5 طرق تُحوّل الغضب إلى طاقة إيجابية
من منا لا يغضب؟!
الإجابة بالتأكيد ستكون: لا يوجد؛ لأن الغضب شعور إنساني، مثله مثل الفرح،
والحزن، والابتسام، والضحك، وغيره من المشاعر الإنسانية التي تلازم الإنسان في
حياته، وقد تكون صفة له، فيقال: إنه سريع الغضب، أو إنه هادئ الطباع.
تتعدد أسباب الغضب، وتختلف من إنسان إلى آخر، كما تختلف عواقبه، وفق درجة
الغضب، والحالة النفسية للإنسان الذي قد يظهر الغضب كرد فعل فوري على الشعور
بالظلم أو الأذى أو الرفض لأمر ما، إضافة إلى رد الفعل من الآخر.
روى أبي هريرة أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: «لا
تغضب»، فردد مراراً، فقال: «لا تغضب» (رواه البخاري).
يقول ابن التين الصفاقسي: جمع صلى الله عليه وسلم في قوله «لا تغضب» خير
الدنيا والآخرة؛ لأن الغضب يؤول إلى التقاطع، وربما آل إلى أن يؤذي المغضوبَ عليه
فينتقص ذلك من دينه.
هذه السطور تنقلك إلى بُعد جديد، يتعلق بإمكانية تحويل الغضب إلى طاقة
إيجابية، وروح جديدة قادرة على التغيير، ووسيلة محفزة للتغلب على السلبية، حال نجح
الإنسان في ضبطه وإدارته بفعالية.
أولاً: يمكن توظيف الغضب كأداة للشعور بالراحة النفسية، عبر التنفيس عن
شحنة سلبية داخل الإنسان، أو مشاعر مكبوتة، دون أن يخرج عن السيطرة، أو يترتب عليه
ضرر، أو أن يتجاوز الغاضب في حق الآخرين بالسب والشتم والضرب، وهو ما حذرنا منه
النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «ليس الشديد بالصرعة، ولكن الشديد الذي يملك
نفسه عند الغضب» (رواه البخاري).
ثانياً: يفضل سريعاً لجم الغضب، وإسكاته، بالاستعاذة من الشيطان الرجيم،
والوضوء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان
خلق من النار، وإنما تبرد النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ» (رواه أحمد وأبو
داود).
فإن اشتد الغضب، فليغير الغاضب هيئته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا
غضبت فإن كنت قائماً فاقعد، وإن كنت قاعداً فاتكئ، وإن كنت متكئاً فاضطجع» (حديث
صحيح).
ثالثاً: تقييم الموقف، والنظر إلى ما حدث باعتباره تحدياً، يجب تفهم طبيعته
ومآلاته؛ أي لماذا أنت غاضب؟ وهل يستحق الموقف هذا القدر من الغضب؟ وماذا بعد
الغضب؟ وهل غضبي سيحل المشكلة؟ وكيف أحول غضبي إلى نتيجة إيجابية؟
هذه التساؤلات وغيرها، ستنقلك من حالة الغضب إلى حالة إدارة الغضب، بما
يمنحك مرونة نفسية عالية، وقدرة أكبر من التحكم والسيطرة على مشاعرك وانفعالاتك.
رابعاً: عند إدارة الغضب تبدأ عملية اقتراح الحلول، ومناقشة الأمور
بموضوعية، وربما تدوين بعض المقترحات أو النقاط المهمة التي تتعلق بالمشكلة
المسببة للغضب، هكذا يمكن تحويل الغضب من طاقة سلبية إلى إيجابية، ومحفزاً للتغيير
الإيجابي، بل يمكن تحويل الأمر إلى مهارة، تمكن الشخص من تحويل المواقف الشائكة
لصالحه، فحين نسيطر على الغضب ونديره بوعي، يمكننا التغيير، وحلحلة الأزمات، وكسب
الآخرين.
خامساً: من الأفضل التحصن بحاضنة اجتماعية، ومجموعات دعم وتحفيز؛ لأن وجود
شبكة دعم قوية حول المرء يمكن أن يساعد في تقليل مشاعر الغضب أو توجيهها بشكل
بنّاء، وقد تساعد مجموعة الدعم الاجتماعي على تنفيس الغضب بشكل أقل ضرراً، وقد
تحتوي الغاضب، وتلفت نظره إلى ما لا يراه، بشكل تصبح معه إدارة الغضب والسيطرة
عليه بوابة للتعافي والشفاء، وفرصة لاتخاذ خطوات إيجابية، واكتساب خلق رفيع، جعله
الله من صفات المحسنين الذين يحبهم المولى عز وجل، قال سبحانه وتعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ
عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران: 134).