ـ «الإعلان الدستوري» كان ضرورة و«مرسي» مارس صلاحياته كرئيس بإعلانه
ـ كانت هناك إستراتيجية واضحة لدى «مرسي» لمحاربة الفساد ولم يتستر على أي فاسد
ـ كنت ضد إلغاء قرار إقالة عبدالمجيد محمود لأنه قبله منذ البداية
ـ حاولت إصلاح ملفات كثيرة لكن هناك قضاة وقفوا ضد ذلك
ـ المستشار مكي من رشحني لمنصب الوزير لثقته في شخصي
أكد المستشار أحمد سليمان، وزير العدل المصري في عهد الرئيس «محمد مرسي»، أنه كانت هناك محاولات جادة من جانب الرئيس «مرسي» لإصلاح المنظومة القضائية، ولكن هناك بعض الدوائر القضائية والقضاة الفاسدين ومن لهم مصالح في استمرار الأمور كما هي وقفوا حجر عثرة في طريق الإصلاح وتصدوا لأي محاولة.
وأكد في حواره لـ”المجتمع” أنه بالفعل كانت هناك استراتيجية لمحاربة الفساد في عهد الرئيس «مرسي»، وبدأ تفعيل بعض الخطوات في ذلك من قبيل تعيين المستشار هشام جنينة رئيساً للجهاز المركزي للمحاسبات، وإقالة رئيس الرقابة الإدارية لشبهات فساد حوله، مؤكداً أن الرئيس «محمد مرسي» لم يتستر على أي فساد في يوم من الأيام طوال السنة التي حكمها.
وحول فترة عمله وزيراً للعدل، قال المستشار سليمان: إن من رشحه لمنصب الوزير هو المستشار أحمد مكي، وزير العدل الأسبق، ولم يمارس عمله سوى شهرين، ومع ذلك قدم عدة مقترحات للرئيس لإصلاح المنظومة القضائية، وقام ببعض الخطوات العملية، ولكن كانت هناك جهات تقاوم ذلك بقوة خوفاً على نفوذها أو من محاكمتها نظراً لفسادها البين.
وأشار إلى أن «الإعلان الدستوري» الذي أعلنه الرئيس «مرسي» في نوفمبر 2012م والذي أثار لغطاً كبيراً كان خطوة مهمة لوقف ممارسات المحكمة الدستورية العليا وقتها، التي كانت تتعمد إبطال الكثير من المجالس والهيئات، مشيراً إلى أنه كان مع الإصرار على إقالة النائب العام عبدالمجيد محمود وقتها؛ لأن التراجع في ذلك لم يكن في المصلحة العامة، خاصة أن عبدالمجيد كان قد وافق على عمله كسفير وترك منصبه كنائب عام.
وتطرق الحوار إلى عدة نقاط أخرى من قبيل تصدي البعض لأي إصلاحات، وكذلك ما جرى مع المستشار طلعت عبدالله، النائب العام، الذي تولى خلفاً للمستشار عبدالمجيد محمود وبعض الموضوعات الأخرى.
نبدأ بتوليك لمنصب الوزير، كيف تم اختيارك وزيراً للعدل؟ ومن أخبرك بذلك؟
– من رشحني هو المستشار أحمد مكي لخلافته، ثم التقيت السيد رئيس مجلس الوزراء، وبعدها اتصل بي المستشار وهنأني بالتعيين، ثم اتصلت إدارة المراسم بمجلس الوزراء وأبلغوني بميعاد حلف اليمين.
كم المدة التي أمضيتها وزيراً للعدل؟
– لقد أديت اليمين الدستورية أمام الرئيس يوم 7 مايو 2013م، وتقدمت باستقالتي بعد وقوع الانقلاب بتاريخ 7 يوليو 2013م.
وهل استطعت إنجاز أعمالك أم كانت هناك معوقات؟
– العمل في الوزارة شاق جداً ومتعدد النواحي، ولا شك أن قصر المدة لم يتح لي تحقيق ما كنت أتمناه، وأما عن المعوقات فقد كانت بعض الأجهزة لا تتعاون مع الوزارة كهيئة الرقابة الإدارية التي لم تمد جهاز الكسب غير المشروع بالتقارير والتحريات والمستندات اللازمة للتصرف في قضايا الكسب الخاصة برموز النظام السابق.
وهل صحيح أن الرئيس تدخل في الملف القضائي بأكثر مما ينبغي، أم كان يمارس سلطاته كرئيس جمهورية؟
– لم يتدخل الرئيس في العمل القضائي من الناحية الفنية، أما فيما يتعلق بـ «الإعلان الدستوري» الذي حدد مدة عمل النائب العام والتي ترتب عليها إنهاء عمل المستشار عبدالمجيد محمود كنائب عام فقد لقي قبولاً لدى بعض القضاة، ورفضه البعض الآخر، مع ملاحظة أن ذلك كان مطلباً ثورياً، وكانت هناك انتقادات كثيرة على أداء النائب العام بتراخيه في التصرف في بعض القضايا وتصرفه في بعض القضايا الأخرى خلافاً للقانون.
