التعامل مع الطفل العصبي.. رؤية تربوية ودينية

محرر المنوعات

24 نوفمبر 2025

50

يولد الطفل على فطرة نقية هادئة، إلا أن البيئة من حوله، وتطوراته النفسية والعقلية، قد تجعله أكثر حساسية أو انفعالًا من غيره، حينها يجد الوالدان أنفسهم أمام طفل سريع الغضب، تتصاعد مشاعره بشكل مفاجئ، فتكثر التساؤلات؛ كيف نُهَدِّئه؟ وكيف نزرع في قلبه السكينة؟

حينها يتبين أن التعامل مع الطفل العصبي ليس مسألة سلوك فحسب، بل هو بناء لنفس صغيرة تتعلم التعبير عن مشاعرها، وتبحث عمن يحتويها لا من يعاقبها، ولذا جعلت الشريعة الإسلامية الصبر والرفق والعدل مفاتيح تهدئ انفعالات الطفل، وتعيده إلى فطرته السوية.

فهم عصبية الطفل

إن التعامل مع الطفل العصبي يبدأ دائمًا من الفهم؛ فالعصبية قد تكون نتيجة لضغوط بيئية أو تحديات داخلية لا يستطيع الطفل التعبير عنها بطريقة ناضجة أو مباشرة، وقد ترتبط الانفعال بعوامل وراثية أو صعوبات تعلم أو مشكلات في التواصل كما أشارت الدراسات النفسية، وكلما أدرك الوالدان أن العصبية ليست عنادًا مقصودًا من الطفل، أصبح التعامل معه أكثر حكمة وهدوء، ولذا يجب أولًا التعرف على مصدر العصبية وأسبابها.

تعزيز المهارات العاطفية لدى الطفل

بعد التعرف على أسباب عصبية الطفل لا بد من تنمية الذكاء العاطفي لديه؛ حيث يجب أن يتعلم الطفل كيف يتعرف على مشاعره، ويميز بين الغضب والخوف أو الحزن؛ لأن ذلك يساعده على التحكم في تصرفاته، ولذا يجب تدريب الطفل على عدة تمارين يمكن أن تمنحه الشعور بالسيطرة على انفعالاته مثل التنفس العميق أو العدّ البطيء.

البيئة الآمنة والأسرة الهادئة

لا يكتمل التعامل مع الطفل العصبي دون بيئة منزلية هادئة، وفي حالة العجز عن توفر هذه البيئة، فمن المستحيل التغلب على عصبية الطفل، ولذا يجب على الوالدين الحفاظ على نبرة صوت مستقرة أثناء نوبات الغضب، لأن انفعال الأهل يزيد من تهيّج الطفل وعصبيته، وإذا ما عجز الوالدان عن ذلك، لا بد أن يلجؤوا إلى مكان أو زاوية بعيدة عن الطفل حتى لا يؤثر ذلك سلبًا عليه.

ضبط السلوك بحدود واضحة دون قسوة

إن من ركائز التعامل مع الطفل العصبي وضع قواعد ثابتة للسلوك المقبول، مع الالتزام بالهدوء في تطبيقها؛ ذلك لأن العقاب القاسي يزيد من العصبية ولا يعالجها، بينما يفيد الوقت المستقطع (إبعاد الطفل بشكل مؤقت عن الموقف الذي تسبب في عصبيته)، أو سحب الامتيازات منه كعقوبات تربوية متوازنة تهدف لتصحيح سلوكه لا لقمعه.

المنظور الإسلامي في تهدئة الطفل العصبي

تقدّم التعاليم الإسلامية نموذجًا رفيقًا في التعامل مع الطفل العصبي، يقوم على الصبر، واللين، وتجنّب القسوة، والاستعانة بالأذكار، والاستعاذة عند اشتداد الغضب، ومنها أيضًا تغيير الوضعية أو المكان الذي تسبب في غضب الطفل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا غضبَ أحدُكم وَهوَ قائمٌ فليجلِسْ فإن ذَهبَ عنْهُ الغضبُ وإلَّا فليضطجِعْ»، كما يجب تهدئة الطفل بالكلام اللين الحسن، مع ضرورة احتوائه ومسامحته بعد زوال الانفعال.

من هنا يمكن القول: إن التعامل مع الطفل العصبي عبارة عن مسار تربوي يبني شخصيته، ويهذب قلبه، وإن الجمع بين الفهم النفسي، والهدوء التربوي، والرفق الإسلامي؛ يجعل الطفل أكثر قدرة على التحكم في مشاعره وانفعالاته.


انظر أيضًا


_________________

1- موقع «الآباء».

2- موقع «بناء التربوي».

3- موقع «الإسلام سؤال وجواب».

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

جميع الأعداد

ملفات خاصة

مدونة