الكويت تكثّف جهودها لمواجهة التصحر: خطط وطنية، تعاون دولي، وتحذيرات بيئية متصاعدة

سامح ابو الحسن

11 ديسمبر 2025

91

 تشهد الكويت في عام 2025 موجة متصاعدة من التحديات البيئية المرتبطة بالتصحر وتدهور التربة، في وقت تؤكد فيه الجهات الرسمية والخبراء ضرورة التحرك السريع للحد من آثار الظاهرة التي باتت تهدد الأمن البيئي والغذائي وجودة الحياة في البلاد.

تصحر متسارع ودراسات أممية تحذر

تشير دراسات للأمم المتحدة إلى أن العواصف الترابية التي تضرب الكويت تقطع أكثر من 250 كيلومترًا من حركة الرمال المعلقة، ما يتسبب بأضرار كبيرة على النظم البيئية والبنية التحتية وصحة السكان. ويصف خبراء البيئة هذه العواصف بأنها “تسونامي صحراوي” يتزايد بفعل تغير المناخ وتراجع الغطاء النباتي في المنطقة.

وفي تعليقه على الوضع الراهن، قال د. مبارك الهاجري، رئيس الجمعية الكويتية لعلوم الجيولوجيا، إن الكويت تواجه تهديدًا بيئيًا معقدًا يستدعي «تحركًا فوريًا ومنسقًا» مشيرًا إلى أن التصحر «لم يعد مجرد مشكلة بيئية، بل قضية تمس صحة الإنسان والأمن الغذائي والاقتصاد».

وأضاف أن إستراتيجية الكويت للوصول إلى الحياد في تدهور الأراضي تستهدف خفض نسبة الأراضي المتدهورة من 72% عام 2016 إلى ما بين 35% و40% بحلول عام 2040، عبر برامج للتشجير، وإعادة تأهيل الصحراء، وتطوير إدارة المياه، وتوسيع المحميات الطبيعية.

عواصف إقليمية تزيد الضغط على الكويت

خلال أبريل 2025، ضربت المنطقة واحدة من أشد العواصف الرملية في العراق، امتدت آثارها إلى الكويت، حيث تجاوزت سرعة الرياح 50 ميلاً في الساعة وانعدمت الرؤية تمامًا في بعض المناطق، بحسب تقرير نشرته صحيفة الجارديان.

ويحذر الخبراء الدوليون من أن التغير المناخي والتصحر المتسارع في المنطقة—خصوصًا في السعودية وسوريا والعراق—يسهمان في تضخيم هذه الظاهرة العابرة للحدود.

مشروع مشترك مع العراق: معالجة الكثبان الرملية

وفي مواجهة هذا التحدي الإقليمي، أعلنت وزارتا الزراعة في العراق والجهات المختصة في الكويت عن مشروع ثنائي لمعالجة الكثبان الرملية في جنوب العراق للحد من تحرك الرمال ومصادر العواصف الرملية، وفق ما نشرته منصات.

وقال مدير الغابات والتصحر في وزارة الزراعة العراقية، باسـم عبدالجبار، إن المشروع «يستهدف الحد من الآثار السلبية للعواصف الرملية»، مضيفًا أن العراق يعمل مع الكويت وعدد من الهيئات الدولية لتطوير معالجات مستدامة.

الهيئة العامة للبيئة تؤكد التزامها: برامج لإعادة تأهيل الأراضي وزراعة المانجروف والسدر

بدورها، أكدت نوف بهبهاني، المدير العام بالوكالة للهيئة العامة للبيئة، في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، أن الهيئة تعمل على «برامج فعّالة للتصدي لظاهرة التصحر»، مع التركيز على حماية التربة والموارد الطبيعية.

وشملت المبادرات:

·       زراعة المانجروف في محمية الجهراء لتعزيز الغطاء النباتي الساحلي وحماية التربة من التآكل.

·       زراعة أشجار السدر لقدرتها على مقاومة الجفاف وتثبيت التربة.

·       تنفيذ حملات توعوية وتشجيع الاستخدام الرشيد للأراضي.

وأكدت بهبهاني التزام الكويت باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، ضمن رؤية وطنية لتحقيق «توازن بيئي يخدم المجتمع على المدى الطويل».

تعاون جديد مع الصين لتطبيق حلول مبتكرة

كجزء من خطة وطنية شاملة، تبحث الكويت تنفيذ مشروع تجريبي مشترك مع شركة صينية على مساحة 850 ألف متر مربع لمكافحة زحف الرمال، يشمل:

·       تثبيت الرمال

·       التشجير

·       تقنيات ري حديثة

·       حفر آبار واستصلاح الأراضي

وأشاد وزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة د. صبيح المخيزيم بالعلاقات الكويتية–الصينية، مؤكداً أن المشروع يُعد خطوة نوعية نحو تطبيق حلول بيئية مبتكرة وتوسيع نطاق مكافحة التصحر.

البيئيون يحذرون: الأنشطة البشرية تزيد المشكلة

ورغم تعدد الجهود، يحذر ناشطون بيئيون من أن الأنشطة البشرية هي العامل الأكثر تأثيرًا، خاصة:

·       الرعي الجائر

·       المخيمات الربيعية التي تدمر التربة عبر مرور 400 ألف سيارة سنويًا

·       الزحف العمراني

·       التعدين العشوائي للرمال والصلبوخ

·       قيادة المركبات في المناطق الحساسة

وقال الخبير البيئي سعد العازمي، في تصريحات لصحيفة "الجريدة"، إن المشكلة الحقيقية تكمن في «عدم تطبيق القوانين والرقابة»، داعيًا إلى إقامة مزيد من المحميات الطبيعية وتنظيم الرعي ومنع التعديات على البيئة الصحراوية.

توصيات الخبراء والمختصين

يتفق الخبراء أن نجاح الكويت في مواجهة التصحر يتطلب:

·       تشديد تطبيق القانون على الأنشطة المدمرة للتربة.

·       زيادة المساحات المحمية واستعادة المناطق المتدهورة.

·       إعادة تأهيل الأراضي المتصحرة بأنواع نباتية محلية مقاومة للجفاف.

·       التعاون الإقليمي لمعالجة مصادر العواصف خارج الحدود.

·       استثمار أوسع في التقنيات البيئية مثل الاستشعار عن بعد والزراعة الذكية مناخياً.

وبينما تواصل الكويت جهودها لمكافحة التصحر من خلال مشاريع بيئية وطنية وشراكات دولية، يؤكد الخبراء أن السنوات المقبلة ستكون حاسمة، وأن نجاح هذه الجهود مرتبط بمدى التزام الجهات المعنية بتطبيق القوانين، وتعزيز الوعي المجتمعي، وتطوير سياسات مستدامة تحمي الأرض وتضمن مستقبلًا أكثر استقرارًا بيئيًا للأجيال القادمة.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

جميع الأعداد

ملفات خاصة

مدونة