مشاعر قلق وترقب، تسيطر على نسبة من المصريين بينما يستقبلون العام 2017، ويطوون صفحة عام شهد تطورات أصابت واقعهم الاقتصادي والمعيشي سلباً، خاصة أسعار السلع الأساسية التي شهدت صعوداً غير مسبوق.
فالعام 2016، شهد ارتفاعاً كبيراً لأسعار العملات الأجنبية أمام الجنيه المصري، ما أدى إلى اتخاذ قرار بتحرير سعر صرفه، ورفع أسعار المواد البترولية والكهرباء، وتطبيق قانون القيمة المضافة، وتعديل التعريفة الجمركية على العشرات من السلع مرتين.
محسن خان، الباحث في “مركز رفيق الحريري” التابع للمعهد الأطلنطي في واشنطن، توقع أن يبدأ الجنيه المصري في الارتفاع العام المقبل ويستعيد بعضاً من قيمته المفقودة أمام الدولار، حال عودة المستثمرين الأجانب إلى مصر وارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري.
وارتفع الدولار إلى نحو 19 جنيها في الوقت الحالي داخل البنوك المصرية، مقابل 8.88 جنيهات قبل قرار التعويم في الثالث من نوفمبر الماضي.
واعتبر “خان” في تصريح للأناضول، أن “الوقت الحالي مناسب للاستثمار في مصر، قبل أن تبدأ العملة المحلية في الارتفاع مجدداً (..) الأصول المالية في مصر حالياً رخيصة وفقاً للمعايير الدولية”.
وزاد “مصر ستستغرق سنوات عديدة لتحقيق معدل نمو 6%- 7% الذي تحتاجه البلاد لتوفير عدد كاف من فرص العمل للشباب المصريين، الذين يدخلون سوق العمل”.
وتستهدف مصر تسجيل نسبة نمو اقتصادي تفوق 6% للعام المالي القادم (يبدأ مطلع يوليو المقبل).
في سياق متصل، توقع الخبير الاقتصادي المصري هاني توفيق، عودة تحويلات المصريين في الخارج عبر النظام المصرفي، بعد تلاشي الفارق بين السعرين الرسمي والموازي (السوق السوداء) للدولار أمام الجنيه، وارتفاع تدفقات السياحة، بفرض الاستقرار الأمني والسياسي.
وكتب توفيق، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أنه يتوقع حدوث خفض كبير في عجز الميزان التجاري، وامتصاص جزء من البطالة، عبر الإعلان عن تنمية محور قناة السويس، وترشيد الاستهلاك، ونبذ المصروفات غير الأساسية.
بينما تحدث الخبير الاقتصادي محمد توفيق، في اتصال مع الأناضول، عن حدوث حالات تعثر وإفلاس لبعض الشركات، بسبب المديونية الدولارية وانخفاض ربحية وتدهور المراكز المالية لمعظم البنوك، وتعثر بعض الشركات العقارية، وتعثر وإفلاس بعض المنشآت التي تعتمد على الاستيراد لمعظم مكونات الإنتاج.
وأشار إلى ارتفاع أسعار العقارات القائمة، وعدم توفر العديد من السلع المستوردة، وقطع غيار السيارات والأجهزة والمعدات، وعدم قدرة المنتج المحلي سد مكان المستورد بالسرعة المطلوبة، ورفع أسعار تذاكر كافة وسائل النقل مثل المترو والقطار والنقل العام والخاص.
وتوقع توفيق أن تشهد البلاد خلال العام المقبل عجزاً شديداً في السيولة، يؤثر بصورة سلبية على الأسواق، وزيادة معدل الركود التضخمي (غلاء الأسعار بالتزامن مع البطالة) وأكبر المتأثرين به قطاع العقارات ووسائل النقل.
نتيجة لذلك، يرى الخبير الاقتصادي، أن البطالة سترتفع في السوق المصرية، بسبب المصاعب التي ستواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة، وعدم قدرتها على مجاراة ارتفاع التكاليف خاصة الأجور والرواتب.
كما لفت إلى “احتمال انخفاض تحويلات العاملين بالخارج، بسبب التوترات مع دول الخليج والإجراءات التقشفية التي تتبعها، وثبات أو انخفاض إيرادات قناة السويس نتيجة للإجراءات التي ستتخذها الحكومات في أوروبا مما سيقلل من حجم التجارة الدولية”.
من جهتها، قالت إليسا ميلر، الباحثة في ذات المركز لـ”الأناضول”: إن الأهداف العامة التي وضعتها مصر، لنيل موافقة صندوق النقد الدولي على القرض البالغ 12 مليار دولار، لن تتحقق بسهولة.
وتسلمت مصر في 11 نوفمبر الماضي، 2.75 مليار دولار، قيمة الشريحة الأولى من قرض الصندوق الدولي، البالغ 12 مليار دولار، والذي حصلت عليه القاهرة مقابل خفض عجز الموازنة إلى نحو 10%، وخفض التضخم إلى أقل من 10%، وزيادة النمو الاقتصادي إلى أكثر من 5 % بحلول عام 2018.
وأضافت ميلر “ومع ذلك، في حال تطبيق الحكومة المصرية بالكامل البرنامج المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، فمن المرجح أن يكون المجتمع الدولي على استعداد لتقديم أشكال مختلفة من المساعدة المالية اللازمة”.
وتعاني مصر أزمة اقتصادية ونقصا حادا في الدولار؛ بسبب تراجع إيرادات السياحة، والاستثمار الأجنبي، والصادرات، وتحويلات المصريين العاملين في الخارج، لعدة أسباب، على رأسها الأزمة السياسية والاضطرابات الأمنية التي يعانيها البلد.
وتوقعت وكالة “فيتش”، في تقريرها الصادر خلال ديسمبر الجاري، ارتفاع معدل التضخم بمصر فوق 20% في النصف الأول من العام المقبل (2017).
وتستقبل مصر العام المقبل، في ظل ارتفاع الفائدة الأمريكية، ما يلقي بالتأثير بالتبعية على سعر العملة الخضراء المرتفعة أساسا أمام الجنيه، واتفاق “أوبك” والدول غير الأعضاء بها على خفض الإنتاج العالمي من النفط، ما يضيف أعباء إضافية على الموازنة العامة لمصر نتيجة الارتفاع المتوقع في أسعار النفط العالمية.
وفي نوفمبر الماضي، اتفق وزراء الطاقة في منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” على خفض الإنتاج بواقع 1.2 مليون برميل يومياً اعتباراً من مطلع يناير المقبل. كما توصلت “أوبك” لاتفاق مع 11 دولة من منتجي النفط من خارج المنظمة، على خفض إنتاجها من النفط بمعدل 558 ألف برميل يومياً، اعتباراً من الأول من يناير المقبل.