فأين أُخـوَّتُنا الإسلامية؟!

شريف قاسم

02 أكتوبر 2025

48


في غمرة ابـتزاز طغاة الأرض في هذا العصر للأمة الإسلامية المترامية الأطراف، ومحاولات سلخ الأمة من مكانتها العالمية، ومن عزتها الإيمانية بالله، ومن مجدها التاريخي العظيم، ومن السيطرة على البلاد والعباد والخيرات التي تكتنزها بلاد المسلمين، بل وطرد أهل فلسطين منها، وتمكين الغزاة المحتلين من صهاينة العالم من احتلالها بعد الفظائع التي ارتكبوها أمام جميع الخلق.

في ظل كل هذا، هـل يستيقظ شعور المسلمين بوعي واعتزاز بالله ومحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وبإيمانهم ببشرياته صلى الله عليه وسلم بسيادة الأمة الإسلامية، وبهموم إخوانهم المسلمين أمر مطلوب، بل هو دليل على صدق الإيمان.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى» (متفق عليه)، وهو دليل على أن شعور المسلم بأحوال إخوانه المسلمين أو انعكاس أحوالهم في السَّـــــــراء والضَّــــــــــراء عليه دليل على اتصافه بصفات المسلمين:

المزايا وللوفا ترجمانُ        وبأفيائها الخِصالُ الحِسانُ

فهي الأخلاقُ الحميدةُ تزكو        حيثُ فاحتْ كأنَّها الريحانُ

لم يزل صادقا قرينُ صفاتٍ        عطراتٍ يحبُّها الأخدانُ

فأخٌ يحفظُ الودادَ ويحيا         مطمئنًا وهكذا الفتيانُ

فتيةٌ آمنوا بربٍّ كريمٍ         فحباهم فربُّنا الرحمنُ

وبآياتِ ربِّهم قد تغنَّوا        إذ أثارَ استشرافَهم فرقانُ

فتهادوا بهنَّ بين قلوبٍ        شأنُهُنَّ الهدى فطابَ الأمانُ

فَتَثَنَّى بها التَّقيُّ ابتهاجًا        ولإخوانه الكرامِ امتنانُ

ما جفاهم إنَّ المحاسنَ تبقى        شاهداتٍ آثارُها واللسانُ

فحديثٌ مترجِمٌ عن فؤادٍ        في ثناياهُ صدقُه والحنانُ

والإخاءُ المحمودُ رفرفَ فخرًا        بيديه ويصدقُ الوجدانُ

فالجَنَى في حقوله طاب شَهدًا        والسَّجايا في زهوها الأفنانُ

وعلى الموردِ الهنيِّ شبابٌ        قد أظلَّ انبجاسَه القرآنُ

ليس يشقى أخو العقيدةِ إنْ ما        هذَّبَتْهُ آياتُه والبيانُ

ومن السُّنَّةِ الشَّريفةِ تحظى        أنفُسٌ بالمنى فيحلو الزمانُ

ورعتْهم آدابُهم ما عَرتْهم        نغزاتٌ أو نالَهم خسرانُ

في مغاني الإيمان باللهِ عاشوا        فلهم رِفعةٌ تُرَى واتِّزانُ

ولهم ذكرُهم كمجدٍ تسامى        تتغنَّى بشدوه الركبانُ

كيف لا تُعْمَرُ البلادُ رُقِيًّا        ولديها شبابُها الفرسانُ

وهُمُ الصِّيدُ والفضائلُ كُثرٌ        والمزايا لأهلِها الشُّكرانُ

ولهم في وجه الليالي حكايا        مقمراتٌ نديمُها جذلانُ

وترقُّ الأخلاقُ في كلِّ قلبٍ        وينالُ استحسانَها السكانُ

أثمرتْ جنَّةُ الإخاءِ وغابت        عن جناها الأهواءُ والأضغانُ

أطيبُ الذكر للتُّقاةِ فطوبى        لشبابٍ تقواهُمُ العنوانُ

إنَّ وُدًّا آثارُه باقياتٌ        منه يُسقَى الحيرانُ والظمآنُ

