قال الرئيس السابق لاتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا شكيب بن مخلوف: إن من أهم أسباب تقدم الجاليات اليهودية في أوروبا وترسيخ وجودها في الغرب؛ أنها تمتلك رؤية وخطة عمل ولديها مؤسسات قائمة تنهض بدورها بشيء من التكامل والانسجام مع أهدافها العامة.
وأضاف في حواره حول “مستقبل مسلمي أوروبا” والذي يأتي ضمن مبادرة “حوارات الأقليات المسلمة” بالتعاون مع مجلة “المجتمع”؛ أن الجالية اليهودية لديها شيء من التناغم والانسجام، موضحاً في الوقت نفسه أن العامل المادي ساعد اليهود على التقدم وتشكيل اللوبيات.
وعن تأخر المسلمين، قال بن مخلوف: إنه بالرغم من أن العقيدة الواحدة تجمع الجالية المسلمة في أوروبا، فإن هناك العديد من مظاهر الاختلاف التي تعرقل أنشطتهم، إذ تغلب على الجالية المسلمة الطابع القطري، وينقصها الرؤية الواضحة والتنسيق المشترك.
كما أوضح أن عموم المسلمين لم يستوعبوا بعد المخاطر التي تهددهم بسبب انقساماتهم وبعدهم عن العمل السياسي، فلو أن كل مسلم أدلى بصوته في الانتخابات فقد يؤثر ذلك على طبيعة النتائج.
وأشار إلى أن قلة الوعي بالدور والمسؤولية والمخاطر التي تهدد المسلمين أفراداً وجماعات ومؤسسات تبقى أكبر عقبة أمام تقدمهم ليس في المجال السياسي فحسب بل في الحضور الإسلامي ككل.
تنامي اليمين المتطرف
وفي سياق متصل، أكد بن مخلوف أن أوروبا شهدت خلال السنوات الأخيرة تطورات تمثل تحدياً أمام المسلمين، من أهمها تنامي اليمين المتطرف الذي يستهدف المسلمين عن غيرهم.
وأضاف أن اليمين المتطرف في أوروبا انتقل من مرحلة العمل الوطني إلى التنسيق الأوروبي، وأوضح أن فوز دونالد ترمب بالرئاسة الأمريكية، وتصريحات العنصرية تمثل تحدياً كبيراً لمسلمي أوروبا الذين يجدون أنفسهم وجهاً لوجه مع يمين يزداد تطرفاً يوماً بعد الآخر.
وأشار إلى أن أحزاب اليمين المتطرف أحادية الفكر ولا تؤمن بالتعددية، وتعمل على استغلال الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وأن أكثر اليمين خطورة هو الذي ينطلق من عداوته للمسلمين من منطلق عقدي وليس سياسي، فهؤلاء لديهم خوف كبير من فقدان الثقافة والهوية الوطنية الأوروبية بسبب تزايد المسلمين.
ولفت بن مخلوف إلى أن اليمين يسعى لفرض حصار على المؤسسات الإسلامية ويسحب منها الشرعية القانونية التي حصلت عليها، لذلك فهو يصعد في خطابه تجاه الإسلام والمسلمين بشكل متواصل متجاوزا بذلك كل الخطوط الحمراء ويسعى جاداً لتعميم هذا الخطاب على باقي الأحزاب وخاصة التي عرفت بتضامنها مع المسلمين، بينما شعبيا يسعى في خطابه إلى تأجيج روح العداوة والتصادم بين المواطنين المسلمين مع باقي فئات الشعب.
وعن كيفية مواجهة صعود اليمين المتطرف، والوقوف في وجه الهجمة الشرسة التي يتعرض لها المسلمون، قال: لا بد من تكاتف كل جهود العاملين والمناصرين للحرية والمساواة والرافضين لكل أشكال التمييز العنصري، وهو ما يستدعي من المسلمين إستراتيجية موحدة تنسق بين المسلمين بكل مدارسهم ومذاهبهم ومشاربهم، بالإضافة إلى التشبيك مع باقي مؤسسات المجتمع المدني حتى لا ينفرد اليمين المتطرف بالمسلمين.
كما أشار إلى ضرورة طرق المسار الحقوقي للدفاع عن المسلمين في كل المحافل الأوروبية والدولية، وشدد على ضرورة انفتاح المؤسسات الإسلامية على المسلمين بكافة أصنافهم، إذ أن نجاحها في وصولها وتواصلها مع كل الفئات المسلمة هو أحد السبل لمواجهة آثار المد العنصري، إلى جانب الانفتاح على المؤسسات غير المسلمة والتنسيق المشترك معها للتقليل من أضرار اليمين المتطرف.
وأكد الرئيس السابق لاتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا على أهمية تفاعل المسلمين أفراداً ومؤسسات مع قضايا المجتمع، وأن يتحولوا إلى مواطنين يستفيدون من حقوقهم، لا سيما أن هدف اليمين المتطرف هو نزع صفة المواطنة عن المسلمين وتحويلهم إلى وافدين أو مواطنين من الدرجة الثانية حتى لا يتمتعوا بكامل حقوق المواطنة.
كيف تدار المؤسسات الإسلامية في أوروبا؟
ومن جهة أخرى أضاف بن مخلوف أن “اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا” له لوائحه التي يسعى من خلالها إلى ضبط العمل في مؤسساته الأعضاء، موضحا في الوقت نفسه أن الاتحاد لا يتدخل بشكل مباشر في عمل الجمعيات والمراكز الفرعية التابعة له في المدن الأخرى.
وردا على سؤال حول “هل تدار المؤسسات الإسلامية بديكتاتورية أم بديمقراطية؟ قال بن مخلوف: إن اتحاد المنظمات الإسلامية وضع عدة ضوابط للحيلولة دون السقوط في مطب الدكتاتورية وتغليب الفردية، من بينها التداول على المسؤولية حيث لا يسمح للرئيس بأكثر من دورتين.
وأشار إلى أن الجمعيات الإسلامية التي لها دور ملحوظ في أوروبا، هي التي تعتمد في إدارتها على أهل الخبرة والكفاءة ومن هم على دراية بخصوصية المجتمع الأوروبي.