القدس ثالث المقدسات الإسلامية ولها في قلوب المسلمين موقعاً ثابتاً لا يتغير مهما مر الزمن أو تطاولت جهود الاحتلال الصهيوني والقوى الدولية، وقد انتقدت شخصيات مقدسية تصريحات الإدارة الأمريكية الجديدة المتضمنة نقل السفارة من «تل أبيب» إلى القدس المحتلة، واعتبرت هذه الشخصيات في تصريحاتها لـ»المجتمع» أن هذه التصريحات خطيرة إذا تم تطبيقها على أرض الواقع، لكن بعض هذه الشخصيات يرون أن هذه التصريحات من باب الدعاية الانتخابية.
فقد قال المختص في شؤون القدس وقضاياها فخري أبو ذياب: الخطورة الكامنة في نقل السفارة الأمريكية من «تل أبيب» إلى القدس رسالة دعم للاحتلال في المضي في انتهاكاته في القدس وخصوصاً الاستيطان، وتهويد المقدسات، وتراجع عن قرارات دولية كانت الولايات المتحدة تنادي بتطبيقها، وتحدٍّ لهذه القرارات وإلغاؤها، وهو ما ينعكس على القدس وأهلها.
وأضاف: نحن المقدسيين لن نعترف بهذا النقل، وستبقى القدس بعروبتها وإسلاميتها، والاحتلال يريد نصراً سياسياً دبلوماسياً من خلال عملية النقل، إضافة إلى أن أمريكا بهذه الخطوة ستلغي أيضاً الأراضي المحتلة في القدس الشرقية، فمقر السفارة الأمريكية سيكون في جبل المكبر في أراضٍ احتلت عام 1967م في القدس الشرقية، وهذا يتناقض مع معارضة أمريكا للاستيطان في القدس، وهي التي تبني سفارتها في أراضي القدس الشرقية، وهذا سيكون له نتائج كارثية على أرض الواقع، وسيجعل الدول المترددة تقلد أمريكا في هذه الخطوة الخطيرة، باعتبار مكانة أمريكا الدولية.
وتابع قائلاً: أمريكا حسب اعتقادي تدرس هذه الخطوة بشكل دقيق؛ لأن مصالحها في الدول العربية والإسلامية سوف تتضرر، لذا من الصعب التكهن بجدية الإدارة الأمريكية الجديدة في عملية النقل.
دعاية انتخابية
أما المختص في خرائط القدس خليل التفكجي، فقد اعتبر تصريحات الإدارة الأمريكية بنقل السفارة تأتي في سياق الدعاية الانتخابية، والقرار موجود منذ زمن طويل، ويتم تأجيله كل ستة أشهر بشكل دائم، فقرار النقل سيكون له تبعات، فهو لن يغير أي شيء على الأرض، وسيزيد من حالة الاحتقان، فالاحتلال في مدينة القدس عمل على تهويد المدينة من كافة الجهات، وعزل المدينة بشكل كامل عن محيطها الفلسطيني، وأسس لواقع مرير.
رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى د. عكرمة صبري، أكد لـ«المجتمع» أن تطبيق قرار النقل بمثابة حرب أمريكية على فلسطين وعلى الأمة العربية والإسلامية، واعتراف بأن القدس عاصمة لليهود حسب زعمهم، وتنكر بأن القدس إسلامية وعربية، وهي مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، ومرتبطة ارتباطاً روحياً مع مكة والمدينة، وهي مسكن النبي عيسى عليه السلام.
وأضاف أن هذا القرار سيكون على أرض الواقع دعماً لا محدوداً للاحتلال، والاستمرار في الانتهاكات وسياسات التهويد لكل شيء في المدينة، والكل يعتقد أن قرار النقل هو مادة دعائية انتخابية، وهناك تخوف من استغلال الاحتلال وأمريكا لحالة التشتت والحرب الضروس في المنطقة العربية، بأن تنفذ وعدها بنقل السفارة في منطقة جبل المكبر المطل على المسجد الأقصى ولا تبعد عنه هوائياً سوى مئات الأمتار.
واعتبر المختص في شؤون المدينة المقدسة د. جمال عمرو نقل السفارة الأمريكية للقدس فشل السياسة العربية في العلاقة مع الولايات المتحدة، واستهتاراً أمريكياً بكل ما هو عربي ومسلم؛ وعلى الدول العربية والإسلامية الاعتراف بهذا الفشل وعدم المكابرة، فلم يعد هناك مجال للترويج إلى العلاقة الإستراتيجية بين الدول العربية وأمريكا، فنقل السفارة سيعري هذه العلاقة المزعومة.>