تقول الحكاية: في أحد الأيام جاء موظفو إحدى الشركات، وتفاجؤوا بوجود إعلان كبير على مدخل الشركة يقول: توفي أمس الشخص الذي كان يعيق تقدمك في عملك، ونحن ندعوك لحضور العزاء في غرفة الاجتماعات!
في بداية الأمر خيم الحزن على جميع الموظفين لفراق زميلهم، ولكن بعد قليل بدأ الجميع بالتفكير.. يا ترى من هو الشخص الذي يعيق تقدمي في حياتي؟ من هو سبب تخلفي؟ آخرون انتشوا بموت من رأوه سبباً في تخلفهم، فلا تخلف بعد اليوم.. شعر الجميع بالفضول يدفعهم لمعرفة من هذا الشخص النكد!
توجه جميع الموظفين إلى غرفة الاجتماعات حيث مراسم التشييع، وذهبوا لإلقاء النظرة الأخيرة على زميلهم الذي كان يعيق تقدمهم.. اقترب الموظفون من التابوت لرؤية الشخص، وعندما نظروا بداخله تسمروا من الدهشة التي علتهم.. ففي التابوت كان هناك مرآة كبيرة قد وضعت بداخله، وكلما نظر أحدهم إلى التابوت لا يرى سوى نفسه! وقفوا حائرين من هذه المرآة داخل التابوت!
وتأكيداً للفكرة التي يُراد توصيلها كتب أحدهم رسالة إلى جانب التابوت موجهة للجميع تحمل عبارة: هناك شخص واحد على هذا الكوكب هو القادر على إعاقة تقدمك والسبب في فشلك وتأخرك هذا الشخص هو أنت!
في عالم البرمجة اللغوية والعصبية؛ الإنسان هو نتاج فكره وعمله إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
الأمراض الحضارية التي تصيب الإنسان كالجهل والأمية، والانغلاق، والتعصب، والأعمال السيئة، والبطالة، وسلوك طريق الغواية والانحراف، والفوضى، والبعد عن الطاعات، وافتعال الخصمومات كلها من نتاج الإنسان، وما عملته يداه، وهو المسؤول الأول والأخير، وبيده الاستمرار والاستزادة منها، وبيده تغييرها وتصحيح المسار، والانتقال من أوحال السلبية إلى بر الإيجابية.. وباختصار إذا كان الإنسان سبب تخلفه، فهو القادر على صناعة نجاحه.
لا نستبعد أحياناً أن تكون هناك أسباب قاهرة وخارجية تحطم طموح الشخص، لكن أهم أسباب التخلف هي من أنفسنا وأفكارنا وما ينتج عنها من عمل أو قول، فكل إنسان قادر أن يصنع من نفسه شيئاً مختلفاً وجميلاً، يبحث عن الإيجابيات ويتخذها سبيلاً فحياتنا من صنع أفكارنا، وتتغير وفق تغيرنا!
حتى القرآن رد ما يصيب الإنسان إلى أفعاله؛ (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {30}) (الشورى)، واعتبر التغيير بيد الإنسان، وأن الله لن يغير عليه حتى يتغير؛ (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد:9).