هل كانت هناك رؤية لدى الرئيس «مرسي» لإصلاح المنظومة القضائية؟
– الرئيس «محمد مرسي» كان يؤمن بأهمية وضرورة استقلال القضاء، وقد سبق القبض عليه في إحدى المظاهرات المؤيدة لمطالب القضاة في عام 2005م، وكان على استعداد لتنفيذ كل ما يحقق هذا الهدف، وبالفعل دعا الرئيس لإقامة مؤتمر العدالة الثاني لبحث مشكلات العدالة والذي اقترحه المستشار ناجى دربالة، ولم ينعقد بسبب قرار مجلس الشورى بإحالة مشروع تعديل قانون السلطة القضائية الذي تضمن تخفيض سن الإحالة للمعاش للجنة التشريعية.
وهل قدمت له اقتراحات بهذا الشأن كونك وزيراً للعدل؟
– بالفعل قدمت له بعض الاقتراحات، وشملت عدة نقاط؛ منها مثلاً أن تعلن النيابة العامة من الآن عن أنها لن تقبل طلبات تعيين معاوني النيابة إلا من الحاصلين على مجموع لا يقل عن 75% مثلاً على أن يبدأ ذلك من دفعة 2015 أو 2016م، حتى يكون أمام الطلاب الذين التحقوا بالكلية فعلاً فرصة لتحقيق هذا المجموع، كذلك تدبير نحو 300 أو 400 درجة لدفعة 2010م التي كانت معروضة لإصدار القرار الجمهوري لبحث الطلبات التي لم تبحث من الحاصلين على مجموع أكبر من 65% وأقل من الحد الأدنى الذي وضعه المجلس لكل كلية تحقيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص.
كما قدمت مقترحاً للإسراع بإنشاء الأكاديمية القضائية لإعداد الراغبين في الالتحاق بالقضاء من الحاصلين على نفس المجموع السابق وأعلى للدراسة لمدة عامين، وتتم كتابة تقارير عنهم واختبار مدى كفاءتهم وتعيينهم طبقاً لمجموع درجاتهم والتقارير الخاصة بهم والضوابط التي ينص عليها قانون إنشاء الأكاديمية.
أيضاً كان هناك اقتراح بإضافة نص لقانون السلطة القضائية بالإضافة لما هو مقترح يقضي بضرورة فصل مجلس القضاء الأعلى في طلبات رفع الحصانة عن القضاة أو الإذن بسؤالهم خلال شهر مثلاً من تاريخ إحالة الطلب للمجلس، وفي حالة مضي المدة دون صدور القرار يعتبر موافقة على الإجراء حتى لا تتراخى الإجراءات.
وماذا عن إستراتيجية الرئيس لمحاربة الفساد في كل مفاصل الدولة؟
– بالتأكيد الرئيس كانت له إستراتيجية في محاربة الفساد تمثلت في إقالة من تثار حوله شبهات الفساد، كما حدث بالنسبة لمحمد فريد التهامي، رئيس هيئة الرقابة الإدارية السابق، الذي تستر على ملفات فساد «مبارك» ورموز نظامه، ومحاولة إقصاء النائب العام عبدالمجيد محمود، ومن المعروف أنه قام بحفظ القضايا الخاصة بوزير الإسكان الفاسد محمد إبراهيم سليمان، والتي أعيد فتحها بعد ذلك وتم حبسه فيها ومازال، وكذلك قبول المستشار عبدالمجيد هدايا من مؤسسات صحفية من بينها «الأهرام»، وكانت هناك قضايا فساد مطروحة عليه بخصوصها، وكذلك تستره على فساد المستشار أحمد الزند وعدم التصرف في قضية استيلائه على 264 فداناً بأرض الحمام وعدم التصرف فيها من عام 2006 وحتى إقصائه في آخر عام 2012م.
أيضاً تم اختيار الأشخاص المشهود لهم بالشرف والأمانة والنزاهة والكفاءة لإسناد الوزارات والأجهزة الرقابية إليهم، فلم تثبت على أي من هؤلاء الأشخاص قضية فساد واحدة، بينما نشر بعد الانقلاب أن قضية فساد وزارة الزراعة ضمت 9 وزراء حاليين وسابقين، وتمت التغطية عليها، ناهيك عما أُسند لوزراء الأوقاف والصحة الحاليين ووزير التموين السابق خالد حنفي، وعدد من المحافظين، وكذلك عدم التستر على قضية فساد، أو حماية فاسد وعدم التدخل في أعمال القضاء أو إصدار أي توجيهات بشأن القضايا المطروحة.
وهل تدخل مرة ليحمي فاسداً أو مجرماً أو حتى متهماً؟
– لم يحدث على الإطلاق، ولم يصل لعلمي شيء من ذلك، ولا أتصور حدوثه، وقد اتخذ عدة إجراءات لمقاومة الفساد تمثلت في تعيين المستشار هشام جنينة رئيساً للجهاز المركزي للمحاسبات وهو المشهود له بنزاهته واستقامته وحرصه على المصلحة العامة، والمال العام، وسمح الرئيس للجهاز بمراجعة حسابات الرئاسة، ولم يضع أمامه محظورات أو خطوطاً حمراء، في المقابل قام بإقالة محمد فريد التهامي، رئيس هيئة الرقابة الإدارية، لفساده وتستره على فساد «مبارك» ورموز نظامه، وسعى لإقصاء النائب العام عبدالمجيد محمود لتستره على قضايا فساد وقد كان مطلباً ثورياً.
