بدأ الجيش الروسي العام الجديد بتنفيذ قرار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بتقليص القوات الروسية في سورية، إذ أعلن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، الجنرال فاليري غيراسيموف، عن مغادرة حاملة الطائرات، الأميرال كوزنيتسوف والطراد، بطرس الأكبر، والسفن المرافقة لهما، مياه البحر الأبيض المتوسط، متوجّهة إلى ميناء سيفيرومورسك لأسطول الشمال الروسي.
وهذه ليست أول مرة يعلن فيها بوتين عن تقليص مجموعة القوات الروسية في سورية، إذ سبق له أن أمر في منتصف مارس 2016م ببدء سحب القوات وتكثيف الجهود الدبلوماسية من أجل تحقيق تسوية سياسية للأزمة السورية.
وجاء كلا قراري تقليص القوات بعد التوصل إلى اتفاقي وقف إطلاق النار كان أولهما روسياً أمريكياً، وثانيهما بوساطة روسيا وتركيا، وقبل محادثات جنيف في المرة الأولى، ومحادثات أستانة هذه المرة.
حفاظ على ماء الوجه
ومع ذلك، يرى الأكاديمي والمعارض السوري المقيم في موسكو، محمود الحمزة، أن الوضع الآن مختلف عن مارس الماضي لاعتقاد روسيا أنها حققت أهدافها وتريد الانسحاب والحفاظ على ماء وجهها.
ويقول الحمزة في حديثه لـ”العربي الجديد”: إنه بعد السيطرة على حلب، تعتبر روسيا أنها حققت أهدافها في سورية ومصالحها كقوة جيوسياسية وتحاول الخروج مع الحفاظ على ماء وجهها، وعلى عكس إيران، ليس لدى روسيا مشروع قومي أو طائفي في سورية.
ويضيف: عقب تفريغ حلب من السكان والمسلحين وتسليمها للمليشيات الإيرانية، أدركت روسيا أن وجودها لم تعد له قيمة أو جدوى، بل بدأت تظهر خلافاتها مع إيران مقابل زيادة التنسيق مع تركيا.
ويشير الحمزة إلى أن إيران والنظام يسعيان لتحقيق نصر عسكري، بينما تعمل روسيا على جني ثمار تدخلها قبل تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، وهو الذي سيمثّل في جميع الأحوال مصالح بلاده وقد يتحول في أي لحظة إلى عدو لدود لروسيا.
حدث تاريخي
من جانب آخر، نقلت “وكالة الأنباء الروسية” (نوفوستي)، عن الخبير العسكري، ألكسندر بيرينجييف، قوله: إن تقليص القوات في سورية حدث “تاريخي”، ولكنه لا يعني سحب جميع القوات.
وقال بيرينجييف: إنه عندما جرى في خريف عام 2015م الحديث عن دخول القوات الروسية، كان البعض يقولون: إن هذه أفغانستان ثانية، أعتقد أن تقليص مجموعة القوات في الربيع الماضي والآن، يدل على أنه تسنى لروسيا تفادي أفغانستان ثانية، أي عملية عسكرية مطولة تستنفد الموارد.
وأضاف: بالطبع، لن يتم سحب جميع القوات، ستظل هناك قاعدة في اللاذقية، أما نقطة دعم الأسطول البحري الحربي في طرطوس، فسيتم توسيعها إلى قاعدة بحرية، وستتولى القوات المترابطة على أساس دائم الدفاع عن المصالح الوطنية الروسية وتقديم دعم واستشارات للجيش السوري، على أي حال، سيتم التركيز على عملية التسوية السلمية.
ولما كانت موسكو تعول على تحقيق تقدم في التسوية السورية أثناء المفاوضات المرتقبة في أستانة عاصمة جمهورية كازاخستان، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أنها لن تحل محل محادثات جنيف، بل ستوحد حول مائدة المفاوضات من يسيطر على الوضع على الأرض وقادر على الوفاء بالتزاماته.
وكان بوتين قد أعلن في 29 ديسمبر الماضي عن التوقيع على ثلاثة اتفاقات متعلقة بوقف إطلاق النار والتسوية في سورية، ووافق على اقتراح وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويجو، بشأن تقليص عدد القوات الروسية في سورية، ليبدأ تنفيذه على أرض الواقع مع بداية العام الجديد.
يذكر أن مجموعة السفن الروسية التي تضم “الأميرال كوزنيتسوف” و”بطرس الأكبر” غادرت ميناء سيفيرومورسك في منتصف أكتوبر الماضي، وفي منتصف نوفمبر 2016م، بدأت الطائرات الحربية المرابطة على متن “الأميرال كوزنيتسوف” بتنفيذ طلعات استطلاعية أولاً ثم قتالية في سورية، وخلال هذه الفترة، شهدت حاملة الطائرات حادثتي تحطم مقاتلتين روسيتين في المتوسط، إحداهما من طراز “ميج-29 كا” والأخرى من طراز “سو-33″، مع نجاة قائديهما.
وفي مطلع عام 2017م، بثت وزارة الدفاع الروسية عبر صفحتها على موقع “يوتيوب” مقطعاً يضمّ لقطات لإقلاع وهبوط المقاتلات من وإلى متن “الأميرال كوزنيتسوف” قبالة السواحل السورية.