، فإنّ العام الجديد سيشهد المزيد من الانزلاق في حفرة من اليأس”. وأضاف أنّ أرقام العام 2016م مروعة: “هناك خطر يتمثل في مزيد من التدهور عام 2017م ما يؤدي إلى مجاعة تضرب اليمن”.
يأتي تحذير المجلس النرويجي للاجئين بعد الكشف عن محتوى وثائق، تقول إنّ أكبر تجار اليمن أوقف واردات القمح الجديدة بسبب الأزمة المالية التي يعاني منها البنك المركزي، في العاصمة صنعاء. ويعتبر القمح المكوّن الرئيسي لليمنيين ويشكل نحو 70% من غذائهم. فقد أعلنت مجموعة “فاهم” التجارية، وهي واحدة من خمس شركات كبرى، أنّها وجهت خطاباً إلى وزارة التجارة في صنعاء نهاية الشهر الماضي، أبلغتها فيه بعدم قدرة الشركة على تنفيذ أي عقود لاستيراد القمح لأنّ البنوك المحلية عاجزة عن تحويل قيمة النقد الأجنبي لأيّ شحنات. وقالت المجموعة إنّها لم تعد قادرة على فتح خطابات اعتماد.
وشهد العام 2016م دماراً واسع النطاق واستمراراً لتدهور شمل كلّ القطاعات الاقتصادية والخدمية، مع عدم قدرة 14 مليون يمني على تدبير وجباتهم الغذائية. وارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية أكثر من 20% عن مستواها قبل بدء الصراع عام 2014م بحسب المجلس، ومع زيادة مليونين ونصف مليون مواطن جديد إلى أرقام الجوعى في اليمن، فإنّ ما نسبته 60% من مجموع السكان سيكافحون بشكل قاس من أجل إيجاد الطعام عام 2017م.
تتكرر شكاوى المواطنين ومنهم عمال وموظفون من ذوي الدخل المتوسط في مدينة صنعاء. يخبر هؤلاء “العربي الجديد” أنّهم يكافحون طوال اليوم من أجل تأمين الخبز والماء فقط. أمين الحبيشي، أحد المواطنين الذين يعملون في بيع الملابس الجاهزة على عربة متجولة في شوارع العاصمة صنعاء، يؤكد أنّه رغم العمل المتواصل طوال ساعات النهار، بالكاد يحصل على مبلغ زهيد نهاية كلّ يوم يمكّنه من شراء الخبز واللبن. يقول لـ “العربي الجديد”: “أعمل طوال اليوم سيراً على القدمين لأحصل على مبلغ ضئيل بالكاد أشتري به الخبز والزبادي”. يشير إلى أنّ الناس لم يعودوا يشترون كما كانوا في السابق لعدم توفر المال معهم.
يقول الحبيشي: إنّه غيّر نوعية البضاعة التي يبيعها في شوارع صنعاء أكثر من مرة من دون جدوى. يشرح: “أحيانا أبيع الفواكه والخضر والمكسرات والملابس الشتوية، لكن لا فائدة، فالناس لا يستطيعون الشراء”. ويشير إلى أنّ عدم قدرته على بيع بضاعته يجعله وأسرته أحياناً يكتفون بوجبة واحدة فقط يومياً عند الغداء.
وكانت السلطات المحلية في المناطق الشمالية قد قطعت رواتب موظفي الحكومة منذ شهر سبتمبر الماضي لتزيد من محنة اليمنيين أكثر من أي وقت مضى.
من جانبها، أكدت منظمة “أوكسفام” الأسبوع الماضي أنّ سكان اليمن يواجهون خطر جوع كارثياً مع استمرار تدهور استيراد المواد الغذائية، داعية جميع أطراف النزاع إلى الاتفاق على هدنة من أجل تأمين وصول آمن للمواد الغذائية إلى المحتاجين. وذكرت “أوكسفام” أنّ كمية المواد الغذائية المستوردة إلى اليمن انخفضت إلى أقل من نصف المستوى المطلوب لإطعام المواطنين في البلاد.
وكان برنامج الأغذية العالمي قد أشار في وقت سابق إلى أنّ نحو نصف أطفال اليمن قد توقف نموهم، بسبب سوء التغذية المزمن، وأنّ نحو سبعة ملايين يمني في حاجة ماسة إلى الغذاء.