كما تم في عهد الرئيس «مرسي» فتح ملفات الفساد مثل ملف الشركة الكويتية المصرية التي تم منحها آلاف الأفدنة بالعياط بأسعار رمزية، ثم عرضت سداد نحو 47 مليار جنيه وتسوية أوضاعها، وقد رفضت الحكومة هذا المبلغ وطلبت ما يزيد على 70 مليار جنيه، ووقع الانقلاب فتم إغلاق الملف دون استرداد مليم واحد.
كما تمت إحالة عدد من القضاة الفسدة لمجلس التأديب الذين كانت لهم ملفات مفتوحة، وانتهى التحقيق فيها منذ سنوات ولم يتخذ فيها إجراء، وقضى بإحالتهم إلى وظائف غير قضائية، وكذلك تم انتداب قضاة للتحقيق في ملفات قديمة لم يكن قد اتخذ فيها أي إجراءات، من بينهم أحمد الزند، وعبدالمجيد محمود، وعلي النمر، وناجي شحاتة وغيرهم، وللأسف كان ذلك قبل الانقلاب بوقت قصير، وبعد الانقلاب تم حفظ هذه الملفات جميعها، بل وأسند لعدد من هؤلاء رئاسة وعضوية الدوائر التي عرفت باسم «دوائر الإرهاب».
ماذا عن تفاصيل إقالة النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود وما صحبه من لغط؟
– كان تعيين المستشار عبدالمجيد محمود سفيراً تكريماً له بعد إعلانه الاستقالة، وكان ذلك بمحض إرادته، فلم تكن هناك إقالة، ولكن بعد القرار طلب منه أحمد الزند وأعضاء النادي وآخرون وبعض الجهات الأمنية رفض التعيين، كما تم تحذيره من احتمال محاكمته فاستجاب لهم، وأما اللغط فقد صنعه الزند؛ لكسب مزيد من ود المستشار عبدالمجيد محمود للمتاجرة بالموقف وكسب شعبية باعتباره مدافعاً عن استقلال القضاء، وخوفاً من تغيير النائب العام تخوفاً من التصرف في قضية استيلائه على أرض الحمام.
وماذا عن «الإعلان الدستوري» الذي أعلن في نوفمبر 2012م، وما صاحبه من ضجة من المعارضة؟
– كانت المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت أكثر من حكم أثار ارتياب الرئيس منها، وكان مستنداً في تخوفه إلى أسباب مقبولة، وكان يخشى الحكم بحل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور؛ مما يترتب عليه بطلان الدستور ذاته الذي وافق عليه الشعب وبنسبة عالية، ورغم أن تشكيلها تم بالاتفاق مع جميع القوى السياسية، فلم يكن أمامه سبيل إلا إصدار ذلك الإعلان لعدة أسباب، منها أن المحكمة الدستورية قد أصدرت الحكم بحل مجلس الشعب كاملاً رغم أن الطعن كان قاصراً على المقاعد الفردية فقط وقدرها ثلث المقاعد، وقد رأى الكثير من القوى السياسية من غير الإسلاميين أن الحكم بمثابة انقلاب ناعم على الثورة.
كما أن الحكم قد صدر قبيل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية بأيام وخلال مدة لا تتجاوز أربعة أشهر وأيام منذ إقامة الدعوى، بينما لم يصدر الحكم أيام “مبارك” في العديد من الدعاوى المماثلة التي أقيمت أمامها قبل مضي ثلاثين شهراً فأكثر، رغم أن الدولة كانت في حاجة ماسة للاستقرار وتكوين مؤسساتها، فضلاً عن أن أحوالها الاقتصادية كانت بالغة السوء، وكانت إعادة الانتخابات ثانية ترفاً لا تتحمله ميزانيتها.
كذلك قامت المحكمة بإلغاء قراره بدعوة مجلس الشعب للانعقاد للنظر في كيفية تنفيذ الحكم، بينما قضت باعتبار قرار «مبارك» بالاستفتاء على حل المجلس الذي قضت نفس المحكمة بحله من قرارات السيادة التي تخرج عن رقابة القضاء، رغم أن الاستفتاء في حقيقته هو استفتاء على تنفيذ الحكم من عدمه وهو ما لا يجوز قانوناً.
أيضاً كانت شواهد على التربص منها أن د. سعد الكتاتني قد صرح بأن د. الجنزوري، رئيس الوزراء آنذاك، قد هدده بأنه في حال إصرار المجلس على سحب الثقة من الحكومة فسوف يتم حل المجلس، وأن حكم الحل في درج مكتبه، وكذلك ما ذكره النائب محمد العمدة، عضو مجلس الشعب السابق، في شكواه المقدمة للنائب العام من وقائع متعلقة بشأن زيادة ميزانية المحكمة الدستورية تثير المخاوف.