تحت عنوان “أثر أقلام من نذروا أنفسهم للرسول الكريم”، يلتقي محبو الفن في مدينة إسطنبول التركية الجمعة، مع معرض “الحلية الشريفة”، الذي يتضمن أعمالا فنية خطية تحكي صفات وأخلاق الرسول محمد خاتم المرسلين.
المعرض الذي يستمر شهراً كاملاً، ويحتضنه مقر معرض “دي مارت” للفنون الإسلامية في الطرف الآسيوي من إسطنبول، يشهد عرض نحو 25 مخطوطة من “الحلية الشريفة”، بمشاركة فنانين من عدة دول.
الفنان التركي فؤاد بشار، المشارك في المعرض، والمختص بفن الخط والإيبرو (الرسم على الماء المخلوط بمواد معينة لجعله كثيفا)، إنه يعمل “في مجال الخط منذ عام 1976، والحلية الشريفة منذ 1977، ولغاية اليوم“.
وترك بشار مهنة الطب، على حد قوله لـ”الأناضول”، “في سبيل حب هذا النوع من الفن”، حيث يشعر حاليا بمدى صحة قراره، ويتواجد له في المعرض عملين فنيين اثنين.
ووفق بشار، فإن تعمقه في هذا الفن، يشير وكأن الله قد أرسله وزملاءه للدنيا فقط من أجل كتابة الحلية الشريفة، وقدر لهم كتابة أكثر من 500 حلية شريفة، متعهدا “بكتابة المزيد طالما هو على قيد الحياة“.
وفي نفس الإطار، لفت إلى أن “زمن كتابة الحلية الشريفة الواحدة يختلف من شخص لآخر، وهو متعلق بحجمها، فالأعمال كبيرة الحجم تأخذ وقتا في العمل“.
الفنان التركي تمنى أن “يكون هناك برنامج تلفزيوني يشرح فيه موضوع الحلية الشريفة، وذلك لأن كل منزل يحتاج لتلك الحلية، وهي الضامن المعنوي له، والبركة، ومصدر الراحة، وهي تذكر دائما بالرسول الكريم، وتجعلنا نصلي عليه“.
والحلية الشريفة، هي نمط من الفن الخطي نشأ في مدينة إسطنبول قبل نحو 3 قرون، وكان من الأنماط الشائعة للخط العربي ذا النمط العثماني الكلاسيكي، وتعرض الحلية أخلاق الرسول محمد خاتم المرسلين، وصفاته متخذة شكل تصميم هندسي مزخرف.
الخطاط سيد أحمد من مدينة بورصة التركية (غرب)، قال إنه “بدأ فن الخط في العام 2000، وله مخطوطة خطها منذ خمس سنوات، تشارك في المعرض“.
ولفت إلى أن مخطوطته زينها في إيران، “وتعرف بالحلية الشريفة التي تحكي عن الرسول الكريم، على لسان الخليفة علي بن أبي طالب، وهي مطابقة للنسخة التي خطها الخطاط العثماني الشهير حافظ عثمان“.
وشدد على أن “رسم شمائل الرسول الكريم في الدين الإسلامي محرمة، لذلك فإن تجسيده يكون عبر الكلام والكتابة، وهو ما أوجد الحلية الشريفة، وفي فترة الدولة العثمانية استخدمت الحلية الشريفة عامة لحفظ الناس من الحرائق والآفات، وفي السنوات الـ15 الأخيرة، عاد التوجه إلى هذه المخطوطات، وباتت مفضلة“.
وتوجه الخطاط التركي بالنصحية لمحبي كتابة الحلية الشريفة بأن “يحبوا هذا الفن ويجتهدوا فيه كثيرا، فالموهبة تأتي في المرتبة الثانية فيه، فالأهم هو حب الفن، وبدون ذلك فلا يمكن الاشتغال به“.
وأضاف: “هناك كثير من الأصدقاء الموهوبين، ونظرا لعدم إظهارهم الاهتمام اللازم والمطلوب، ولم يحبوا هذا الفن، لم ينجحوا به، بينما كانت هناك مواهب ضعيفة، ولكنها محبة للفن فبرعت فيه، رغم أنه يأخذ وقتا أطول منهم“.
الخطاطة الإيرانية الشابة مريم نوروزي، التي بدأت في ممارسة هذا الفن منذ نحو عامين فقط، وجاءت من أجله إلى تركيا، قالت إنها “حصلت على الإجازة من الأستاذ داود بكتاش، والأستاذ داود جلبي في هذا الفن، وحاليا تفتتح المعرض مع الفنانين الأتراك”، معربة عن سعادتها بذلك.
ويتضمن المعرض 3 من مخطوطات “نوروزي”، التي كشفت للأناضول، أن كل مخطوطة منها استغرقت نحو 3 أشهر، وتحب كل منها بشكل كبير.
أما الفنان محمد ماغ، وهو أحد المشرفين على المعرض، ولديه مخطوطات معروضة فيه فقال إنه يعمل في هذا الفن منذ 20 عاما، “وهي مخطوطات تضمنت مرحلة أكاديمية وأخرى فنية تعليمية، وواصلتُ على نهج الفنانين الذين تعلمتُ تحت إشرافهم، وبدأت به في مدينتي الأصلية أرض الروم (شمال شرق)، قبيل أن أستقر في إسطنبول، وأعمل فيها منذ العام 2000م“.
وأوضح، أنه “من المؤسسين والإداريين في المعرض الذي سيتضمن 25 مخطوطة، كل واحدة منها لها تصميم مختلف، ومن بلدان عديدة (لم يذكر عددها)، حيث تمتزج مع الثقافة المحلية للبلاد“.