أعجني جداً كلام بعض نواب مجلس الأمة عن خططهم عن تعديل التركيبة السكانية للكويت التي وصلت إلى حد مزعج للمواطنين والمقيمين على حد سواء، فالبنسبة للمواطنين أزعجهم عدة أمور؛ منها أنهم يرون أبناءهم عاطلين عن العمل، وفي الجانب الآخر يرى بعض المقيمين في وزارات الدولة – أقصد الوظائف الإدارية والفنية التي يقبل عليها الشاب الكويتي – التعيينات على عقد البند الثاني في بعض الوزارات والهيئات المستقلة برواتب تعدت ألفين و3 آلاف دينار كويتي (10.000 دولار أمريكي) في الشهر، والمواطن يتخرج ويجلس في بيته ينتظر دوره في ديوان الخدمة المدنية تقريباً سنة أو أكثر.
بالإضافة إلى الازدحام غير الطبيعي في الشوارع، وكذلك ارتفاع معدل الجريمة في بعض المناطق؛ نظراً لتحول الدولة إلى بلد عزاب؛ لأن الوافد إذا كانت أسرته متواجدة معه في البلاد فإن جزءاً من مصاريفه ستكون هنا في البلد، ويستتبع ذلك تنشيط اقتصادي؛ ونظراً لأن بعض القوانين تمنع وجود الأسرة إلا وفق شروط معينة لا تتحقق للوافد.
ولكن هل السبب الوحيد هو في العمالة الوافدة نفسها، أم أن هناك أسباباً أخرى لمشكلة الخلل في التركيبة السكانية؟
إن الخلل في التركيبة السكانية في الكويت ليس وليد اللحظة، وإنما هو منذ أكثر من 40 عاماً مضت، منذ دخول العاملات إلى المنازل، فعندها بدأت التركيبة السكانية بالاختلال؛ حيث ظهرت الأمراض الاجتماعية من خلال اطلاع هؤلاء العاملات والعمال في المنازل على أسرار البيوت ونقلها إلى الخارج، وبعد ذلك بدأت الآفة الكبرى وهي تجارة الإقامات التي أصبحت كالسرطان ينتشر في التركيبة السكانية، وقضت على كل أمل في العلاج، وسط عجز حكومي وبرلماني عن صد هؤلاء التجار الذي يتاجرون في أرواح الناس ومصير البلد، فلماذا لا تعدّل القوانين بإغلاق نهائي لملف ومنشأة كل من يثبت أنه يتاجر في الإقامات؟ ولماذا لا تكون الدولة بديلاً عن الكفيل الشخصي، بناء على طلب من المواطن وفق شروط معينة؟
ولا يكون تعديل التركيبة السكانية بالتصريحات العنترية غير المدروسة، وإنما يجب أن يكون وفق دراسة متأنية، وأن تكون هناك سياسة إحلال للمواطنين الكويتيين في الوظائف الحكومية الإدارية والفنية التي يقبل عليها المواطنون، وألا يكون هناك إبرام أي عقد لأي وافد كان إلا بعد الإعلان عنه في الصحف، والتأكد من عدم وجود مواطن كويتي تقدم لهذه الوظيفة، ولماذا لا يكون هناك وقف حقيقي وبلا استثناءات لبعض الوظائف غير المحتاجين لها أصلاً (العمالة الهامشية)، وأشدد على أن يكون هناك قانون بوقف إصدار تصاريح أو تأشيرات دخول لهذه العمالة الوافدة غير المحتاجين إليها، وبدون استثناءات، وألا يكون هناك قرار وزاري بذلك؛ لأن القانون أقوى من القرار الوزاري.
ونحن كدولة يحق لنا أن نأخذ ما نريد في بلدنا من قرارات، ولا يحق لأي وزير في أي دولة خارجية كانت أن يتدخل في أمورنا الداخلية وفيما نفرضه من رسوم أو ضرائب أو أي شيء نراه في مصلحة البلد.