فَتَحَرَ الرفاقَ واحذرْ فسادا       في نفوسٍ يسوقها الشيطانُ

وتناءى -أخا العقيدةِ- عمَّنْ        زاغَ وانحازَ مالَه إيوانُ

وتعرَّى من المحاسن خِبٌّ        وتولَّى مشوارَه العُريانُ

فالإخاءُ المحمودُ نعمةُ ربي        لقلوبٍ بستانُها فينانُ

فهو الوعيُ والعقيدةُ يُملي        بهما للأفاضلِ العرفانُ

وتواصوا بالحقِّ حيثُ لديهم        للوصايا بالمكرمات اقترانُ

هو فضلُ الإيمانِ في كلِّ قلبٍ        فظلالٌ رخيَّةٌ وحنانُ

نُزعَ الغِلُّ من نفوسٍ تصافتْ        فتناءتْ عن وصفها الأضغانُ

فالفتى الفذُّ عاشَ مخمومَ قلبٍ        فَتَقِيٌّ هذا الفتى مِعوانُ

وحواليه في الأُخُوَّةِ ركبٌ        أكبَرَتْ مجدَ سعيِه الركبانُ

ذكَّرتْهم آياتُ ربِّي حقوقًا        حيثُ تُصغي لوقعِها الآذانُ

فتسامتْ عن الدنايا نفوسٌ        وحباها مقامَه الإحسانُ

ليس تخشى من ظالمٍ أو أثيمٍ        أو خَؤون مآلُه الخسرانُ

مُجْتَناها من العقيدة عزٌّ        وجهادٌ أفواجُه الفرسانُ

ومداها بذلُ العقيدةِ تحمي        من ضلالٍ يثيرُه العصيانُ

في زمانٍ أشرارُه قد تمادوا        وأُثيرتْ بوجههم أضغانُ

والليالي فلم تكنْ آمناتٍ         فالتَّماسيحُ دأبُها الحيتانُ

فصدورٌ ممزَّقاتٌ وفيها       من حكايا يذوبُ منها الجَنَانُ

ولأهوالِها الفظيعةِ تُدمي        من قلوبٍ من أهلها الولدانُ

لا تسلْها فالفاجعاتُ يُعاني        من لظاها وشرِّها السُّكانُ

غير أن الإخاءَ يبقى جليًّا        في أيادٍ يصونُها الشجعانُ

فتصدَّوا لكلِّ طاغٍ أثيمٍ        واضمحلَّ الترهيبُ والإذعانُ

فهي الأمَّةُ التي ليس تفنى        فعظيمُ ابتعاثها الإيمانُ

ولديها من إخوةِ العزِّ ركبٌ        لا يبالي بالمحنةِ الأعيانُ

هم ليوثُ الوغى إذا الساحُ نادتْ       وتراءتْ للمؤمنين الجِنانُ

فالأضاحي هم الأهالي وهذي        واجباتٌ وأهلُها ما هانوا

فهم القومُ نهجُهم في المثاني        قد دعاهم لفضله الرحمنُ

فبإسلامنا العظيمِ انتصارٌ        سَيُوافي وعزَّةٌ وأمانُ

وستُطوَى مكائدُ الغزو مهما        قد تَمَنَّى اجتثاثَنا العدوانُ

بيدِ اللهِ وحدَه ما عرانا        وستُطوى أحقادُهم والهوانُ

ظنُّنا باللهِ القديرِ يقينٌ        لن يسودوا فللطغاةِ امتهانُ

ولهذي المؤامراتِ اندثارٌ        وذووها والعربداتُ تُهانُ

قبَّحَ اللهُ رأيَهم فأمانيهم        سرابٌ تلفُّه الأكفانُ

وقُواهم من فوقها قوةُ اللهِ        وتفنى الحشودُ والصولجانُ(1)

فانتظرها: مشيئةُ اللهِ أبقى        ولديها رغم العدا البرهانُ

 

 

 

_______________________

(1) الصولجان أو المِيحار أو المِيجَار: قضيب أو عصا اعتبرت دائماً علامة على السلطة، والمراد هنا تسلط الأعداء وتطاولهم واستخفافهم بغيرهم.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة